المؤامرة: لبنان يغرق باللاجئين


خاص 4 حزيران, 2024

ما يواجهه لبنان في ملف النازحين السوريين يثير شكوكاً حول وجود مؤامرة محتملة لإبقاء هؤلاء اللاجئين داخل حدوده. وتتنوع هذه الشكوك بين الاعتبارات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، وتأثيرها على التركيبة السكانية وهوية لبنان

كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:

يواجه لبنان تحديات كبيرة جراء استقبال اللاجئين، ما يثير شكوكاً حول وجود مؤامرة محتملة لإبقاء هؤلاء اللاجئين داخل حدوده. تتنوع هذه الشكوك بين الاعتبارات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، وتأثيرها على التركيبة السكانية وهوية لبنان.

من جهةٍ أخرى يمثل القانون الدولي إطاراً حاسماً في معالجة قضايا اللاجئين وضمان حقوقهم الأساسية. ويعتبر حق اللجوء من الحقوق الإنسانية المحورية التي كفلتها العديد من الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951. في هذا السياق، تُثار العديد من التساؤلات حول حدود اللجوء الشرعي، وكيفية تطبيقه على أرض الواقع، لا سيما في بلدان مثل لبنان التي تستقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين .

جبور: الدول الغربية لا تريد إستيعاب اللاجئين لديها

في هذا الإطار، قال رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور لـ”هنا لبنان”: “لكل دولة نظامها وكل دولة تضع قوانينها، ففي الدول الأوروبية مثلاً لدى كل دولة نسبة معينة لاستقبال اللاجئين، فهناك دول تضع 1% قدرة على الاستيعاب أو 3% كحد أقصى لأنهم بحاجة للسكان ولكن ضمن حدود معينة، كي لا تؤثر على طبيعة وتركيبة بلادهم. أما في لبنان فقد وصل عدد اللاجئين السوريين إلى 43% من حجم السكان اللبنانيين، وهذه كارثة بحد ذاتها، أما بالنسبة لمطلب الدول الغربية بإبقاء النازحين في لبنان ، فيجب أن تطبق على اللبنانيين ما تطبق على شعوبها وعلى نفسها، يعني كيف يمكن أن تقبل بأن تحدد نسبة اللجوء في بلادها وأن تصل النسبة في لبنان إلى 43% مما يهدد هوية وديموغرافية ومستقبل لبنان ويشكل خطراً كبيراً على اقتصاده وأمنه.”

وأضاف: “هناك نوعان من النزوح: النزوح السياسي الذي حصل نتيجة الحرب وهناك النزوح الإقتصادي الذي حصل في العام 2019 نتيجة انهيار الوضع في سوريا وبالتالي أتوا إلى لبنان للإستفادة إن من خلال المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة أو من خلال العمل وإزاحة فرص العمل من أمام المواطن اللبناني بسبب أجرة يده الأقل تكلفة من العامل اللبناني”. معتبراً أنّ وجودهم في لبنان في ظل الأزمة المالية والأمنية القائمة بات يؤثر أكثر على اللبنانيين، إذ يزاحمهم في سوق العمل ويأخذ من دربهم.

وعن دور المجتمع المدني، قال: “دعم المجتمع المدني مرفوض بهذا الشكل، فهناك جمعيات تبغي الربح بمسألة اللاجئين على حساب لبنان والقضية اللبنانية وهذا يشكل خطورة على الهوية اللبنانية ومع الوقت قد يتبدل شعب بشعبٍ آخر، وبالتالي هذه مسألة خطيرة ودقيقة، تستدعي معالجة مختلفة، وبالتالي يفترض بوزارة الداخلية أن تضع حداً لهذه الجمعيات لأنّ العمل الذي تقوم به إن من استفادتها وإن أيضاً من خلال خرقها للقوانين اللبنانية تحديداً مذكرة ب2003 والتي تنص أنّ لبنان هو بلد عبور وليس بلد لجوء.

وأضاف: “الموقف الدولي واضح، الدول الغربية لا تريد إستيعاب اللاجئين لديها، ولا تريد أن يعودوا إلى سوريا لأنها ما زالت تعتبر إلى حد اليوم أن سوريا بحالة حرب، ولكي لا تدفع لهم المال في سوريا بسبب قانون قيصر وبالتالي لتتجنب استيعابهم لديها ولتتجنب العودة إلى سوريا قررت أن يبقوا في لبنان وفي المقابل، استمرار وجودهم في لبنان فط ظل واقع الانهيار المالي والانسداد بالأفق الرئاسي والانقسام الوطني السياسي يشكل خطورة كبيرة على الواقع الذي نعيش به وهذا الشيء مرفوض جملةً وتفصيلاً.”

