هديّة عربية لا تُقدَّر بثمن: “الحزب مش إرهابي”..
بعد مغامرات لا تُعد ولا تحصى، ارتفع حائط العداء بين الحزب والدول العربية ما أدى إلى تصنيفه كمنظة إرهابية أسوةً بالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوروبي. ومع كل ذلك لم يرتدع “الحزب” وبقي يجاهر بالهجوم على جامعة الدول العربية تمامًا كما يجاهر بالولاء لإيران وللمرشد الأعلى
كتب بشارة خيرالله لـ”هنا لبنان”:
في شهر تموز من العام 2006 أقدم “حزب الله” على مغامرة غير محسوبة واختطف جنديين إسرائيليين ما أدى إلى حرب كبيرة عُرفت بحرب تموز، خرج فيها السيد حسن نصرالله بعبارته الشهيرة “لو كنت أعلم”، رافعًا راية النصر على حكومة أولمرت ملتحفًا بغطاء لبناني عريض في الداخل وبغطاء عربي لم يُشجِّع على عملية الخطف، لكنه وقف بشكل غير مباشر مع الحزب، وكانت عبارة “شكرًا قطر” الدليل الأبرز على الدعم العربي في إعادة الإعمار..
بعد ذلك، اجتاح “حزب الله” مدينة بيروت وقتل من قتل في 7 أيار وخرج السيد حسن نصرالله معلنًا اليوم المجيد، يوم انتصر سيفه على دماء البيارتة الأبرياء.. ومن ثم بدأت رحلة الهجوم الكلامي على الدول العربية، لتأتي الحرب السورية التي أغرقت “الحزب” في رمالها قبل أن تُكشف خلاياه تارةً في مصر (خلية سامي شهاب) وتارة في الأردن (خلية العبدلي) وحروبه في سوريا والعراق واليمن على قاعدة “حيث يجب أن نكون سنكون”.. ضاربًا بعرض الحائط كل ما اتفقت عليه القوى في هيئة الحوار الوطني في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.
وبعد مغامرات لا تُعد ولا تحصى، ارتفع حائط العداء بين الحزب والدول العربية ما أدى إلى تصنيفه كمنظة إرهابية أسوةً بالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. ومع كل ذلك لم يرتدع “حزب الله” وبقي يجاهر بالهجوم على جامعة الدول العربية تمامًا كما يجاهر بالولاء لإيران وللمرشد الأعلى الولي الفقيه السيد على خامنئي.
وفي الثامن من اكتوبر، أي بعد يوم واحد من هجوم حركة حماس والجهاد الاسلامي على إسرائيل، أعلن السيد حسن أنّ حرب مساندة غزة بدأت من لبنان و”حزب الله” قرر ربط الساحات، ما أدى إلى قصف إسرائيلي يومي على أهداف وعلى عناصر وقيادات من “حزب الله”.. قبل أن تُهدد إسرائيل ولا تزال بشن الحرب الشاملة على لبنان، ما استدعى تدخلات دولية، لمنع وقوع الحرب الشاملة والتشجيع على قيام تسوية تتوقف فيها الأعمال العسكرية من قبل جميع المتحاربين ونذهب إلى شكل من أشكال العودة إلى ما قبل السابع من تشرين، وهذا ما لم يتوفر بعد بسبب إشكاليات عدة، تتطلب المزيد من التدخلات الدولية.
وفي هذا التوقيت الحرج بالنسبة لـ”حزب الله”، أتت الهدية الكبرى من جامعة الدول العربية بإعلان حسام زكي عدم تصنيف الحزب “منظمة إرهابية” ما يُعزز موقفه في المواجهة مع إسرائيل وما يُعطي إشارة اعتراض الدول العربية على القيام الحرب الشاملة.
أسئلة عدة تُطرح في هذا المجال، أولها مدى تأثير المصالحة السعودية الإيرانية على تراجع الجامعة عن وصف الحزب بالارهابي، ثانيها حرص الدول العربية على عدم إعطاء إسرائيل أي إشارة توحي وكأنّ العرب يقفون على الحياد في ظل التهديد اليومي بانطلاق الحرب الشاملة على لبنان.
أما السؤال الأبرز يكمن في كيفية ملاقاة “حزب الله” لليد العربية الممدودة، من خلال العودة إلى سلوكيات الدولة والكف عن التعاطي وكأن قرار الدولة مرهون لأوامر “حزب الله” ليُجلس في بعبدا من يريد ويرسم الحدود مع إسرائيل كيفما يريد من دون الاكتراث لرأي باقي المكونات اللبنانية.
والسؤال الثاني: هل تراجع جامعة الدول العربية عن تسميته بالمنظمة الإرهابية يساهم في تلميع صورته أمام باقي المكونات اللبنانية إن لم يقم بجردة حساب ذاتية يعود فيها عن خيارات هدّامة ساهمت في قطع رأس الدولة ودمرّت الاقتصاد وأرغمت الشعب اللبناني على دفع أغلى الأثمان بفعل السياسات الغوغائية التي ساهمت بشكل أساسي في تدمير مؤسسات الدولة.
المطلوب من “حزب الله” اليوم قبل الغد أن يعود إلى منطق الدولة وإلى احترام الدستور وإلى تكريس مبدأ انتظام المؤسسات وطمأنة الجميع أنّ الدستور اللبناني هو الناظم الوحيد للحياة السياسية في لبنان، وأنّ حريّة الرأي والتعبير يكفلها الدستور ولا يعطلها “أزعر من هنا” وقاطع طريق من هناك.
المطلوب من “حزب الله” اليوم قبل الغد تسليم قتلة الشهداء والتعاون لتحقيق العدالة في انفجار 4 آب وعدم التدخل في عمل القضاء وعدم اعتراض السلطة الرابعة وتركها وشأنها بدلًا من الاعتداء عليها ومحاولة ترهيبها أو ترغيبها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
أميركا تناور وإسرائيل تفعل ما تشاء | بشرى أميركية للبنان.. الحل آتٍ | أشرف معارضة لأسوأ شريك في الوطن.. |