صوت من “الحزب”: لي أصدقاء يهود


خاص 15 تموز, 2024

في زمن ينهار فيه السلام، لا يكفي أن يستحضر “الحزب” أدبيات “الصداقات” مع اليهود. فمن صعد إلى شجرة التصعيد عليه أن يتدبر أمره للنزول من فوقها تفادياً للسقوط الذي تلوح مخاطره في كل لحظة

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

لا يجادل اثنان في خطورة الأوضاع في غزة وتالياً في جنوب لبنان. وارتفع منسوب القلق في المنطقة وخارجها من انزلاق التدهور في هاتين المنطقتين المتفجرتين إلى ما يُسمّى الحرب الموسعة التي سينخرط فيها محور الدول المتحالفة مع إيران. غير أنّه ما زالت هناك ملامح رهان على أن تبصر النور تسوية تنهي احتمال هذه الحرب. وترافق ذلك مع لغة منفتحة من “حزب الله” على اليهود وهو أمرٌ له دلالاته.

قبل أيام حاورت كريستيان أمانبور في برنامجها على قناة CNN عضو كتلة “حزب الله” النائب إبراهيم الموسوي حول مخاطر الحرب الشاملة مع إسرائيل. ورداً على سؤال قال الموسوي: “لديّ العديد من اليهود الأصدقاء. وقد دعوت خاحامات يهود من مانشستر في بريطانيا عام 2004 و2005 (إلى لبنان) انطلاقاً من معارضتهم للصهيونية. وليس لديّ شيء ضد اليهود”.

أتى كلام الموسوي في سياق يتصل بالصورة التي ارتسمت لـ “الحزب” نتيجة انخراطه في المواجهة مع إسرائيل منذ 8 تشرين الأول الماضي دعماً لحركة “حماس” في غزة. وأتى حديث نائب “الحزب” عن “صداقات” له مع رجال دين يهود في بريطانيا، كي يرسم خطاً فاصلاً بين المواجهات العنيفة على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وبين معاداة السامية التي يعتبرها الغرب خطيئة يرتكبها أعداء اليهود. ومن بين الذين يعتقد الغرب أنهم من معادي السامية، النظام الحالي في إيران.

لم يصل كلام الموسوي للقناة الأميركية إلى الناطقين بالعربية. لكن هذا الكلام وصل إلى أجزاء واسعة من العالم له صلة باللغة الإنجليزية. فهل أحدث ذلك فرقاً في سير المواجهات بين إسرائيل و”حزب الله”؟

لا داعي للعجلة في إطلاق جواب جازم على هذا السؤال. لكن، وبحسب المعلومات التي تتوالى جنباً إلى جنب مع ارتفاع وتيرة المواجهات الميدانية، لا يبدو مؤثراً الاتكال فقط على كلام عن “الصداقات” بين “الحزب” واليهود من أجل إنهاء هذه المواجهات. بل إنّ هناك أفكاراً متداولة حول تطبيق القرار 1701 وآخرها ما ورد في صورة مفاجئة من الرئيس نبيه بري. فبعد ترؤس بري اجتماع كتلته النيابية، “التنمية والتحرير”، صدر بيان أكد على “الرفض المطلق لأيّ نقاش أو بحث، بإنشاء مناطق عازلة فوق أي بقعة من التراب السيادي اللبناني، لا في جنوب الليطاني ولا في شماله”.

ما أشارت إليه كتلة بري النيابية لم يكن بعيداً عما جرى ولا يزال من متابعات في واشنطن وباريس من أجل دفع الجهود إلى وقف لإطلاق النار على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية. ولم تأت فكرة “المناطق العازلة” التي أشارت إليها كتلة بري من فراغ. لا بل إنها بدت وكأنها رجع صدى لما صرّح به وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب الموجود حالياً في العاصمة الأميركية. فبعد أن التقى هناك مبعوث الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين خصّ بو حبيب موقع “المونيتور” الإلكتروني بمقابلة حصرية قال فيها أنّ الأمن في الجنوب يعتمد في نهاية المطاف على جيش لبناني قوي واتفاق على الحدود وليس الحرب.

في حين أنّ النقاط الدقيقة في اقتراح هوكشتاين لإعادة الهدوء إلى الجنوب، ظلت طيّ الكتمان، وصفت مصادر مطلعة على المفاوضات الخطوط العريضة لـ “المونيتور في مقابلات سابقة، هذه النقاط بأنها “تهدف إلى إقناع “حزب الله” بسحب مقاتليه على بعد 6-8 أميال من الحدود الإسرائيلية مقابل تنازلات إسرائيلية، بما في ذلك الحد من النشاط العسكري في سماء لبنان”. وتستند خطة هوكشتاين إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي صدر في أعقاب انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2006. لكنّ أحكامه – بما في ذلك تجريد الحدود من السلاح – لم تنفذ بالكامل أبداً.

وقال بو حبيب إنّ القرار 1701 “يمكن تحسينه”، ونسب إلى هذا القرار الفضل في تحقيق “سلام نسبي” في منطقة الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وقال “منذ عام 2006 وحتى 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لم يكن هناك حادث حقيقي على الحدود”. “إذا قمنا بتنفيذه بالكامل، مع تعديلات طفيفة، يمكن أن يكون لدينا سلام حقيقي على الحدود. سيكون لدينا أمن حقيقي على الحدود”.

ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 17 تموز الجاري، أي بعد يومين، لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، يعترف بو حبيب بأنّ التوصل إلى اتفاق كامل بشأن الحدود سيستغرق وقتاً، وسيتطلب إنهاء القتال في غزة. وقال: “حزب الله يرفض الحديث عن أي شيء قبل وقف إطلاق النار في غزة”.

وبينما أشار وزير الخارجية إلى أنه لا يستطيع التحدث باسم “حزب الله”، قال إنه ليس على علم بأي تنازلات يعتزم “الحزب” طلبها مقابل الموافقة على الوساطة الأميركية على الحدود إذا قرر القيام بذلك.

وفي هذا السياق من استشعار خطورة التطورات في الجنوب، أتى كلام الرئيس الفرنسي في ذكرى ١٤ تموز، حيث أشار إلى “مخاطر محدقة بلبنان صديق فرنسا، ولكن نحن لن نتركه، علماً أنّ جنودنا يتواجدون في جنوب لبنان في إطار قوات اليونيفيل”. وشدد على وجوب ضمان أمن لبنان وتطبيق القرار 1701 بالكامل.

بالعودة إلى النائب إبراهيم الموسوي، فقد سألته أمانبور: “هل هناك أية إمكانية لإرجاع قوات “حزب الله” عن الحدود وتقوم إسرائيل بخطوة مماثلة”، فأجاب: “هذا وضع من نوع انتظر لنرى”.

في زمن ينهار فيه السلام، لا يكفي أن يستحضر “الحزب” أدبيات “الصداقات” مع اليهود. فمن صعد إلى شجرة التصعيد عليه أن يتدبر أمره للنزول من فوقها تفادياً للسقوط الذي تلوح مخاطره في كل لحظة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us