“مبادرات” تحت عباءة نصرالله
سنتان على الفراغ الرئاسي، وما زال المشهد يتكرر في كل استحقاق. بعد السابع من أيار بات الفيتو المعزز بالبندقية والتهديد يحكم سطوته على النظام بمركزيته وأطرافه ومؤسساته على تنوعها
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
بدا مضحكاً مشهد النائب جبران باسيل وهو يزور البيت المركزي لحزب الكتائب حيث التقى وفد المعارضة. لا هو يصدق أنه قادر على حمل مبادرة، ولا المعارضة تصدق أن المبادرة يمكن أن تأتي من عنده.
ومع ذلك يبادر باسيل، ولا يتبادر إلى ذهنه للحظة أنه يصدق نفسه، بل كل ما يطمح إليه أن يصدقه الآخرون، حيث يجرؤون على المكابرة، ولعب دور في مسرحية هزلية، عنوانها: السعدنة تحت عباءة نصرالله.
وإذا كان باسيل قد استعاد مشاعر الغرام مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وغير رأيه فرفعه رتبة من بلطجي إلى دولة رئيس، فإن هذا الزحف، لا يؤمل منه الكثير، لأن بري قطب الثنائي، يعرف ماذا يفعل، ويدرك أن التمسك بمطلب الحوار، هو تمسك بإخضاع الرافضين انتخاب سليمان فرنجية، كما يدرك أكثر من غيره، أن لنصرالله الكلمة الفصل في الاستحقاق الرئاسي، الكلمة التي لا يمكن الاتفاق بشأنها، إلا مع آموس هوكستين، من ضمن صفقة متكاملة، يطمح الحزب لأن تؤمن له سيطرة مديدة على القرار السياسي الرئاسي والحكومي.
ولرئيس المجلس دوره أيضاً في اللعب تحت عباءة نصرالله. فبري الذي يترجم كل هذه السياسات، يدرك الهوامش جيداً، ولا يتخطاها، لكنه يلهو في الوقت الضائع بملهاة الدعوة إلى الحوار، بقصد التعجيز وابتداع مواقف لا تصرف في التوقيت الذي لم يحن فيه الاوان بعد للحسم.
يراقب حزب الله هؤلاء المبادرين، ويبتسم في سره، أو في العلن.الجميع ينتظر ما ستؤول إليه المعادلة الغزاوية، بنتائجها اللبنانية، التي تنتظر على وقع أزمة المنطقة.لن يعارض الحزب تمرير رئاسة سليمان فرنجية، لكنه ليس مستعجلاً . في قراءته لموازين القوى الكثير من التفاؤل، فرغم كل الخسائر،التفاؤل يكمن باقتراب التسوية الكبرى التي سيكون له فيها نصيب كبير، يتخطى الرئاسة والحكومة والتوازنات الداخلية.
سنتان على الفراغ الرئاسي، وما زال المشهد يتكرر في كل استحقاق. بعد السابع من أيار بات الفيتو المعزز بالبندقية والتهديد يحكم سطوته على النظام بمركزيته واطرافه ومؤسساته على تنوعها.
سنتان تعطيان الدليل على عقم الاستمرار بمواجهة هذا الطغيان بالأساليب التقليدية، التي تقتصر على بناء معارضة سياسية.
كما صعد اليمين الأوروبي على أنقاض سياسات الفشل في معالجة الهجرة والاندماج في المجتمعات الأوروبية، هكذا يصعد رويداً رويداً مسار آخر في لبنان، مفاده أن الاستمرار في الخضوع لهذا الواقع، بات يشبه الانتحار، وأن المعالجة بالمهدئات فات أوانها.
دقت ساعة قول الحقائق بدون مساحيق.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |