مؤتمر بروكسل: “خذوا الأموال وأبقوا النازحين السوريين عندكم”
الموقف اللبناني سيكون حاسماً هذه المرة، إذ سيشدّد على ضرورة تلاقي المجتمع الدولي مع الخطوات العملية التي باشرتها الحكومة والأجهزة الأمنية، مع عنوان بارز بأنّ” لبنان بلد عبور لا بلد لجوء”، وعلى وجوب تقديم المساعدات المالية للعائدين إلى سوريا لا للموجودين في لبنان، مع الرفض المطلق لربط العودة بالحل السياسي للأزمة السورية
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
وسط غياب الحلول لملف النزوح السوري في لبنان منذ اكثر من 13 عاماً، بات المواطن اللبناني كالغارق الذي يتعلق بالقشة وفق المثل الشائع، لذا تتجه أنظاره الى مؤتمر بروكسل الذي عقد أمس الاثنين بنسخته الثامنة، حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، على وقع وقفة احتجاجية أمام قصر العدل هناك، بمشاركة عدد من النواب اللبنانيين ومجموعات من الجالية اللبنانية في بروكسل، لرفض المساعي الهادفة إلى إبقاء النازحين في لبنان.
وشهد المؤتمر مشاركة ممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة لسوريا، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني السوري. وسبق ذلك يوم حوار مع المجتمع المدني عُقد في 30 نيسان الماضي في العاصمة البلجيكية، بحضور أكثر من 600 مشارك، وضعوا توصيات بحشد الدعم المالي لتلبية احتياجات السوريين والمجتمعات المستضيفة لهم، مع دعم المجتمع الدولي للحل السياسي بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254.
صورة قاتمة ومصالح اوروبية
إلى ذلك تبدو مخاوف لبنان متشعبة، لأنّ الصورة القاتمة تبقى واضحة بالتزامن مع نظرة المجتمع الدولي إلى مصالحه، لتتوالى المواقف والرسائل الغربية لإبقاء النازحين في لبنان، ومساعدتهم مادياً من قبل الجمعيات الدولية، والقصة ليست وليدة اليوم، إذ بدأت الرسائل الدولية تصل تباعاً إلى لبنان منذ العام 2016 ، والكل يستذكر ما قاله حينئذ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ضمن تصريح صاعق حول حق اكتساب النازحين السوريين للجنسيات في البلاد التي نزحوا إليها، أي ما يمكن أن يفتح باب توطين السوريين في لبنان منذ ذلك الحين، وحينها علت أصوات المعارضين لهذا التصريح، فجرى استدراك ومحاولة دولية لتلطيف الموقف، والقول “إنّ التقرير المذكور لم يتحدث عن توطين أو تجنيس للنازحين، وأنّ حل هذه الأزمة لن يكون إلا سياسياً وعندما تسمح الظروف بعودتهم”.
مخطط ورشوة ودفع فواتير سياسية
إنطلاقاً من هنا، يبدو أنّ المخطط كان مرسوماً منذ العام 2016 ولربما قبل ذلك، وصولاً إلى ما صدر في تموز الماضي عن البرلمان الأوروبي، الذي صوّت بأغلبية ساحقة على قرار يدعم إبقاء النازحين في لبنان، فعلت بعض الأصوات الرافضة، فيما حكومة تصريف الأعمال كانت تتلهى بالخلافات بين وزرائها على هوية مَن سيترأس الوفد الوزاري إلى سوريا، مما يعني أنّ المعالجة ليست جديّة والرشوة تلعب دائماً دورها السياسي في لبنان، لأنّ بعض المسؤولين تفتح شهيتهم دائماً أمام العملة الصعبة، والمجتمع الأوروبي يعرف ذلك جيداً، لذا فالمهم لديه عدم وصول النازحين إلى بحره وبرّه، فيُظهر في العلن بأنّ الهم الابرز لديه مستقبل النازحين السوريين وعلى حساب لبنان، لأنّ المصالح الخاصة تلعب دورها بإتقان، فيما يلعب الكبار بمصير لبنان، الوطن الذي يدفع الفواتير السياسية دائماً عن غيره.
بو حبيب يدق ناقوس الخطر
في السياق تبرز الهواجس اللبنانية من انتشار رائحة التوطين قريباً، مما يعني أنّ الوضع يتطلب قراءة جيدة للأخطار التي وصلت إلى ذروتها، أي ضرورة عودة هؤلاء إلى بلادهم، إذ لا يمكننا القبول بما يلزمنا المجتمع الدولي بتطبيقه فيما يمتنع عن تطبيقه في دول أخرى.
في موازاة ذلك، برزت أمس كلمة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب في بروكسل، بعد إشارته إلى أنّنا “وصلنا في لبنان إلى نقطة اللاعودة في ملف النزوح، وجئنا لطرح الحلول المستدامة التي تؤمّن عودة للنازحين إلى بلدهم بكرامة وأمان”.
ورأى بأنّ إستمرار تمويل النازحين حيث يتواجدون يشكّل خطراً على جيران سوريا، ودعا إلى مراجعة سياسات الدول المانحة، مشدّداً على أن الإنفجار اللبناني إن حصل سيكون له تداعيات على الدول المجاورة ومن بينها أوروبا، ورأى بو حبيب أن لا حل إلا بوجود مختلف الدول على طاولة الحوار، مؤكداً انّ بلدنا لم يعد يحتمل هذا الكم من النزوح. وأشار إلى أنّ الدولة اللبنانية تريد “الداتا” الكاملة للنازحين، لكن مفوضية اللاجئين سلّمتها “داتا” منقوصة وغير قابلة للإستخدام، اذ تعتمد سياسة المماطلة واستغلال الوقت، معلناً دق ناقوس الخطر.
لبنان بلد عبور لا بلد لجوء
في غضون ذلك ووفق معلومات “هنا لبنان” فالموقف اللبناني سيكون حاسماً هذه المرة، إذ سيشدّد على ضرورة تلاقي المجتمع الدولي مع الخطوات العملية التي باشرتها الحكومة والأجهزة الأمنية، على أن يقوم المسؤولون اللبنانيون المشاركون في المؤتمر، بعقد لقاءات مع مسؤولين اوروبيين بهدف الموافقة على مطالب لبنان، ومقرّرات مجلس الوزراء بشأن ملف النزوح التي إتخذت قبل أكثر من سنة، إلى جانب التوصيات التي صدرت قبل فترة وجيزة عن مجلس النواب، مع عنوان بارز بأنّ” لبنان بلد عبور لا بلد لجوء”، وعلى وجوب تقديم المساعدات المالية للعائدين إلى سوريا، وليس إلى الموجودين في لبنان، مع الرفض المطلق لربط العودة بالحل السياسي للأزمة السورية، وحثّ الولايات المتحدة على رفع العقوبات المفروضة على سوريا من خلال إلغاء “قانون قيصر”.
وسط هذه المعضلة المتشابكة، لا تخلو الساحة من مخاوف السيناريو الاوروبي الجاهز، والوصاية على لبنان لفرض بقاء النازحين في اراضيه، لذا لا يعوّل الكثيرون آمالاً على تبدّل الموقف الأوروبي، لانّ العنوان المسيطر اليوم :”خذوا الاموال وأبقوا السوريين عندكم”.