أطفال يقعون ضحية الـ TikTok.. استغلال تجاري على يد أولياء أمورهم
ظاهرة استغلال الأهل لأطفالهم وعرضهم على وسائل التواصل الاجتماعي لغرض الشهرة تثير تساؤلات كثيرة حول آثارها النفسية والاجتماعية على الأطفال، إذ يمكن أن يؤثر هذا الأمر سلبًا على تطور هويتهم الشخصية ويزيد من نسبة شعورهم بالضغط النفسي بسبب قيامهم بأنشطة لا تتناسب مع رغباتهم أو احتياجاتهم الحقيقية
كتبت هانية رمضان لـ”هنا لبنان”:
في عصر يسيطر عليه عالم التواصل الاجتماعي، ومع تكشف الحقائق المروّعة حول استغلال بعض المؤثرين للأطفال، يقبل البعض على عرض أطفالهم على منصات TikTok،بهدف تحقيق الشهرة السريعة وجذب الانتباه.
هذه الظاهرة تثير تساؤلات كثيرة حول تأثيراتها النفسية والاجتماعية على الأطفال، الذين يُستخدمون لأغراض تجارية دون أن يتمّ الالتفات إلى حمايتهم وسلامتهم، فعلى الرغم من حاجة الأطفال إلى بيئة آمنة توفر لهم الاستقرار والأمان النفسي، يبدو أنّ بعض الأهالي مستعدون للتضحية بذلك من أجل هوسهم بالشهرة تحت عنوان “المحتوى البريء”.
من هنا تكمن خطورة استخدام الأهالي لتطبيق TikTok لعرض أطفالهم، حيث يمكن أن يؤثر هذا الأمر سلبًا على تطور هويتهم الشخصية ويزيد من نسبة شعورهم بالضغط النفسي بسبب قيامهم بأنشطة لا تتناسب مع رغباتهم أو احتياجاتهم الحقيقية، كما أنّ قسماً كبيراً منهم معرضون لمخاطر عدة أبرزها استغلالهم من قبل مستخدمين غير ملتزمين بقوانين الأمان الرقمي، ما يمكن أن يعرضهم للتحرش أو الاستغلال الجنسي.
الاختصاصية في علم النفس ميرنا حنبلي تحدثت لـ “هنا لبنان” عن تأثير استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي على الأطفال، مشيرة إلى أنّ الانخراط المفرط في هذه المنصات قد يؤدي إلى انعزال الأطفال وتدهور صحتهم النفسية.
وذكرت حنبلي بعض الآثار النفسية التي يتعرض لها الطفل أولها انخفاض الثقة بالنفس، حيث يشعر الأطفال بالضغط والقلق بسبب حاجتهم إلى إرضاء والديهم عبر tiktok، بالإضافة إلى اضطرابات الهوية التي تحصل نتيجة التعرض المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث يفقد الأطفال القدرة على التمييز بين الشخص الحقيقي والشخصية الافتراضية التي يظهرون بها.
وتابعت حنبلي حديثها بالقول أنّ انخفاض التركيز والأداء الأكاديمي هو من أحد أكثر الأمور شيوعاً بين الأطفال، بسبب التركيز المستمر على جمع المشاهدات والإعجابات.
وشددت حنبلي على أنّ التعرض المستمر على مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى انعزال الأطفال عن العالم الحقيقي والبعد الاجتماعي الفعال مع الأصدقاء والعائلة. كما أنّ تعرض الأطفال لضغوط نفسية كبيرة بسبب التعليقات والانتقادات عبر مواقع التواصل، يمكن أن يزيد من مشاعر القلق والاكتئاب لديهم.
وأعطت حنبلي أمثلة عن العديد من حالات الاكتئاب والقلق لدى الأطفال التي قابلتها بسبب التنمر الذي يحدث عبر منصات التواصل الاجتماعي، مشيرة ألى أن عدم متابعة هذه الحالات قد يؤدي إلى تراجع الوضع النفسي ما قد يدفع بالطفل إلى الانتحار.
وقدمت حنبلي بعض النصائح للأهالي لحماية أطفالهم على مواقع التواصل الاجتماعي منها، التوعية بمعنى أن يقدم الأهل شرحاً عن أهمية حماية الخصوصية والحفاظ على سلامة أطفالهم، مشددة على أهمية مراقبة ومراجعة نشاطاتهم على الإنترنت بشكل منتظم، والحرص على أن يكون لديهم حسابات تحت إشرافهم، مع ضرورة التحدث معهم بشكل منتظم حول تجاربهم على الإنترنت، وكيفية التعامل مع المواقف غير المرغوب فيها.
وختمت حنبلي كلامها بأهمية أن يقدم الأهل نموذجاً إيجابياً بالتصرف اللائق على مواقع التواصل واحترام خصوصية الآخرين.
وفي سياق متصل، شاركت الآنسة تانيا، معلمة الرياضيات في إحدى المدارس ببيروت، قصة تدهور المستوى التعليمي والأكاديمي لدى طلابها بسبب تأثرهم الشديد بالمؤثرين على TikTok. وحذرت تانيا من عدم مراقبة الأهالي لأطفالهم، ودعت إلى ضرورة التوعية بخطورة هذا الموضوع وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأطفال. مضيفةً أن بعض الطلاب لا يهتمون بالتعليم باعتبار أنه “غير منتج مادياً” كما الـTikTok، وطموحهم أصبح الوصول إلى شهرة المؤثرين واعتبارهم قدوة لهم، وتقليدهم بكل تفاصيلهم حتى لو كانت سلبية.
إذاً فحماية الأطفال مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق أهاليهم، واستخدام الأطفال واستغلالهم سيعرضهم لضغوطات نفسية كبيرة في مرحلة حساسة من عمرهم، وسيجعلهم محط أنظار وحوش مواقع التواصل الذين يحولون براءة الأطفال إلى ذعر وخوف.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بين النزوح الدراسي والأزمات التعليمية.. مدارس في مهبّ الفوضى | أمان النازحين في قبضة السماسرة.. استغلال وجشع بلا حدود | براءة الأطفال في مهب الحرب.. وجروح نفسية لا تَلتئِم! |