غلاء أقساط الحضانات في لبنان.. كيف يواجه الأهالي التحديات؟
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان العام الماضي، اضطر العديد من الأهالي إلى إبقاء أطفالهم في الحضانات بدلاً من تسجيلهم في الروضة الأولى في المدرسة لتشابه المناهج وانخفاض التكاليف. لكن هذا العام، تساوت تقريباً أقساط الحضانات والمدارس، مما وضع الأهالي في مأزق جديد بشأن الخيارات التعليمية لأبنائهم
كتبت هانية رمضان لـ”هنا لبنان”:
في ظل التغيرات الاقتصادية السريعة وارتفاع تكاليف الحياة اليومية، تجد العديد من الأسر أنفسها في مواجهة تحديات مالية كبيرة لتوفير التعليم لأبنائها، وقد برزت مؤخرًا مشكلة تضاعف أقساط المدارس مقابل عدم رفع الرواتب، حيث أصبحت التكاليف المتزايدة تشكل عبئًا كبيرًا على الأهالي.
كما ترافق ذلك مع ارتفاع تكاليف الحضانات، التي تمثل المرحلة الأولى والأساسية في مسيرة التعليم. وهذا الارتفاع لا يؤثر فقط على الميزانية الأسرية، بل أصبح يؤثر أيضًا على الخيارات التعليمية المتاحة للأبناء في المستقبل.
ففي السنة الماضية، اضطر العديد من الأهالي إلى اتخاذ قرارات صعبة في ما يتعلق بتعليم أبنائهم. واحدة من هذه القرارات كانت الإبقاء على الأطفال في الحضانات بدلاً من تسجيلهم في السنة الأولى من المدرسة، وذلك بسبب التشابه في المناهج وفرق الأسعار. كانت هذه الاستراتيجية تبدو معقولة من الناحية المالية، حيث كانت تكاليف الحضانات أقل بكثير من تكاليف الروضة الأولى. ولكن تغير الوضع هذا العام، حيث أصبحت أقساط الحضانات والمدارس متشابهة بشكل كبير، مما يضع الأهالي في مأزق جديد، فقد أصبحوا مضطرين للاختيار بين المدارس والحضانات بناءً على معايير أخرى غير التكاليف، مثل جودة التعليم والبيئة التعليمية.
وفي هذا السياق، تواصل موقع “هنا لبنان” مع صاحبة إحدى الحضانات في منطقة الأشرفية، ميراي سادّي، التي أكدت أن الحضانات اضطرت، مثل باقي القطاعات، إلى رفع تدريجي لأقساطها نظرًا لغلاء المعيشة والتضخم الكبير نتيجة انهيار العملة الوطنية ودولرة الاقتصاد، بالإضافة إلى زيادة الضرائب التي تفرضها الدولة ومطالبة العاملين والموظفين بحقوقهم في زيادة الرواتب لمواكبة التضخم.
وتابعت سادّي حديثها قائلة إنّ الحضانات كانت مجبرة على زيادة أقساطها بشكل مدروس يراعي الوضع الاقتصادي في البلاد وأوضاع الأهالي الاقتصادية.
وذكرت سادّي أنّ احتياجات السوق فرضت عليهم رفع أقساط الحضانة بسبب ارتفاع تكاليف المستلزمات والصيانة الخاصة بالحضانة، بالإضافة إلى ضرورة رفع معاشات الموظفين. وأضافت أنه إذا أحضرنا معلمة جديدة إلى الحضانة، فهي بالتأكيد لن تقبل بالراتب الذي تتقاضاه الموظفة القديمة التي واكبت معنا الأزمة التي عانت منها جميع الحضانات.
وأسفت ميراي للوضع الذي وصلت إليه أغلب الحضانات التي تركض وراء تأمين ما يجب أن يكون مؤمنًا كالماء والكهرباء، هذا فضلاً عن ارتفاع الإيجارات بشكل كبير.
أما سالي، وهي أم عاملة، فتحدثت عن معاناتها في البحث عن حضانة ذات قسط معقول وجيدة في نفس الوقت، ولأنّ للضرورة أحكام اضطرت سالي لتسجيل ابنتها في حضانة ذات قسط منخفض، يبلغ 150 دولارًا في الشهر. واكتفت بالقول بأنها تشعر بأنها تعمل هي وزوجها فقط لدفع تكاليف الحضانات، وأنها تفكر دائمًا في كيفية تأمين قسط مدرسة ابنتها للسنة القادمة.
على الرغم من غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الحضانات والمدارس، يسعى الأهالي جاهدين لتأمين بيئة تعليمية مناسبة لأبنائهم. ومع استمرار التحديات، تبرز الحاجة إلى حلول مستدامة تدعم الأسر وتخفف من الأعباء المالية المتزايدة. في النهاية، يبقى الأمل بأن تتجاوز الأسر هذه الصعوبات، وأن تجد الطرق المثلى لضمان مستقبل مشرق لأبنائها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
بين النزوح الدراسي والأزمات التعليمية.. مدارس في مهبّ الفوضى | أمان النازحين في قبضة السماسرة.. استغلال وجشع بلا حدود | براءة الأطفال في مهب الحرب.. وجروح نفسية لا تَلتئِم! |