تهريبة التمديد للبلديات مُخرجها باسيل
التمديد للبلديات قد تحول بالنسبة لباسيل إلى “ممر عبوري” نحو بري من أجل إعادة صياغة توازنات جديدة على قياس النائب البتروني الذي يسعى إلى بسط سيطرته على التيار وجعله باسيلياً لا عونياً
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
يبدو أنّ السلطة الحالية تقوم بممارسة حكم البلد عبر التمديد والفراغ الذي بدأ يجتاح كلّ الموسسات بدءاً من رئاسة الجمهورية ونزولاً، وكذلك التمديد الذي سيطال الآن البلديات للمرة الثالثة بعد أن انتهت مدة مجالسها المنتخبة عام ٢٠٢٢. وهكذا فالتمديد الثالث يرتكبه مجلس النواب الحالي الذي أعلن رئيسه نبيه بري قبل اجتماع هيئة مكتب المجلس الذي انعقد قبل أيام من الجلسة العامة أنّ التمديد سيحصل، وكانت مهدت له الحكومة الميقاتية وتواطأت معه إذ قام وزير الداخلية بمهزلة التوقيع على إجراء الانتخابات في ٤ آذار الماضي أي قبل أكثر من شهر ونصف الشهر على إقرار التمديد في المجلس. وكان الطبخ قائماً في هذه الأثناء بين “الثنائي الشيعي”، صاحب فكرة التمديد بحجة الوضع الأمني، ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي كان سبق وشارك في المرات السابقة بحجة “تشريع الضرورة لتأمين حاجيات الناس”، إذ في المرة الأولى عام ٢٠٢٢ كانت الحجة أنه من الصعب إجراء انتخابات نيابية وبلدية ورئاسية في الفترة نفسها، علماً أنه لم يكن هناك أيّ ذريعة أمنية أو سياسية، وإنّما لأنّ الطبقة السياسية غير معتادة على ممارسة الديموقراطية بهذا المستوى وبهذا الكم الواسع، كما أنّ همّ العونيين يومها كان تحديداً عدم مواجهة ناخبي الشارع المسيحي بعد انفراط عقد اتفاق معراب مع القوات اللبنانية، وبالأخص الفشل الذريع لسياسة ميشال عون ومضاعفات ثورة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ التي اجتاحت عهده ودخول ١٣ ممثلاً عنها إلى البرلمان.
عدا عن أنه سبق وقامت حكومة ميقاتي الثانية عام ٢٠١٣ بالتمديد لمجلس النواب من دون أن تكون هناك أسباب وجيهة لا أمنية ولا اقتصادية وإنما حسابات ضيقة للقوى السياسية في الربح والخسارة.
واليوم يلتقي باسيل مع الثنائي الشيعي في حجة “الوضع الأمني في الجنوب وضرورة تأمين استمرارية السلطات المحلية” علماً أنّ هناك أولاً ١٥٨ بلدية منحلة أو معطلة من أصل ١٠٦٤ أي ما نسبته نحو ٢٠٪ منها، وثانياً لأن نشاطها شبه مشلول بفعل قدراتها المالية التي تقلصت بنحو ٨٠ بالمئة نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالبلد وانهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار… ناهيك عن أنّ السبب الجوهري لدى “الثنائي الشيعي” هو في حال استمرّت “مشاغلة” “حزب الله” لإسرائيل على ما يبدو، فإنّ الطرفين يبدوان غير قادرين على ضبط الشارع الشيعي، إذ قد حصلت مشاحنة في بلدية الغبيري معقل الحزب قبل أيام وأدّت إلى استنفار الرؤوس الحامية في الحركة رداً على افتعال عملية انتزاع صورة لرئيسهم بري، وكادت أن تنتهي إلى صدام دموي.
إلا أنّ الأهم سياسياً هو أنّ التمديد للبلديات قد تحول بالنسبة لباسيل إلى “ممر عبوري” نحو بري من أجل إعادة صياغة توازنات جديدة على قياس النائب البتروني الذي يسعى إلى بسط سيطرته على التيار وجعله باسيلياً لا عونياً، كما سبق وأكد كاتب هذه السطور قبل شهرين، فها هو يمد جسوره في جزين إلى النائب السابق إبراهيم عازار المقرب من بري في محاولة لإعادة بناء ما تهدم في الانتخابات الأخيرة، وكذلك في المتن عبر التقارب المشترك بينه وبين الوزير السابق إلياس المر الذي لاقاه قبل أيام على محطة “الجديد” في منتصف الطريق بعد القطيعة بين عمه وميشال المر، وبالأخص بعد أن طرد الياس بو صعب (الأرثوذكسي هو الآخر) المتني من التيار. وربما هناك “تطهير” آخر على طريق التمديد البلدي في حسابات الربح الباسيلي تنتظر الجمهور العوني!
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |