سيناريو ضربة صاعقة في لبنان بدل الحرب الشاملة


خاص 4 تموز, 2024

الضربة الإسرائيلية الصاعقة لن تكون مستبعدة، بدءاً من نهايات تموز. وربما هذا ما يبرر الدعوات المتلاحقة التي توجهها السفارات إلى رعاياها كي يغادروا لبنان أو يتجنبوا المجيء إليه

كتب طوني عيسى لـ”هنا لبنان”:

بدأ التداول في بعض الأوساط بسيناريو قد تلجأ إليه إسرائيل، كبديل من الحرب الواسعة أو الشاملة على لبنان. وهو يقضي بتنفيذ ضربة صاعقة تتسم بالعنف التدميري لفترة قصيرة، وتشمل أهدافاً عدة منتقاة بعناية. وعلى أثرها، يتدخل الوسطاء ويفرضون على “حزب الله” أن يقبل بترتيبات أمنية معينة، كأمر واقع.
في تقدير بعض المحللين، أن هذا السيناريو الذي يلمح إليه مراراً قادة الحرب في إسرائيل، سيدفع تلقائياً إلى انتهاء “حرب المشاغلة” على حدود لبنان. ولاحقاً، سيفتح الباب لنقاش هادئ في المسائل الأخرى الثابتة كترسيم الحدود البرية.
وثمة من يعتقد أن بنيامين نتنياهو قد يلجأ إلى الضربة الصاعقة بعد انتهاء زيارته لواشنطن في 24 الجاري، وإلقائه الخطاب أمام الكونغرس، خصوصاً إذا نجح في الحصول على مقدار كافٍ من التفهم هناك.
وحتى الآن، ترفض إدارة جو بايدن بالمطلق أي حرب إسرائيلية واسعة على لبنان، وتستنفر قواها الدبلوماسية لضمان ذلك. ولكن، في لحظة ضعف بايدن الانتخابي، يراهن نتنياهو وشركاؤه في اليمين واليمين المتطرف على أنّ هذه الإدارة “ستتفهم” حاجة إسرائيل إلى وقف المراوحة التي لا تنتهي في جنوب لبنان، وتنفيذ ضربة عسكرية سريعة وقاسية تؤدي إلى نزول “حزب الله” عن شجرة التصعيد وربط لبنان بغزة، وتفرض عليه الموافقة على الترتيبات الأمنية المطلوبة في الجنوب.
وخيار “الضربة الصاعقة” ربما يكون الوحيد المتاح لإسرائيل حالياً، لأن الحرب الواسعة مع لبنان قد تحرج إيران وتدفعها إلى لعب كل أوراقها. فما يقبله الإيرانيون لـ”حماس” في غزة لا يمكن أن يقبلوه لـ”حزب الله” في لبنان، أياً كانت العواقب. والرد الصاروخي الذي نفذوه في 14 نيسان الفائت كان رسالة مفادها أنّ “خرق المحرمات” وضرب العمق الإسرائيلي يصبح وارداً إذا عمد الإسرائيليون إلى “خرق المحرمات” من جانبهم. وعلى رغم تهديداتها المتصاعدة، تخشى إسرائيل دخول إيران مباشرة في حرب لبنان، ومعها كل أجنحتها، من اليمن إلى العراق وسوريا.
و”توازن الرعب” بين “الحزب” وإسرائيل هو الذي يرسخ الوضع الحالي بين الطرفين في الجنوب، أي حرب الاستنزاف. وإذا كانت الخسائر الكبرى في هذه الحرب يتكبدها “حزب الله” ولبنان لا إسرائيل، فإن المفارقة هي أنّ “الحزب” نفسه هو الذي يتمسك بحرب الاستنزاف، فيما إسرائيل هي التي تمارس الضغوط لوقفها.
وبهذا المعنى، يمكن القول إنّ “الحزب” نجح في “إزعاج” إسرائيل على الحدود، ولو بكلفة عالية جداً. وهذا “الإزعاج” يحاول الإسرائيليون التخلص منه إما بالديبلوماسية وإما بتصعيد الحرب وتوسيع رقعتها. وعلى الأرجح، هم سيجدون الضربة الصاعقة بديلاً مناسباً، خصوصاً أن الخيار الديبلوماسي، من خلال هوكشتاين، فشل حتى الآن. وفي الجولة الأخيرة، تراجع الرجل عن كل طروحات وقف النار، واكتفى بمطالبة “حزب الله” بأن يعود- على الأقل- إلى قواعد الاشتباك المضبوطة التي كانت في بدايات الحرب.
وعلى الأرجح، يلتزم “الحزب” نصيحة هوكشتاين. فـ”المشاغلة” التي يسعى إليها لا تستلزم الخرق الواسع لقواعد الاشتباك السابقة. ويكفيه فقط حرب الاستنزاف في حدودها الضيقة. لكن هذا الأمر لا يروق إطلاقاً لإسرائيل، لأن مجرد وجود خطر أمني في الشمال سيُبقي الجيش الإسرائيلي مستهدفاً وسكان تلك المناطق في عمق كيلومترات عدة في دائرة الخطر.
إذاً، الضربة الإسرائيلية الصاعقة لن تكون مستبعدة، بدءاً من نهايات تموز. وربما هذا ما يبرر الدعوات المتلاحقة التي توجهها السفارات إلى رعاياها كي يغادروا لبنان أو يتجنبوا المجيء إليه. وبكثير من القلق، سيترقب لبنان ما يمكن أن يُرسَم له، فيما حكومته عاجزة حتى عن إبداء رأيها في ما يجري، وفيما بصمات حرب 2006، في ذكراها الـ18 ما زالت محفورة، مادياً ومعنوياً.
هذه الضربة، إذا نفذتها إسرائيل، ماذا ستستهدف؟ وما هي حصة “حزب الله” منها، وما هي حصة المدنيين في لبنان؟ وفي هذا السيناريو، هل سيتسع نطاق الضربة لتصيب المرافق الحساسة جداً، كشرايين المواصلات وبنى الكهرباء والاتصالات والمطار الذي أثير حوله الغبار في شكل لافت وخطر قبل أيام؟ وماذا ستفعل حكومة العجز لتجنيبه الكارثة، غير إصدار البيانات الإنشائية الفارغة والمواقف الغامضة أو الساذجة؟ وما حدود الرد الذي سيتكفل به “حزب الله”، ومِن ورائِه إيران؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us