اضطرابات سلوكية ونفسية يعاني منها الأطفال: وعلم النفس يؤكد على أهمية التواصل الكلامي في مرحلة الطفولة!


خاص 13 تموز, 2024

تختلف أشكال التأتأة وتأخر الكلام عند الأطفال ما بين طفل وآخر، فبعضهم يتكلم بشكل جيد، والبعض الآخر ينطق بجمل غير مفهومة وغير مترابطة. فنمو كل طفل يختلف اختلافاً ملحوظاً عن الآخر، وقد يكون هذا التأخر أحيانًا علامة تحذيرية لمشكلة أكثر خطورة



كتبت ريتا صالح لـ”هنا لبنان”:

يواجه الأطفال في المجتمعات كافة عدة مشاكل في مختلف الأمور الأساسية لنموهم بطريقة سليمة. ومن أبرز المشاكل التي تشكل لهم ولأهلهم عدّة مخاوف وقلق مستمر، هي التأتأة أو التلعثم، أي الكلام المتقطع نتيجة عدم القدرة على توحيد ألفاظهم والتعبير بشكل واضح، وهذا ما يشكل لديهم حالة من عدم الراحة وعدم الطلاقة في الكلام. كما وأن التأخر في الكلام عند الأطفال يعتبر من الاضطرابات السلوكية الشائعة، كما تختلف أشكال التأتأة وتأخر الكلام عند الأطفال ما بين طفل وآخر، فبعضهم يتكلم بشكل جيد، والبعض الآخر ينطق بجمل غير مفهومة وغير مترابطة. فنمو كل طفل يختلف اختلافاً ملحوظاً عن الآخر.
وفيما هناك العديد من الأمور التي تسبب التأخر في الكلام عند الأطفال فقد يكون هذا التأخر أحيانًا علامة تحذيرية لمشكلة أكثر خطورة مثل، ضعف السمع، تأخر النمو في مناطق معيّنة، أو حتى اضطراب طيف التوحد، وقد يكون تأخر الكلام في مرحلة الطفولة المبكرة أيضًا علامة على مشكلة في التعلم.
في حين كثر الكلام في مجالس الأخصائيين وأطباء النفس والمجتمعات عن حالات التأتأة التي يعاني منها الأطفال والصغار لعدة أسباب وأمور مختلفة. وبما أن التأتأة هي أحد أنواع اضطرابات الكلام التي تصيب في الغالب الأطفال بين الثانية والخامسة من العمر، فيمكن وصفها بأنها عملية تكرار في بعض الكلمات وقد تسبب للطفل مشاكل في التواصل مع الآخرين ممّا يمكن أن يسبب له الانطوائية جراء هذه الحالة. فما هو علاج مشكلة التأتأة؟ وما هي أبرز الأمور التي يجب على الأهل اتباعها وعدم التراخي عنها؟
للغوص في تفاصيل الاضطرابات النفسية التي يمكن أن يعيشها أي طفل، يشرح الأخصائي والمعالج النفسي وخبير برامج حماية الطفل إيلي نصار لـ”هنا لبنان” أنّ الطفل يبدأ في مسار التواصل مع الآخر فور ولادته، فتتقدّم قدرات التواصل تدريجيًا وفق المراحل العمريّة، مضيفاً أنّ عملية التواصل تعتبر من العلامات المهمة جداً للنمو الطبيعي للطفل، لذلك يشكل ذلك أولى علامات القلق عند الأهل عندما يلاحظون أي تأخير أو خلل في هذا المسار وتبدأ التساؤلات لمعرفة الأسباب.
وأوضح نصار أنّ التواصل الكلامي من أهم وسائل التواصل ومن أهم الأمور التي تمكّن الطفل من التعبير عن ذاته تجاه أهله ومحيطه، بحيث يبدأ التواصل الكلامي في مرحلة الطفولة المبكرة خلال السنة الثانية حيث يلفظ بعض العبارات ولو بشكل غير مفهوم. ويصبح بين السنة الرابعة والسادسة قادراً على إفهام الآخر ما يريد تدريجيًا. ويبدأ الأهل بتمييز أي خلل كلامي في عمر الخامسة أو السادسة بشكل عام. ومن هنا يمكن ان تظهر عوارض الفأفأة أو التأتأة أو الطلاقة في الكلام عند بعض الأطفال وهو اضطراب معروف تحت اسم Developmental speech fluency disorder حيث تظهر صعوبة لدى الطفل بالبدء أو بالحفاظ على طلاقة الكلام بوتيرة ثابتة، إضافة إلى تكرار لفظ الأحرف والكلمات أو حتى الجمل والإطالة بها. كما أضاف نصار أنه يمكن أن يرافق ذلك أيضاً توقف عن اللفظ لفترة معينة مع عدم قدرة الطفل على إخراج الصوت، كما يتجنب قول بعض العبارات والجمل لتفادي الإحراج، ويترافق ذلك أحيانًا مع وضعيات حركية في اليدين أو الوجه او العينين.
وعما إذا كانت التأتأة تصيب الطفل باضطراب نفسي كبير، أكد نصار أنّ هذه العوارض قد تؤدي إلى المزيد من الضغط النفسي لدى الاطفال، حيث من الممكن أن يتعرضوا للتنمّر أو التجاهل أو الضغط الذي قد يأتي من الأهل أو المدرّسين أو الاصدقاء. وتابع أنّ من علامات التأتأة أن تبدأ باكرًا وأن تستمر لستة أشهر أو أكثر ولا تختفي لوحدها. أمّا عن الأسباب، فهذا الاضطراب في معظم الأحيان ليس مرتبطاً بخلل عضوي فكري أو حسي أو باضطراب في الجهاز العصبي.
وعن كيفية مساعدة الطفل الذي يعاني من اضطراب التأتأة، يقول نصار أنه يجب الانتباه إلى الجانب النفسي للطفل حيث من الضروري تشجيعه على التعبير من دون خوف أو تردد، لا بل مساعدته على التعبير بوتيرة جيّدة من دون لومه أو الضغط عليه. واعتبر أنّ إعطاء الطفل الوقت الكافي والاهتمام به من خلال عملية “تواصل متوازنة” مع الأهل والإصغاء له والتفاعل معه تعتبر أموراً مهمة جداً وكافية.
من ناحية اخرى، أوضح نصار أنه عند ظهور عوارض هذا الاضطراب من المهم أن يعتمد الأهل على مقاربة هادئة في التواصل مع الطفل ومساعدته على استعادة هدوئه في التعبير في مختلف الوضعيات الاجتمعيات، وعدم الضغط عليه وإعطائه الوقت الكافي للتعبير عما يريده، ومساعدته على تقبل العوارض وتطمينه أنهم بجانبه للتقدّم التدريجي لتخطي هذه العوارض.
كما شدد على أن للأهل دور كبير في تعزيز ثقة الطفل بذاته، وإعطائه الاهتمام الكافي، بعيداً عن المبالغة، ومساعدته على تخفيف التوتر، خاصة في التقليل من أهميّة ورأي الآخرين بهذه العوارض ممّا يخفف من نسبة التوتر والارتباك لديه، مشيرا إلى أنّ دعم الأهل يجب أن يبقى مستمرًا ومتواصلاً بوتيرة دائمة وثابتة.
أمّا عن أهمية عرض الطفل للأخصائيين، يؤكد نصار أنّ استشارة اخصائيي النطق والاخصائيين النفسيين عامل مهم في مساعدة الطفل والأهل على تخطّي العوارض حيث يمكن أن يعمل كل طرف من جهة اختصاصه على مساعدة الطفل على استعادة الطلاقة في الكلام وتخفيف عوارض التأتأة تدريجياً.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us