محمد شمس الدين: المطلب الدولي أن يبقى السوريون في لبنان مهما كلف الأمر

وفي حديثٍ لـ”هنا لبنان” أشار الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين إلى أنّ: “الأزمة الاقتصادية المالية التي يشهدها لبنان منذ نهاية العام 2019 أثرت على النازحين السوريين مثل ما أثرت على اللبنانيين لكن تأثيرها على النازحين السوريين كان أقل وذلك لعدة أسباب أولها أنّ النازح السوري معيشته وحياته تتطلب دخلاً وتكاليف أقلّ من اللبناني كتكاليف السكن إذ إنه يقطن في خيمة أو بيتٍ صغير وثانياً هو يعمل في لبنان ويتلقى المساعدات بالإضافة إلى خدمات أخرى التعليم والطبابة. إذاً هذه أعباء لا يعاني منها النازح السوري بينما اللبناني اليوم يعاني في مجال التعليم إذ أنّ الأقساط أصبحت اليوم بالدولار كما في مجال الطبابة والإستشفاء بعدما تراجعت تقديمات الضمان وكون مدخول معظم اللبنانيين بالليرة اللبنانية وبالتالي يمكن القول أنّ تأثير الأزمة الإقتصادية على السوريين كان أقلّ من اللبنانيين.”

وأضاف :”اليوم المنظمات الدولية حصلت على تمويل وتعاونت مع منظمات محلية لبنانية على مساعدة السوريين سواء بالتعليم، بالصحة، وباستئجار أراض لإقامة مخيمات وبمساعدتهم لشراء المواد الغذائية والاستهلاكية، وبالتالي كانت لدى هذه الجمعيات والمنظمات المحلية الممولة دولياً أو الدولية دور مشجع ومساعد لوجود النازحين السوريين في لبنان. النازحون يمتلكون بطاقة تمكنهم من شراء مواد غذائية، وكذلك في الأماكن الجبلية كان بإمكانهم الحصول على بطاقة مازوت للتدفئة وبالتالي تساعد هذه المنظمات بتحسين معيشة السوريين النازحين في لبنان..”

وعن وجود مؤامرة لإبقاء النازحين، قال: “ليس من الضروري أن يكون هناك أدلة، الكلام الذي يسمعه المسؤولون اللبنانيون والممارسات التي نراها من السياسات الأوروبية والأميركية والدولية تشير لبقاء النازحين السوريين في لبنان إلى أجل غير محدد، إذ يعتبرون أنّ عودتهم إلى سوريا تشكل خطراً عليهم وبالتالي المطلوب أن يبقوا في لبنان بالرغم من أنّ بقاءهم يشكل عبئاً كبيراً على اللبنانيين بكل الصعد والمجالات الخدماتية، المالية، وفرص العمل وغيرها.”

وقال: “واضح أنّ الكلام الدولي يشير إلى ضرورة بقاء السوريين بلبنان مهما كلف الأمر وعدم عودتهم في الوقت الحالي ضمن أي خطة وضمن أي هدف ولأي مدى؟ لا أحد يعلم لكن موقف دول الغرب كان ولا زال أن يبقى النازحون السوريون في لبنان وهم يقولونها علناً واللقاء الذي جرى بين الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية والتي أكدت فيه دعم لبنان، ليبقى السوريون بلبنان، يدل على أنّ المطلوب بقاء السوريين في لبنان مهما كلف الأمر. حالياً لبنان يمارس الضغط لكن ليس لديه قرار موحد تجاه هذه الأزمة، كما انه بالنسبة للدولة السورية، فهي لا تشجع على العودة قبل رفع العقوبات المفروضة عليها، وبالتالي عودة السوريين تتم بالتزامن مع إعادة الإعمار ورفع العقوبات وهذا يعني أنّ كل طرف يحاول استخدام النزوح السوري لمصلحته، سواء الجهات الدولية أو الدولة السورية والمتضرر الأول والأخير يبقى لبنان لأن ليس لديه قرار حازم وحاسم بهذا الموضوع.

وأضاف: “المشكلة الأساسية بالنسبة للبنان، وبعد مرور أكثر من 13 سنة على بدء الحرب بسوريا والنزوح السوري، أنه لا يوجد رقم دقيق عن عدد النازحين السوريين الموجودين في لبنان، بحيث تقول المفوضية أن المسجلين يبلغ عددهم مليون وأربعمئة وثمانين ألفاً، أما الأمن العام تارةً يقول مليونين، وتارةً مليونين و500 ألف والآن ثمة مصادر تسرب نقلاً عن الأمن العام، تفيد بأن العدد يبلغ نحو أربعة ملايين 4,000,000. باعتقادي الشخصي العدد لا يزيد عن 1,700,000 وأرجح هذا الرقم، لأن ذروة النزوح إلى لبنان كان سنة 2018-19 وصل إلى 2,500,000 وهناك جزء كبير من هؤلاء هاجروا إلى دولٍ أخرى مثل ألمانيا وفرنسا والسويد لأن اقتصادهم يحتاج إلى هذه اليد العاملة وهناك حوالي 500 ألف سوري عادوا إلى سوريا نتيجة الأوضاع الموجودة بلبنان.”

وقال: ” إن مقاربة النازحين يجب أن تكون مقاربة إقتصادية وليس المقاربة التي تقوم بها الحكومة اللبنانية (نازح شرعي أو غير شرعي)

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us