الجميع في سباق مع الوقت مع وضد الحرب
لبنان المغلوب على أمره والمسلم قراره لـ “الحزب” يبدو في حيرة من أمره رغم أنّ التطورات تصب عمليا في صالحه حتى الآن. فهذا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يسابق الوقت باتجاه متابعة الحرب لإصراره على التخلص من”حماس” في غزة
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
يبدو أنّ الجميع عربياً ودولياً في سباق مع الزمن، وفي مختلف الاتجاهات سواء سلبًا أم إيجاباً، إن كان نحو إيقاف الحرب أم باتجاه تصعيدها، ما عدا لبنان المغلوب على امره والمسلم قراره لـ “حزب الله” الذي يبدو في حيرة من أمره رغم أنّ التطورات تصب عملياً في صالحه حتى الآن. فهذا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يسابق الوقت باتجاه متابعة الحرب لإصراره على التخلص من”حماس” في غزة. وواضح أنّ هذا الهدف دونه مصاعب وعقبات تضطره لتوسيع هجومه نحو رفح وأيضاً باتجاه لبنان. إلا أنّ إصرار نتنياهو، بدأ يلقى معارضة من الجيش الإسرائيلي نفسه الذي أعلن عدد من قيادييه العسكريين أنهم غير مقتنعين بخوض حرب في لبنان لأنهم يعتبرون أنها مكلفة، ولأنّ “حزب الله” مدجج بالسلاح ويقاتل على أرضه. ورغم الحملة التي مارسها نتنياهو ضد واشنطن شاكيًا من أنها لم تزوّده بالسلاح والذخيرة الكافية، عاد محاولاً ترتيب الأمر بإعلانه عن أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن سيعود لتزويد تل أبيب بالسلاح الذي تحتاجه علماً أن بايدن يرفض أن يخوض نتنياهو الحرب في رفح وتوسعتها إلى لبنان، وقد رفض قبل أيام تسليم الحكومة الإسرائيلية 15 طائرة أباتشي. ولكن ليس أمام نتنياهو سوى التصعيد العسكري للبقاء في السلطة ومنع حكومته من السقوط. وهذا مبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط آموس هوكشتاين يصل هذه المرة إلى باريس لإجراء مفاوضات مع المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان-إيف لودريان من أجل متابعة التفاوض بخصوص الملف الرئاسي والحل على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية التي سبق أن قام هوكشتاين نفسه بترتيب اتفاق بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية واستخراج الغاز والنفط في خريف 2022 قبل أن تنتهي ولاية الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا. والمعلومات التي أكدها أكثر من نائب أن مسودة اتفاق حول الحدود البرية ونقاط الخلاف حولها قد تمّ التفاهم عليها بين هوكشتاين ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وهي تنتظر وقف إطلاق النار الذي سيشمل بطبيعة الحال الجبهة بين لبنان وإسرائيل. وهذا ما تعمل عليه واشنطن وباريس التي تحاول، في سباق مع الوقت أيضاً، ترتيب الأمور على الحدود اللبنانية قبل أن تحصل مفاجأة في الانتخابات الفرنسية التي ستجري الأحد القادم، والتي قد تكون لصالح اليمين المتطرف الذي يمثله التجمع الوطني بقيادة ماري لوبان ما سيجعل مهمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شبه مستحيلة.
كما أن دور الرئيس الأميركي بايدن سيصبح معقداً وربما معطلاً مع بداية شهر آب عندما تدخل الولايات المتحدة في حمى معركة الرئاسة بين الرئيس الديموقراطي الحالي والرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب الذي تبدو حظوظه متقدمة. وهذا ما يراهن عليه نتنياهو محاولاً الاستمرار في المواجهة حتى تشرين الثاني المقبل.
في المقابل يبدو وضع الممانعين الذين يخوضون المعركة مع نتنياهو، أي حماس و”حزب الله” أفضل حالاً على اعتبار أنّ إيران التي تقودهم وترعاهم تنتهي بعد غد من الانتخابات الرئاسية بغض النظر عمن يفوز لأنّ القرار الأساس في السياسة الخارجية يبقى بيد مرشد الثورة علي خامنئي الذي حذر مستشاره لشؤون العلاقات الخارجية كمال خرازي إسرائيل بأنها إذا توسعت بالحرب وشنتها على “حزب الله” فإنّ الحرب “قد تنتقل من معركة محدودة إلى حرب واسعة ومفتوحة” وطهران لن تقف مكتوفة الأيدي، ولو أنها كما صرح لصحيفة “فايننشيال تايمز” لا ترغب في حرب في المنطقة ولا بامتلاك السلاح النووي، وأنّ الحرب لن تكون في صالح بلاده ولا في صالح الولايات المتحدة”. وهو هكذا يحافظ على خط تواصل مع واشنطن. وهذا طبعاً موقف لا يحمس ولا يطمئن على الأقل “حزب الله” للاستمرار في القتال. لذلك فهو يصر على وقف إطلاق النار قبل التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل ولبنان حول نقاط الخلاف على الحدود الذي يعمل عليه بري بموافقة أمين عام الحزب حسن نصرالله. وقد أثار هذا الموقف لغطاً والتباساً على الصعيد العربي من قوة “حزب الله” ما دفع الجامعة العربية إلى سحب تصنيفها للحزب بالإرهاب، غير أنّ المعارضة التي أثارتها في لبنان أدت إلى المسارعة في تصحيح الموقف والتراجع عنه.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية |