آلاف العائلات الطرابلسية مهدّدة بالموت…نداء أخير قبل وقوع الكارثة
ليس سهلاً أن يبقى مواطن في منزله يراقب تمدد التشققات والأعمدة والأسقف يتأمل مصير أولاده إن سقط المنزل فوق رؤوسهم، فسقوط المباني كابوس تتشارك فيه آلاف العائلات في طرابلس إذ يرضى كثيرون أن يسكنوا بيوتاً تبدو أقرب للأقبية لأنهم ببساطة غير قادرين على تأمين منزل آمن
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
يتوالى مسلسل الانهيارات الجزئية يومياً في عدد كبير من الأبنية على امتداد الجغرافيا اللبنانية دون أن يتم الإعلان عن معظمها، وذلك بفعل قدمها وهشاشتها العمرانية وعوامل المناخ. فليس سهلاً أن يبقى مواطن في منزله، يراقب تمدد التشققات والأعمدة والأسقف ، يتأمل مصير أولاده إن سقط المنزل فوق رؤوسهم بخوف وصمته.. هذا ما يخبرنا به أبو بسام صاحب إحدى المنازل المهددة بالسقوط في منطقة طرابلس. فسقوط المباني كابوس تتشارك فيه آلاف العائلات في المدينة، إذ يرضى كثيرون أن يسكنوا بيوتاً تبدو أقرب بأقبية تشقها التصدعات وتقسمها، لأنهم ببساطة غير قادرين على تأمين منزل آمن.
سكان طرابلس يعيشون حالة من الخوف اليومي بسبب الأبنية المتصدعة والمتهالكة المنتشرة في كل أجزاء المدينة، ونداء أبو بسام تزامن مع نداء استغاثة محافظة الشمال حول وضع أبنيتها، بعد أن أشارت بلدية طرابلس إلى وجود ما يقارب 4000 مبنى مهدد بالسقوط.
موقع “هنا لبنان” تواصل مع المعنيين حيث أكدت مصادر من بلدية طرابلس أنّ “الوضع في المدينة محرج وخطر للغاية، الآلاف من سكان الأحياء الفقيرة يعانون من مشكلة المباني المتهالكة الآيلة للسقوط، التي يتعايشون معها رغم الأخطار”.
ولفتت المصادر إلى أنّ الزلازل التي حصلت في السنوات الأخيرة كشفت المستور عن وضع هذه الأبنية، فالبلدية تتلقى مئات الشكاوى من السكان يومياً، وهناك أكثر من 4000 مبنى مهدد بالسقوط ونحن نتحدث عن تراكمات منها الأبنية الباطونية التي تعود إلى منتصف القرن الماضي، ومنها الإسمنتية التي بنيت أساساً بطريقة بسيطة لكي تلائم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للوافدين إلى المدينة من الأرياف كمنطقة باب التبانة وجبل محسن وباب الرمل التي تشكل أحزمة البؤس حول المدينة”.
وتتعدد أسباب تهالك وتصدع الأبنية في طرابلس إذ تعددها المصادر قائلة: “الأسباب الطبيعية تعتبر من أبرز الأسباب كالزلازل وانزلاق الأرض والتربة، إضافة إلى عدم توفر الصيانة اللازمة والدائمة خصوصاً بالنسبة للأبنية القديمة، ناهيك عن المخالفات التي يرتكبها المطوّرون العقاريون وعدم احترامهم لقوانين البناء، في ظل غياب إشراف المراجع الرسمية على الأعمال المنفّذة”.
وتشدد المصادر على ضرورة أن يكون “للبلديات والنقابات دور في مراقبة أعمال البناء، لا أن يكون دورها محصوراً بدراسة الخرائط ووضع الرسوم فحسب”.
وكانت الهيئة اللبنانية للعقارات قد حذرت من ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان سلامة المواطنين. وشددت الهيئة على أنّ السلامة العامة لا تتسع لأيّ تهاون، ودعت الجهات المعنية إلى إجراء مسح شامل للأبنية الآيلة للسقوط واتخاذ الخطوات اللازمة لمنع حدوث أيّ كوارث.
ومن جهتها، حذرت الهيئة اللبنانية للعقارات من “أخطار انهيار الأبنية عموماً والقديمة منها خصوصاً”، داعيةً المواطنين “شاغلي الأبنية القديمة إلى توخي الحذر حرصاً على سلامتهم، خصوصاً مع التغيرات المناخية المتقلبة التي تؤثر على الخرسانة والإسمنت وتُسبب انجراف التربة وتفتت الصخر، ناهيك عن السيول التي تتراكم في أقبية وأساسات معظم الأبنية، مما يُسبب الرطوبة والعفن وتآكل الحديد”.
وأوضحت الهيئة أنّ “معظم الأبنية المشيدة قبل عام 2005 تفتقر إلى معايير السلامة العامة، ولا تُقاوم الزلازل والنيران والكوارث، كما أنّ غياب الصيانة الدورية عن معظمها ناتج عن قوانين الإيجارات الاستثنائية وفضائح الرخص العشوائية بسبب غياب الرقابة”.
وشددت على أنّ “السلامة العامة والوضع الراهن لا يتحملان أي أعباء وخسائر في الأرواح والممتلكات، ففي كل منطقة ومحافظة نسمع عن انهيار كلي أو جزئي، ولا تسلم الجرة كل مرة.
وختمت الهيئة بيانها مطالبةً “الجهات المعنية من بلديات ومؤسسات تابعة لها بعدم تأخير المسح الجدي للأبنية الآيلة للسقوط والأخطار المحدقة على البشر والحجر، ألا يكفينا ما حلّ بنا من مصائب؟”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |