بين سكة بعبدا الرئاسية ودرب سكة بعبدا تمنيات بإستعادة الجمهورية والدولة لا يزال تحقيقها بعيداً
ما كل ما يتمنّى المرء يدركه في بلد العجائب لبنان الغارق بالمبادرات من كافة القوى والأحزاب المتقاربة والمتناحرة وبالإجتماعات التي يقوم بها سفراء الخماسية إضافة إلى الدعوات التي تقوم بها كل من فرنسا وقطر وكل ذلك من دون جدوى أو نتيجة تشي بقرب انتخاب الرئيس العتيد أو القبول بالحوار أو التشاور
كتبت شهير إدريس لـ”هنا لبنان”:
“سكة بعبدا أصبحت سالكة”… للوهلة الأولى يظنّ قارىْ هذا العنوان أنّ الطريق الرئاسية إلى قصر بعبدا باتت سالكة، وأنّ الأجواء إيجابية حول قرب انتخاب رئيس للجمهورية ليكون ساكناً جديداً لقصر بعبدا، إلا أنّ ما كل ما يتمنى المرء يدركه في بلد العجائب لبنان الغارق بالمبادرات من كافة القوى والأحزاب المتقاربة والمتناحرة وبالإجتماعات التي يقوم بها سفراء الخماسية إضافة الى الدعوات التي تقوم بها كل من فرنسا وقطر وكل ذلك من دون جدوى أو نتيجة تشي بقرب انتخاب الرئيس العتيد أو القبول بالحوار أو التشاور.
وفي ما يتعلق بالحراك الرئاسي كشفت مصادر نيابية من زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري ومتابعة للحراك الرئاسي لموقع “هنا لبنان” أنّ الرئيس بري لا يزال على موقفه من مسألة ترؤس الحوار على الرغم من أنه طرف، وذلك لإنتاج عدد من الأسماء قد يصل إلى أربعة للتصويت على واحد منها، وفي حال لم يتم الإتفاق على عدد الأسماء يذهب الجميع إلى مجلس النواب بما تيسر من أسماء وتكون الدورات مفتوحة لإنتخاب رئيس.
وأشارت المصادر إلى أنّ الرئيس بري لا يقوم بجهود مكثفة من أجل إقناع قوى المعارضة والتغييريين بأفكاره والآلية التي سيتمّ العمل عليها وكيف ستتمثل الكتل في الحوار، متسائلة لماذا الإتفاق فقط على 4 أسماء وليس 5 أو 6 أسماء مثلاً. واعتبرت المصادر أنّ حزب الله هو من يعرقل مسألة انتخاب الرئيس عبر تمسّكه بمرشحه سليمان فرنجية من جهة كما ينتظر نتائج حرب غزة وإذا ما ستكون لصالحه في أي تسوية قادمة رئاسية كانت أم حدودية، ولا يستطيع الرئيس بري الحليف الأقوى إنتزاع ضمانة من الحزب حتى الساعة من أجل تأمين النصاب لدورات متتالية ومفتوحة. وحول موضوع المبادرات المكثفة لإنتاج رئيس، لفتت المصادر إلى أنّ مبادرة الرئيس بري هي الوحيدة التي لا تزال قائمة فيما باقي المبادرات مجرد أفكار يمكن الركون إلى بعض بنودها فقط، مما يؤكد أنّ سكة الرئاسة في بعبدا لا تزال بعيدة وغير واضحة المعالم بعد.
وبالعودة إلى العنوان الذي يدعو إلى التفاؤل، فإنّ سكة بعبدا السالكة هي غير سكة الرئاسة، بل هي سكة الحديد في بعبدا أو “درب السكة” التي تم الكشف عنها وتأهيلها كدرب للمشاة من قبل “جمعية الأرض” بالتعاون مع مصلحة سكك الحديد في لبنان، فأصبحت مقصداً لعشاق الطبيعة والبيئة منذ العام 2022 عبر عمل دؤوب من قبل متطوعين من الشباب لكشف معالم هذه السكة وإزالة الردميات والتعديات عنها بعد أن كانت منذ 130 عاماً مشروعاً حيوياً يربط الشرق بالغرب عبر التجارة والشحن. ولا يزال العمل مستمراً حتى يومنا هذا من أجل ترميم المحطة أيضاً عبر مبادرات من شركات تتبرع بالأموال والجرافات من أجل إستكمال العمل لإسترداد أملاك الدولة المنهوبة وكشف التاريخ العريق للبنان الذي كان يمتاز بالتجارة والصناعة والنقل.
في رحلة صغيرة برفقة قرابة 200 تلميذ من المعهد الأنطوني على درب سكة بعبدا تبادر إلى مسمعي تمنيات شبابية ورغبات بأن يكون لجيلهم سكك حديدية وقطارات تسهل حياتهم وتنقلاتهم على غرار دول العالم كما كان لبنان ينعم بها منذ أكثر من 100 عام، وعطش لترميم الدولة والنظام وإستعادة دور المؤسسات بعد مصادرتها من قبل بعض القوى، وصولاً إلى إنتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة قادرة على إنجاز مشاريع متطورة. قد تكون رغبات الشباب هذه مجرد أحلام لكنها تعبر عن واقع بات مريراً أمام من يبحث عن طريق أو سكة لمستقبل مجهول في بلد يتناتشه نخبة من الأشخاص الذين لا يقيمون للوطن والهوية والدستور إعتباراً، بل جلّ ما يعنيهم مصالحهم الشخصية تارة ومصالح بعض الدول طوراً على حساب بلدهم وشعبهم.
بدوره أمل رئيس جمعية الأرض بول أبي راشد أن تمهد سكة بعبدا الطريق أمام عبور قطار الدولة مجدداً من أجل إستعادة البلد والجمهورية ووضع لبنان على السكة الصحيحة، من أجل لعب دوره كصلة الوصل بعد أن كانت التجارة عبر القطارات وسكك الحديد تمثل التواصل بين لبنان ودول العالم. وأشار إلى أننا في العام 2024 غير قادرين على تسيير باصات الدولة للنقل للتخفيف من وجع الناس فيما تم تسيير القطار أو “التران” في العام 1895 في لبنان.
وفيما تخيم أجواء الحرب والتصعيد على أجواء لبنان تبقى سكة بعبدا وقطارها للتنزه فقط بين الطبيعة، والأمل بعيد باستعادة دورها التجاري، ولا يزال الأمل معقوداً على سكة الرئاسة مع زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتين الذي تطرق للملف الرئاسي فقط مع وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ومع زيارة وزير خارجية الفاتيكان بيترو بارولين الذي سيحمل دعوة من البابا فرنسيس بضرورة أنتخاب رئيس للبلاد وعدم تفويت الفرصة من أجل قيامته مجدداً.