إيران والممانعة: دروس في الحرية
فجأة، ومن دون سابق إنذار، تحوّلت إيران إلى قبلة أنظار الأحرار في تبني شرعة حقوق الإنسان بكل مندرجاتها، لم يعتد وزير خارجية طهران حسين أمير عبد اللهيان على مثل هذه المشاهد المقززة: شرطي يعتقل شابة، أو يقيد شاباً ويتلو عليه حقوقه قبل دفعه إلى عربة الشرطة
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
أن تكون، كمواطن عربي مع الحركات الطلابية في أكثر من خمسين جامعة في الولايات المتحدة الأميركية ومع ما شهدته جامعات فرنسا وألمانيا والغرب الكافر عموماً، وأن تكون ضدّ عنف رجال الشرطة المفرط لفض الإعتصامات و”قبع” الخيم فذلك أمر بديهي، لا بل هو أقل الإيمان لمن يعتبر حرية التعبير من المسلّمات.
لكن أن تنبري الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنظومة الممانعة في لبنان للتنديد بخنق الأصوات المساندة لفلسطين وبعنف رجال الشرطة المُمارس في جامعتي كولومبيا ونيويورك وبفض الإعتصامات بالقوة …فالأمر مدعاة للسخرية.
فجأة، ومن دون سابق إنذار، تحوّلت إيران إلى قبلة أنظار الأحرار ودولة مثال في تبني شرعة حقوق الإنسان بكل مندرجاتها. فوزارة خارجية الجمهورية الإيرانية أعلنت أنها “لا تقبل التعامل العنيف مع الأوساط الأكاديمية ومطالب الطلاب في الجامعات الأمريكية”. لم يعتد وزير خارجية طهران حسين أمير عبد اللهيان على مثل هذه المشاهد المقززة: شرطي يعتقل شابة. أو يقيد شاب ويتلو عليه حقوقه قبل دفعه إلى عربة الشرطة.
“تجاهلت الحكومة الأمريكية التزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال منح الإذن لشرطة هذا البلد بالتعامل بعنف مع مطالب الطلاب وقمعهم، خاصة الأوساط الجامعية” قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، يبدو أنه لم يتسنّ له قراءة تقرير بعثة تقصي الحقائق الأممية بشأن الإحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني الصادر قبل شهر ونيّف. ذكرت “البعثة إنّ عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والتعذيب والاغتصاب تظهر أن السلطات الإيرانية “ارتكبت جرائم ضد الإنسانية.
لم يقرأ ولم يسمع الناطق باسم خارجية طهران بمراهقة اسمها نيكا شاكارامي 16 سنة التي قتلت في أيلول 2022 بيد ثلاثة من رجال الأمن بعد اغتصابها. تهمة شاكارامي رمي حجابها بوجه القيّمين على الأخلاق. نالت عقابها.
هال القيادات الإيرانية الطالعة من رحم حقوق الإنسان والديمقراطية وتقديس الحريات وتقدير السينمائيين الإيرانيين ومغنّي الراب… “تفظيع” رجال الشرطة الأميركيين بطلّاب الجامعات وقمعهم. ومن فرط استيائه من محاولات خنق الحريات أعلن رئيس جامعة شهيد بهشتي، وبمبادرة شخصية، استعداد جامعته “لاستقبال كل طالب يتم طرده من الجامعات الأميركية” وحرك طلّابه في اعتصام غب الطلب هتفوا في خلاله: الموت لأمريكا. وجدير بالذكر أنّ تلك الجامعة بالذات شهدت مواجهات مروعة عقب قتل مهسا أميني. العرض المقدم من رئيس جامعة شهيد بهشتي محمد أمين آقامري يتضمن “منحة دراسية تشمل تكاليف الدراسة والسكن بشكل كامل للمطرودين من جامعات أميركا وأوروبا وفي إمكانهم شتم أميركا بقدر ما يشاؤون. لا قيود على حرية التعبير”. السنة ما بقا تحرز. سنة الجاية ضلّك بخير مستر أقامري.
ضاق صدر الجامعات الأميركية في أميركا بصوت الأحرار، ففتحت جامعات إيران قلبها وفتحت جامعات الشيطان الأكبر في لبنان أبوابَها لطلّاب لكل لبناني حرّ ليرفع الصوت ويعتصم بشكل ديمقراطي وسلمي من أجل غزة. وكم بدا مشهد رفع طلّاب ليبراليين صورة شهيد “حزب الله” عماد مغنية في حرم الجامعة الأميركية في بيروت مؤثراً! وصدرت بحق مغنيّة أحكام سجنية تتعدى الـ 350 سنة بعد إدانته بسلسلة تفجيرات وأعمال خطف أودت بحياة المئات. و”أكتر من هيك حرية وديمقراطية لا يوجد”! بالفعل إيران وأحزابها مدرسة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم | الحكواتي الجديد |