حكاية مطار بيروت في نصف قرن


خاص 29 حزيران, 2024

يبدو صعبًا التسليم بأنّ الدولة اللبنانية تسيطر سيطرة كاملة على مطار بيروت من دون شريك، فحتى البضائع العادية من إلكترونيات وتجهيزات كهربائية منزلية ومكتبية، تصل بالتهريب عبر مطار بيروت من دون دفع رسوم جمركية، والمتاجر التي تبيع هذه البضائع معروفة من الجميع، وعلى كل شفة ولسان المقولة الشهيرة “بضاعة مجمركة أو تهريب”؟

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

في الثامن والعشرين من كانون الأول من العام 1968 ، قامت مجموعة كومندوس إسرائيلية من وحدة تعرف بالـ “وحدة 269” بعملية أطلقت عليها تسمية “هبة ” وتضمنت هجومًا بالطوافات على مطار بيروت الدولي، قرابة التاسعة مساء ، واسفرت العملية عن تدمير ثلاث عشرة طائرة مدنية تابعة لطيران الشرق الأوسط وشركات طيران عربية أخرى. جاءت الغارة الإسرائيلية بعد ثمانٍ وأربعين ساعة على عملية للفدائيين الفلسطينيين في مطار أثينا ، كانوا انطلقوا من مطار بيروت. منذ ذلك التاريخ ، أصبح المطار ” محطة تصفية حسابات” بين الفلسطينيين وإسرائيل. أعلنت الجبهة الشعبية من بيروت مسؤوليتها عن العملية ، فرد رئيس الوزراء الاسرائيلي أشكول بتكليف رفاييل إيتان الذي كان يعرف بـ “رفول” لتنفيذ العملية ( وأصبح إيتان لاحقًا رئيسًا للأركان في الجيش الاسرائيلي ) ، فجرت مجموعة الكومندوس الطائرات بالقنابل ، ما أدى إلى احتراقها ، وقد استغرقت العملية أربعين دقيقة.

ضُرِب المطار أكثر من مرة على مدى الحرب اللبنانية على مدى خمسة عشر عامًا ، وحتى بعد الحرب لم تتوقف استباحة المطار، يذكر الجميع الحادثة التي وقعت في أيلول من العام 2010 بين القضاء اللبناني ، وتحديدًا مدعي عام التمييز سعيد ميرزا ، والمدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، وصل اللواء السيد إلى المطار وسط حماية “حزب الله”، الذي نظم له استقبالاً حاشداً، رغم الاستدعاء القضائي الصادر بحقه، للتحقيق معه في موضوع “تهديد” رئيس الحكومة سعد الحريري.

وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في المطار ، فور وصوله، رفض تنفيذ طلب استدعائه، علمًا أن وزير العدل طلب من النيابة العامة تحريك دعوى الحق العام في حق السيد بسبب “تهديده” الحريري “وأمن الدولة”، بعدما هاجمه قائلاً: “أقسم يا سعد الحريري إذا لم تعطني حقي، سآخذ حقي بيدي”.

واقعة أخرى من استباحة المطار ومحيطه ، اختطاف الموظف في المطار جوزيف صادر في 12 شباط 2009 وكان يهم بالدخول إلى عمله في حرم المطار ، وعلى رغم مرور خمسة عشر عامًا على عملية الخطف، فإن صادر اختفى ولم تظهر أي معلومة عنه.

السنة الماضية ، في مثل هذه الأيام، وقبل عملية طوفان الأقصى، تحدث تقرير لمعهد “ألما” الإسرائيلي، عن محاولات يقوم بها “حزب الله” من أجل “كسب موطئ قدم وسيطرة” على المطار . التقرير اعتبر أنّ الحزب ينعم بحرية التحرّك من وإلى لبنان، مثل تهريب الوقود وأنواع أخرى من البضائع، وكذلك نقل المعدات العسكرية والأسلحة، عبر ما اعتبره “الممر الإيراني” إلى لبنان.

كما ذكر التقرير أنّ سيطرة “حزب الله” على هذا المعبر الجوي، تسمح له بـ”مراقبة الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون من لبنان”، وذلك بواسطة “الوحدة 900″ الخاصة بالتهريب والمسؤول عنها ” الحاج فادي ” (محمد جعفر قصير).

من خلال كل ما ىتقدَّم ، يبدو صعبًا التسليم بأن الدولة اللبنانية تسيطر سيطرة كاملة على مطار بيروت ، من دون شريك، فحتى البضائع العادية من ألكترونيات وتجهيزات كهربائية منزلية ومكتبية ، تصل بالتهريب عبر مطار بيروت من دون دفع رسوم جمركية ، والمتاجر التي تبيع هذه البضائع معروفة من الجميع ، وعلى كل شفة ولسان المقولة الشهيرة ” بضاعة مجمركة أو تهريب”؟

كل هذه المخالفات وهذه الفجوات في مطار بيروت تجعل استهدافه سهلًا كما تجعل ” صوفته حمراء ” كما يُقال بالعامية. وعليه فإنه قبل التفتيش عن صدقية او عدم صديقة التحقيق الذي نشرته صحيفة ” التليغراف ” البريطانية ، لا يقدِّم او يؤخِّر ، لأن الأهم هو التفتيش عن الثغرات في المطار ، وما أكثرها.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us