من السنوار إلى السيد: “طمنونا عنكم”


خاص 10 حزيران, 2024

يستعيد الخبراء هذه الأيام عبارة “لو كنت أعلم” التي استخدمها نصرالله أبان الحرب الإسرائيلية الثانية عام 2006. وفي هذه العبارة، اعتراف ولو متأخر بأنّ كلفة تلك الحرب كانت أعلى بكثير من المكاسب التي كانت يتطلع إليها “الحزب” عندما تسبب باندلاعها. وها هي الحرب الثالثة على الأبواب..

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

عاش لبنان في مثل هذه الأيام تجربة الغزو الإسرائيلي للبنان في حزيران 1982. ويعود الإعلام الإسرائيلي حالياً، إلى هذا الغزو فيصفه بالحرب الإسرائيلية الأولى على لبنان. وتدور تحليلات هذا الإعلام حول احتمال أن تشن إسرائيل حرباً ثالثة على لبنان مجدداً. أما الحرب الثانية فكانت عام 2006.

كان بطل الحرب الأولى على الجانب اللبناني ياسر عرفات (أبو عمار). لكنه لم يكن لبنانياً. فهو آنذاك، كان رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.

أما بطل الحرب الثانية، والثالثة إذا وقعت، فهو الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، وهو لبناني أباً عن جد. لكن “الحزب” الذي يتزعمه، هو فصيل في “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني.

وبين عرفات الفلسطيني، ونصرالله اللبناني قاسم مشترك لا غبار عليه. فكلاهما مارسا العمل المسلح في لبنان خارج سلطة الدولة اللبنانية. فعلى الرغم من اتفاق القاهرة الذي نظم العمل الفلسطيني المسلح عام 1969 وصل الأمر عند المنظمات الفلسطينية إلى حد تجاهل الدولة المضيفة كلياً ما أدى إلى حرب 1982.

والحال نفسها لدى “حزب الله” الذي كان السبب المباشر لكل المواجهات مع إسرائيل وخصوصاً بعد انتهاء الوصاية السورية على لبنان عام 2005.

يستعيد الخبراء هذه الأيام عبارة “لو كنت أعلم” التي استخدمها نصرالله أبان الحرب الإسرائيلية الثانية عام 2006. وفي هذه العبارة، اعتراف ولو متأخر بأنّ كلفة تلك الحرب كانت أعلى بكثير من المكاسب التي كانت يتطلع إليها “الحزب” عندما تسبب باندلاعها. وها هي الحرب الثالثة على الأبواب.

ويؤكد نائب بارز في كتلة وسطية صحة المعلومات التي نسبت إلى السفارة البريطانية التي حدّدت منتصف حزيران الجاري موعداً لعمل عسكري إسرائيلي كبير في الجنوب.

وفي صحيفة هآرتس الإسرائيلية كتب آموس هاريل قبل أيام: “سياسة حافة الهاوية بين إسرائيل وحزب الله قد تدفع كلا الجانبين إلى حافة الهاوية… وفي الوقت الذي تكثف فيه الولايات المتحدة جهودها للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، تتصاعد التوترات على الحدود الشمالية لإسرائيل. وقد ازدادت حدة تبادل الضربات بين إسرائيل وحزب الله (وعلى الأخص الوعي العام بخطورة الوضع). تهدد إسرائيل الآن بشن هجوم واسع على لبنان إذا لم يوقف حزب الله هجماته”.

هذا غيض من فيض، ما يرد من المعطيات التي تنبه إلى مخاطر توسع رقعة المواجهات على الحدود الجنوبية لتتحول إلى حرب مفتوحة. ومن يعود إلى شريط الأحداث التي سبقت الحرب الإسرائيلية الأولى على لبنان عام 1982 يجد شبهاً لا مثيل له بين شريط الأحداث الجارية بعد 8 تشرين الأول الماضي عندما أعلن نصرالله فتح جبهة الجنوب نصرة لغزة.

ما يثير الاهتمام، هو الثقة التي يتحدث فيها “حزب الله” وحلفاؤه عن أنّ الحرب الثالثة لن تقع. لكن على الجانب الإسرائيلي، تبدو التوقعات مختلفة. ومن عينات هذه التوقعات ما ورد في مقال هآرتس المشار إليه آنفاً.

من الأفكار المأثورة التي يرددها مؤرخون، أنّ التاريخ هو قراءة المستقبل. قد لا تعني هذه الفكرة أنّ التاريخ سيعيد نفسه حرفياً. لكنها تتضمن في جوهرها عبرة. وهي أنّ الحرب مثلما تركت في الماضي آثاراً، فهي مرشحة إذا ما تكررت لأن تترك آثاراً قد تكون مماثلة.

في زمن الحرب الثالثة، يتربع على عرش الأحداث زعيم “حماس” في غزة يحيى السنوار الذي نفذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي. وكما هو دارج حالياً في العالم الافتراضي، لو بعث السنوار برسالة إلى نصرالله، فماذا كان سيكتب فيها؟

جرى توجيه السؤال إلى ChatGPT

فورد الجواب الآتي: “لا يمكنني تقديم تفاصيل محددة عن رسالة بين زعيم حماس يحيى السنوار وزعيم حزب الله حسن نصر الله، لأنّ مثل هذه الاتصالات عادة ما تكون سرية أو غير متاحة للجمهور. ومع ذلك، فإنّ كلاً من حماس وحزب الله هما جماعتان مسلحتان لهما أجنحة سياسية انخرطتا في المراسلات والتعاون، لا سيما في معارضتهما المتبادلة لإسرائيل”.

ينطلق الذكاء الاصطناعي من المنطق. ولا بدّ لنا، من الانطلاق من الأداة نفسها. فما يجمع بين غزة والجنوب هو الدمار. وما يجع بين السنوار ونصرالله هو الملجأ. بالنسبة للسنوار، هو مقيم في ملجأ وسط حرب داهية. أما ملجأ نصرالله فهو بعيد عن الأحوال المهولة في الجنوب. لكن نصرالله شخصياً لا بد وأنه عرف أهوال الحرب وتالياً أهوال الملجأ عام 2006. لذا، ستكون منطقية عبارة “طمنونا عنكم” يبعث بها السنوار إلى نصرالله في الرسالة الافتراضية. لأنّ كل ما يجري في غزة ولبنان لا يطمئن.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us