المعارضة تناور على بري
تتقدم المعارضة إلى الأمام، بمبادرات تسعى من خلالها لملء الفراغ. “الحزب” يؤجل الاستحقاق الرئاسي، ويدجن الحكومة، ويعتمد الرئيس بري رئيساً للبنان، فيما المجتمع الدولي ينتظر على وقع الفراغ، ويتحرك بحياء في الملف الرئاسي، لأن شغله الشاغل يبقى ملف وقف إطلاق النار في الجنوب، ومنع انتقال حرب المساندة إلى حرب شبيهة بالحرب في غزة
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
تتحرك المعارضة ببطء ولكن بثبات. البيان السياسي من مجلس النواب الذي تلاه اللواء أشرف ريفي، رفضاً للحرب، تم إتباعه بمبادرة من مجلس النواب أيضاً، تضمنت خريطة طريق للتعامل مع الاستحقاق الرئاسي، الذي يحتجزه حزب الله إلى أمد غير منظور، عبر رئاسة المجلس التي باتت تعشق الحوار، سبيلاً إلى انتخاب الرئيس، بدون أي ضمانة ولا إثبات يدحض نوايا المناورة.
يلعب الرئيس بري في ملعب مكشوف. اللاعبون حفظوا عن ظهر قلب، لون أرانبه وقبعته، التي تخفي بعضاً من تكتيكات عفا عليها الزمن.
يريد رئيس المجلس أن يأخذ الجميع، إلى البحر ليردهم عطشى. الأطرف في مناورة الحوار، أنه يسعى لإقناع مجموعة الخمس، بأنه سيفتح أبواب المجلس مباشرة بعد عقد الحوار. أما سفراء هذه المجموعة، الذين باتوا خبراء في الملف اللبناني، فهم يعرفون تمام المعرفة بأنّ بري يناور، لكنهم لا يمتلكون الضوء الأخضر من عواصمهم لهز العصا، فلا عقوبات، ولا تسمية للمعطلين، والحركة باتت تفتقد للبركة، في ظل استسهال التملص من الالتزامات.
يعرف رئيس المجلس، أنّ مفتاح العقوبات في جيب الأميركيين لا سواهم، ويعرف أيضاً أنهم يحافظون على موقعه برموش العيون، لأنه الوسيط مع حزب الله، ويعرف أيضاً، أن من يلعب في السياسة خارج إطار المحليات الضيقة، يقطف أثماناً على طاولة المفاوضات، ربما تتجاوز حجمه ووزنه، ولهذا فهو مطمئن إلى أنّ مجموعة الخمس، لن تذهب إلى الضغط عليه في الملف الرئاسي لأنها تحتاجه في الملف الجنوبي، كما احتاجته في ملف الترسيم البحري، فكانت جائزته كلاماً إطرائياً من آموس هوكشتاين، لم يسبق أن قيل بحق أي مسؤول لبناني من قبله، وكانت جائزته الأهم تأخير البت بالعقوبات، التي كانت طالت شبيهه في الحياة السياسية اللبنانية جبران باسيل، فيما تم استثناء كل من يلعب دور المفاوض باسم حزب الله.
أمام هذا المشهد تتقدم المعارضة إلى الأمام، بمبادرات تسعى من خلالها لملء الفراغ. حزب الله يؤجل الاستحقاق الرئاسي، ويدجن الحكومة، ويعتمد الرئيس بري رئيساً للبنان، فيما المجتمع الدولي ينتظر على وقع الفراغ، ويتحرك بحياء في الملف الرئاسي، لأن شغله الشاغل يبقى ملف وقف إطلاق النار في الجنوب، ومنع انتقال حرب المساندة إلى حرب شبيهة بالحرب في غزة.
يشكل تعزيز متانة كتلة الـ31 نائباً سداً بوجه دينامية متوقعة فور سريان وقف إطلاق النار، يخشى أن تؤدي إلى مقايضات مميتة تسهم في التسليم لحزب الله بالرئاسة والحكومة وتشكيل مجمل السلطة لأكثر من ست سنوات قادمة.
المعارضة واثقة بأنّ ذلك لن يحصل، وبأنّ النظام الحالي سيصبح نسياً منسياً إذا ما تمت التضحية بلبنان على طاولة البازار الإقليمي والدولي.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |