رسائل عوكر
عودة الداعشية إلى الواجهة اللبنانية في هذه المرحلة بالذات قد تكون أيضاً في سياق عملية تخويف للبنانيين والقول لهم بأنّ التطرف ما زال عدواً لهم وأنّ مواجهته تستلزم أن يحتفظ حملة السلاح بسلاحهم
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
في أيلول الماضي أقدم لبناني على إطلاق النار باتجاه السفارة الأميركية بذريعة أنه تلاسن مع حراسها على خلفية توصيل طلبية طعام، وأمس هاجم مسلح سوري الجنسية السفارة الأميركية حاملاً معه أدلة تشير إلى أنه متأثر بتنظيم “داعش” وأنه تحرك ربما على خلفية الحرب الدائرة في غزة وانتقاماً من الدعم الأميركي لإسرائيل.
الهجوم على السفارة الأميركية في لبنان ليس أمراً جديداً، فالهجوم الأكثر دموية كان في العام ١٩٨٣ عندما استهدف مبنى السفارة في منطقة عين المريسة بعملية تفجير بسيارة قادها انتحاري ما أسفر عن سقوط ٦٣ قتيلاً وأمرت محكمة أميركية في العام ٢٠١٤ بدفع تعويضات لأهالي الضحايا من أموال إيرانية باعتبار أنّ من نفذوا الهجوم حينها عملوا تحت رعاية إيران وبتوجيهات منها.
إنّ الهجوم الذي حصل في الساعات الماضية هو دليل على أنّ تجنيد إرهابيين لا يزال متاحاً بهدف إيصال رسائل إلى هذه الجهة أو تلك، ومن استطاع أن يجنّد شخصاً واحداً سيكون بإمكانه أن يجنّد مجموعة من الإرهابيين يستطيع تحريكها ساعة يشاء لا سيما إذا توفرت له القدرة على الإقناع والتمويل، وإذا توفرت له أيضاً سهولة الحركة باتّجاه أهداف منتقاة.
إنّ عودة الداعشية إلى الواجهة اللبنانية في هذه المرحلة بالذات قد تكون أيضاً في سياق عملية تخويف للبنانيين والقول لهم بأنّ التطرّف ما زال عدواً لهم وأنّ مواجهته تستلزم أن يحتفظ حملة السلاح بسلاحهم لا سيما إذا كانت التطورات الحاصلة في غزة وجنوب لبنان ستسفر عن حلول طويلة الأمد ولا سيما بين لبنان وإسرائيل ما يضع مصير السلاح على المحك ويطرح تساؤلات كبيرة عن دوره، ولا تسقط هذه التساؤلات إلا إذا تمّ إيجاد وظيفة جديدة قديمة له وهو التصدي للإرهاب والتطرف.
ستظهر التحقيقات والأيام المقبلة ما إذا كانت عملية السفارة الأميركية حلقة في سلسلة أحداث مشابهة سيشهدها لبنان، فإن كانت كذلك فسيكون الوضع اللبناني أسوأ مما هو عليه اليوم وستنتقل الحرب ولو بوجه آخر إلى الداخل اللبناني.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |