محاولة فرنسية جديدة لرأب الصدع الرئاسي وزيارة لودريان لجس النبض
تزامناً مع ذكرى التحرير في 25 من أيار سيشهد لبنان ضغوطات فرنسية أميركية سعودية منسقة خلال الأيام المقبلة بالتوازي مع ما أنجزته اللجنة الخماسية مما يخدم إنجاز الانتخابات الرئاسية ويحرز تقدماً ملموساً قبل حصول أي تطورات قد تقلب معها المعادلات في المنطقة
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
إرتفع منسوب التنسيق الفرنسي الأميركي السعودي والإتفاق على تحريك الملفات المترابطة مع بعضها البعض لا سيما منها حث القوى السياسية اللبنانية على إنتخاب رئيس للجمهورية في خضم الحرب الدائرة في غزة والمساندة على الجبهة الجنوبية في لبنان وضرورة فصل هذا الإستحقاق عن التصعيد الحاصل جنوباً. وآثرت باريس بعد ورقتها التي قدمتها للجانبين اللبناني والإسرائيلي لتهدئة الأوضاع وتنفيذ القرار 1701 أن تواكب التطورات الداخلية والخارجية لا سيما تحرك اللجنة الخماسية على مستوى السفراء والبيان الذي أصدرته حيث وضعت الكرة في ملعب الأفرقاء اللبنانيين كم وضعت مهلة زمنية قوامها أواخر شهر أيار الجاري من أجل فتح ابواب مجلس النواب وإقتناص الفرصة لإنتخاب رئيس للبنان.
وبعد غيابه لفترة سيعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت الاسبوع المقبل لجس نبض الأفرقاء اللبنانيين حيال إمكانية حلحلة أزمة الرئاسة، على الرغم من معرفته بأن الظروف لا تزال غير مؤاتية للتوصل الى نتيجة في تحقيق خرق في هذا الملف، إلا أن زيارته تأتي قبيل القمة الفرنسية الأميركية التي ستعقد في باريس بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن في السادس من حزيران المقبل بعيد المشاركة في إحتفالات ذكرى النورماندي حيث سيكون الملف اللبناني على طاولة البحث إذ أن لودريان سيقوم بإعداد ورقة حول التطورات بشأن الملف الرئاسي لتقديمها الى الرئيس ماكرون والتي سيطرحها مع الرئيس الاميركي بايدن خلال لقائهما.
كما تأتي الزيارة على وقع الإتصال الهاتفي الذي جرى بين ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والذي تناول أيضا الوضع في لبنان وغزة وقد وافق بن سلمان على توصيات الرئيس ماكرون بخصوص ملف الرئاسة اللبنانية، إضافة الى التحرك القطري عبر دعوة الأفرقاء اللبنانيين للتشاور في ملف الرئاسة والأوضاع في لبنان وغزة.
مصادر ديبلوماسية فرنسية أكدت لموقع “هنا لبنان” أن الإتصال السعودي الفرنسي أدى الى مزيد من الدفع من أجل تحقيق زيارة لودريان المرتقبة الأسبوع المقبل الى بيروت إذ تم الإتفاق على إجراء ضغوطات ثنائية لتحريك ملف الرئاسة على الرغم من الحرب في غزة وترابط الوضع في لبنان معها. وأشارت المصادر الى أن لودريان سيناقش مع المعنيين أيضاً مشروع قرار شامل تعمل فرنسا على إعداده في مجلس الأمن بشأن منطقة الشرق الأوسط ويتضمن جميع العناصر المتعلقة بإيجاد حل لوقف إطلاق نار دائم في غزة يشمل كل البلدان المتأثرة به لا سيما جنوب لبنان، ويدعم في نفس الوقت المبادرة العربية للسلام. وهذا القرار جرى بحثه بين الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي كما ستتم مناقشته مع الرئيس الأميركي خلال زيارته المقبلة الى باريس، ولفتت المصادر الى أن فرنسا لا تطرح قراراً بهذا الشكل من دون الحصول على ضمانات وتعول على إقراره في مجلس الأمن بعد أن يتم عرضه ودراسته الاسبوع المقبل.
ولفتت المصادر الى أن زيارة كانت مقررة لوزير خارجية لبنان عبد الله بوحبيب الى فرنسا إلا أنها ألغيت بعد وفاة الرئيس الإيراني والوفد المرافق ولم يحدد موعد جديد لهذه الزيارة.
وكشف الباحث في العلاقات الدولية والخبير في الشؤون الأوروبية طارق وهبي لموقع “هنا لبنان” أن زيارة لودريان الى لبنان قد تتزامن مع زيارة مماثلة للموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتين بعد التنسيق الذي جرى بينهما خلال لقائهما الأخير، أما العنوان الأبرز فهو التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل إبعاد فكرة إجراء الحوار وإقناع حزب الله بتقديم نوع من التنازل حيال مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لصالح مرشح ثالث يرضيهما أيضاً، إضافة الى التمهيد من قبل الرئيس بري لعملية إنتخاب رئيس الجمهورية وفق جلسات متتالية ومفتوحة.
وأشار وهبي الى أن وقف التصعيد في جنوب لبنان وتنفيذ القرار 1701 لا سيما ما يتعلق بإنسحاب حزب الله الى مسافة 10 كلم وراء الليطاني ستكون أيضا من المواضيع التي سيطرحها لودريان في بيروت من أجل جس نبض الممانعة لا سيما حزب الله على إمكانية إيجاد حلول في هذا الإطار مع معرفته بأن الحزب لن يوافق إلا أنه سيحاول لتحقيق نوع من التنازلات التي تصب في خانة حلحلة ملف الرئاسة وهذه العناوين قد جرى تنسيقها بين لودريان ووزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه.
واعتبر وهبي أن الفرصة لا تزال مؤاتية لإنتخاب رئيس في لبنان في حال تذليل العقبات والتزام الكتل النيابية في لبنان باللعبة الديمقراطية لا سيما أن مبادرة كتلة الإعتدال تلقى موافقة فرنسية وسيلتقي لودريان كتلة الاعتدال النيابية الأربعاء الى غداء في قصر الصنوبر. ودعا وهبي الى أهمية إنتخاب الرئيس ولملمة المعارضة لصفوفها من أجل مصلحة لبنان قبل إنزلاق الأمور الى ما هو أخطر أي الحرب نظراً للتعنت الإسرائيلي حيال عدم وقف إطلاق النار وتهديداته المستمرة لشن حرب على جنوب لبنان، مشيرا الى أنه في حال تم إقرار القرار الذي ستتقدم به فرنسا الى مجلس الأمن فإن إسرائيل لن تحترمه كعادتها وتضرب به عرض الحائط ولن تقوم بوقف إطلاق النار.
وتزامناً مع ذكرى التحرير في 25 من أيار سيشهد لبنان ضغوطات فرنسية أميركية سعودية منسقة خلال الأيام المقبلة بالتوازي مع ما أنجزته اللجنة الخماسية مما يخدم إنجاز الانتخابات الرئاسية ويحرز تقدماً ملموساً قبل حصول أي تطورات قد تقلب معها المعادلات في المنطقة.