نصرالله يريد تعويم الأسد لا عودة السوريين
إذا كان نصرالله يريد عودة السوريين إلى بلادهم فلماذا لا يعمل على إعادة فتح الحدود البرية بين لبنان وسوريا التي يمسكها حزبه؟ وإذا استمر نصرالله بهذه الحمية في استمرار “مشاغلة” إسرائيل مقابل التضحية بمسؤوليه وكوادره، فهل يرى التضحية بالنازحين السوريين عبر زجّهم في البحر من أجل ابتزاز أوروبا؟
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
عشية انعقاد الجلسة النيابية لمناقشة هبة المليار يورو التي أعلنت عنها رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين والتي لم تقر بعد في بروكسل، قام أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله كعادته بشن هجوم على أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وكعادته أيضاً قام بتوجيه الحكومة ورئيسها المستقيل نجيب ميقاتي الذي يقوم بتصريف الأعمال سياسياً كما يريد نصرالله نفسه، وكذلك رئيس المجلس نبيه بري الذي يمون عليه، مطالباً بفتح البحر أمام النازحين لغزو أوروبا والولايات المتحدة التي ربما يجهل نصرالله أنه لا يمكنهم الوصول إليها عبر البحر، ويتصور “خطة للتحرك” يريده شاملًا وعليه إجماع قائلاً: “يجب أن نحصل على إجماع لبناني فلنفتح البحر أمام النازحين السوريين بإرادتهم بدلاً من تعريض رحيلهم للخطر عبر طرق غير شرعية وهذا يحتاج لغطاء وطني”، ويتابع: “وإذا اتّخذناه فسيأتي الأميركي والأوروبي إلى الحكومة لإيجاد حل فعلي والحديث بشكل جدي مع الحكومة السورية”. وهنا بيت القصيد أي إجبار مجلس النواب والحكومة على فتح خط مع النظام السوري وتبرئة ساحته وإعطائه بعضًا من الشرعية التي يرفض أولًا شعبه إعطاءه إياها وكذلك ترفض أوروبا وأميركا إعطاءه إياها. وقد لبى رئيس الحكومة طلبه على الفور بإعلان تراجعه عن ترؤس الوفد اللبناني إلى مؤتمر بروكسل حول النزوح السوري في ٢٧ أيار القادم وكلف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الحلول مكانه، وأعلن هذا الأخير باسم لبنان أنه سيطالب بمشاركة الحكومة السورية أي النظام في المؤتمر متناسياً أنه وحكومته ليست لديهم الشرعية كونهم حكومة مستقيلة لاتخاذ هكذا قرار، إذ لا يدخل ضمن إطار تصريف الأعمال، بل يطال قضية مفصلية في طبيعة علاقات لبنان الحر الديموقراطي مع نظام استبدادي في دولة جارة، نظام شرّد شعبه وأجبر أكثر من مليونين منهم على اللجوء إلى لبنان.
وبدل أن يحاول نصرالله تشديد الضغط على هكذا نظام ومحاصرته، يقترح على الحكومة أن تطالب واشنطن بإلغاء قانون قيصر الذي فرض على النظام السوري بعد أن وثّقت بالصور والشواهد كل أساليب القمع والتعذيب والقتل ضد السوريين، كما يطالب بإلغاء كل العقوبات التي فرضت على نظام الأسد من قبل أوروبا. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يريد نصرالله فعلًا عودة النازحين السوريين أم أنّ هدفه وهمه إعادة تعويم نظام حليفه الممانع الذي يريد استغلال القضية لتعويم نفسه سياسياً ومالياً؟ وإذا كان مهتماً حقًّا بالسوريين وعودتهم إلى بلادهم، وليس بالنظام فلماذا لا يعمل على إعادة فتح الحدود البرية بين لبنان وسوريا التي يمسك حزبه بها، خصوصاً وأن كثيراً من السوريين هم من مناطق وقرى حدودية مع لبنان، ولماذا لا يوقف التهريب الذي يمارسه الحزب على أنواعه، من نفط ودولار وسيارات تسرق وبضائع يتم المتاجرة بها، ناهيك عن الجرائم التي ترتكب في سوريا أو عبر الحدود وآخرها جريمة اغتيال المسؤول في القوات اللبنانية باسكال سليمان قبل أكثر من شهر!
إذا استمر نصرالله بهذه الحمية في استمرار “مشاغلة” إسرائيل مقابل التضحية بمسؤوليه وكوادره، فهل يريد التضحية بالنازحين السوريين عبر زجهم في البحر من أجل ابتزاز أوروبا؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية |