رسالة إلى السيّد الرئيس
اليوم، كما قبل عقدين، الرئيس الفعلي في الجمهورية اللبنانية هو سماحة السيد. بغياب الرئيس وبحضوره الكلمة الأخيرة في الخيارات الكبرى تعود لسماحة السيد لا لأصحاب الفخامة ولو حملوا رتبة عماد
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
جرت العادة أن توجه النقابات والإتحادات والجمعيات كتباً مفتوحة إلى رؤساء الجمهورية والحكومة، لرفع قضية في الغالب أو تقديم مشورة.
كذلك اعتاد قرّاء الصحف على كتب مفتوحة يوجهها رؤساء التحرير إلى الرؤساء “القادة” على الصفحات الأولى ومن ينسى رسالتي جبران تويني إلى حافظ الأسد، ثم خطابه إلى خليفته بشار على رأس البلاد والعباد وذلك عقب الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان. لا الوالد/ الرئيس جاوب ولا الإبن/ الدكتور قرأ. المخابرات تقرأ بالنيابة عن الديكتاتور.
لا الرؤساء العرب يردون على الرسائل، ولا رؤساء لبنان.
الرئيس كميل شمعون، بكل مهابته، ردّ في آب من العام 1978، وفي حمأة المواجهة مع جيش الإحتلال السوري على رسالة طفلة صغيرة من عين الرمانة. رد بالصوت عبر صوت لبنان بقوله:
“إنّ الرجل الذي يخاطبك يناهز الثمانين من عمره وهو من قوم صلاب عرفوا بمضاء العزم في الخطب الشديد، يقاتل مع المقاتلين، وله ولدان في مقدمة المقاتلين، وحفيدان أيضاً بين المقاتلين، جميعنا لا نرى للحياة قيمة أو معنى إلّا إذا كانت حرة وكريمة. لذلك وقفنا في وجه الطغيان. ابنتي الصغيرة، تعلمي هذا التاريخ المجيد الذي قد يتناساه التعليم الرسمي المبتور ولا تبكي بل صلّي، صلّي…”
ويوم كان شمعون رئيساً للجمهورية (1952 /1958) وردته رسالة “تظلّم” من الشاب نبيه بري الراسب في البكالوريا بسبب علامة متدنية في اللغة الفرنسية. استقبله. اهتمّ به. وأوصى بالنظر في وضعه في وزارة التربية…
اليوم، كما قبل عقدين، الرئيس الفعلي في الجمهورية اللبنانية هو سماحة السيد. بغياب الرئيس وبحضوره الكلمة الأخيرة في الخيارات الكبرى تعود لسماحة السيد لا لصاحب الفخامة ولو حملوا رتبة عماد.
وبناء عليه، أتوجه اليوم، كمواطن برسالة مفتوحة إلى السيد الرئيس الذي تولى منصبه في العام 1992، وللمصادفة في السنة عينها تولى النائب نبيه بري رئاسة مجلس النواب، فصار الرئيس الأول من الطائفة الشيعية والرئيس الثاني، من دون إغفال دور صاحب الفخامة الياس الهراوي في النكنكات الصغيرة. لم يصادر الرئيس الأول كلّ صلاحياته، بل تقاسمها مع الوصيّ.
السيد الرئيس أو الرئيس السيد.
الحرب في الدول المتحضرة والـ “ديمقراطية” والمدنية ذات السيادة ليست خياراً، يأخذه قائد ديني يستلهم فكره السياسي من مرجعية تؤمن بالغيبيات. سواء كانت حرب دفاع عن لبنان أو حرب مشاغلة لتخفيف الضغط عن غزة، أو حرباً لتحرير المسجد الأقصى… والقدس الغالية على قلوب العرب.
بصفتي لبنانياً منذ أكثر من نصف قرن. أنا و”شي مليوني” لبناني ضدّ حربكم. ونحن بشر متعلّمون. أصيلون. نحب الثقافة والإنفتاح وبيروت المضاءة والرفاهية والعدالة والجيش. وفي ظلّ حكمكم غير الرشيد وغير الحكيم نعيش وعيوننا مفتوحة ليلاً نهاراً، دائماً وأبداً على مطار رفق الحريري الدولي.
السيد الرئيس لديّ سؤال بديهي: هل تعتبرون المعترضين على سلاحكم، مهما تعدّدت وظائفه وسمت، وعلى صواريخكم مهما “فظّعت” في أرض العدو مواطنين مثلكم أو خونة؟ عقلاء أو أغبياء؟
إفتحوا آذانكم.
إفتحوا عقولكم.
إفتحوا قلوبكم.
رجاءً عودوا كحزب، مختلف عن كل الأحزاب، إلى الدستور إلى الدولة… لا دولة ولاية الفقيه.
لست وحدي من يعتبركم رئيساً أوّل، فقبل عشرة أيام ناشد مزارعو الموز في الجنوب السيد نصر الله التدخل من أجل إدخال إنتاجهم إلى سوريا.
وأنا بدوري أناشده أن يمنحنا، كلبنانيين “باب تاني”، هدنة لما تبقى من العمر للتمتع بالحياة.
السيد الرئيس كفى قصفاً لأعمار اللبنانيين.
أعلم أنك لن تقرأ ولن تصغي. هكذا يتصرف الآلهة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |