ميقاتي: pâte à modeler
منذ بدء “الحزب” القائد حرب المشاغلة لتخفيف الضغط على غزة انطلاقاً من الأراضي اللبنانية الواقعة تحت ولاية اليونيفيل والجيش اللبناني، لم يصدر عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما يشي بتبرّؤ حكومته من مغامرة “الحزب” كما فعل فؤاد السنيورة في حرب تموز 2006 التي ورّط بها الحزب لبنان كلّه، وتسببت بجعل جسوره وبناه التحتية هدفاً للضربات الجوية الإسرائيلية
كتب عمر موراني لـ “هنا لبنان”:
لكل راقصة شرقية طبّال يتفاعل مع ارتجاجات خصرها، ولكل فرقة زجلية مجموعة ردّادين تردد خلف الشاعر ما يجب ترداده من بيوت المعنى والقرّادي، ولكل قائد فيلق ببغاوات أما الحزب القائد على الساحة العربية فلديه باقة من الأبواق الإعلامية والسياسية الناشطة والمتنقلة من “بودكاست” إلى “توك شو” ومن شاشة إلى مذياع إلى موقع إلكتروني، ووظيفتها التمجيد والتعظيم والتسويق والتسويف والتبخير والتبرير.
منذ السابع من أكتوبر، تاريخ بدء الحزب القائد حرب المشاغلة أو المساندة لتخفيف الضغط على غزة انطلاقاً من الأراضي اللبنانية الواقعة تحت ولاية اليونيفيل والجيش اللبناني، لم يصدر عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما يشي بتبرّؤ حكومته من مغامرة “الحزب” كما فعل فؤاد السنيورة في حرب تموز 2006 التي ورّط فيها الحزب لبنان كلّه، وتسببت بجعل جسوره وبناه التحتية هدفاً للضربات الجوية الإسرائيلية. لا بل وصل الأمر بميقاتي إلى القول: “المقاومة تقوم بواجبها والحكومة كذلك” وكأنه في مكان ما يبرر الحرب التي بدأتها المقاومة الإسلامية / فرع لبنان. وبالموازاة يكرر “دولة الرئيس” بطريقة آلية أنّ لبنان متمسك بالقرار 1701 والسلام وهو تعرض للإعتداء الإسرائيلي مطالباً المجتمع الدَوْلي بلجم إجرام العدو من دون أن يكلّف خاطره بالتمني على الحزب إلتزام الهدوء كمبادر إلى إشعال حرب كنّا بغنى عنها، لا بل بات دولته، يعيد ووزير خارجيته، بطريقة آليه أيضاً، معزوفة أنّ الحرب تتوقف على جبهة الجنوب تلقائياً مع توقف الحرب نهائياً على غزة في تماهٍ كامل مع ثوابت الحزب، أما في حال تطورت الأعمال الحربية بشكل سوبر دراماتيكي، متخطية كل قواعد الإشتباك، فلن يفاجئنا أن يصدر عن الرئيس ميقاتي بيان يتضمن تهديداً صريحاً بـ “إذاقة العدو كل بأس المقاومة والسمّ الزعاف والموت الزؤام”. القاموس غني بمثل هذه المفردات “الرعدية”.
يُخال إلي، أنّ الرئيس ميقاتي الفائق التهذيب، يلعب منذ تشرين الأول الماضي دور رئيس دبلوماسية المرشد الأعلى في لبنان، كما أنّ حكومته لا ترد للحزب طلباً، ففي أوخر تشرين الثاني الماضي زاره فتى الحزب الأغرّ حسن فضل الله ونقل عنه “تجاوبه بشكل كبير” وأنّ “الحكومة معنية بتقديم التعويضات”، بعد أشهر قرَنَ القول بالفعل غير عابئ بأي اعتراض من أي جهة وازنة أتى.
ويلعب رئيس حكومة تصريف الأعمال في الوقت عينه، دور الرجل الحكيم الصبور الغيور الإيجابي المنفتح على كل القوى السياسية، المتفهم لهواجسها. من هنا وصف أحد المراجع له بالـ “مغّيطة”، لكن الوصف الأدق أن الرئيس الميقاتي أشبه بـ pâte à modeler يتقولب بسهولة ويرضي كافة الأذواق وكل السياسات.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |