هل يخرج فرنجية من قُبَّعة الساحر؟


خاص 18 تموز, 2024

انتهت حرب غزة بمعنى العمليات العسكرية الواسعة، ودخلت مرحلة استنزاف ستنتهي بتفاهمات أمنية وسياسية، عاجلاً أم آجلاً. وهذا الأمر سينعكس تفاهمات مماثلة على الحدود بين لبنان وإسرائيل. ويفضل “الحزب” خلال هذه الفترة أن يكون في موقع السلطة الأولى رئيس حليف له

كتب طوني عيسى لـ “هنا لبنان”:

على رغم مرور عام ونصف العام من الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، لا يبدو أنّ هذا الملف موضع اهتمام “الثنائي الشيعي”. أولاً، لأنّ “حزب الله” سبق له أن أبقى الموقع شاغراً نحو عامين ونصف العام ليوصل حليفه الرئيس السابق ميشال عون. وثانياً، لأنّ “الحزب” يعتبر نفسه اليوم في حال حرب، ووجهته الأساسية هي ساحة القتال على الحدود مع إسرائيل، لا ساحة النجمة.

وفي تقديره أن “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”، وأن التفكير في الدستور والمؤسسات فيما تدوّي المدافع، إنما هو نوع من الترف. وفي الواقع، حتى اللجنة الخماسية أوقفت جهودها في الملف الرئاسي. ولولا الحراكات اليائسة للقوى المعارضة وعظات الأحد، لنسي البلد تماماً أنه في وضعية الشغور الرئاسي.

في أي حال، هذا الوضع لا يتسبب بأي ضرر لـ”الثنائي”. بل وعلى العكس، ارتاح الرئيس نبيه بري من مناخات المشاكسة السياسية والمناكفات وصراع المصالح مع “صهر العهد” جبران باسيل طوال فترة وجود عون في بعبدا. كما أنّ غياب رئيس الجمهورية، أبقى موقع رئاسة المجلس وحده مكتمل المواصفات الشرعية دستورياً، فيما موقع رئاسة الحكومة يتخبط في وضعية تصريف الأعمال. ولذلك، يفضل “الثنائي” استمرار الشغور، مهما طال، إذا لم يُتَح له إيصال الرئيس الذي يناسبه.

ومن جهته، يعتقد “الحزب” أنه إذ يسعى إلى تحقيق الانتصار في ساحة القتال جنوباً، فإنه أيضاً سيضمن الانتصار في معاركه السياسية في الداخل. فبديهي أن تأتي الاتفاقات دائماً لمصلحة الأقوياء. ولأنّ “الحزب” سيكون المفاوض الحقيقي والوحيد للقوى الدولية والإقليمية في الجنوب، باسم الدولة اللبنانية، فإنه سيتمكن من انتزاع المكاسب السياسية أيضاً في ساحة النجمة، من طريق المقايضة السياسية بين الداخل والحدود. وفي عبارة أخرى، هو سيجيِّر المكاسب المحققة في الجنوب إلى الداخل. وهذا الأمر باتت تعرفه اللجنة الخماسية وتعترف به، وكذلك الوسطاء، وفي طليعتهم آموس هوكشتاين. فهؤلاء الوسطاء يلتقون الجميع ويستمعون إليهم، فيما هم لا يتفاوضون فعلاً إلا مع “الحزب”.

ولكن، على رغم هذه الوقائع، بدأت تلوح، منذ أسابيع، إشارات جديدة في الملف الرئاسي. ورشحت معلومات عن وجود معطيات محلية وخارجية مستجدة ربما تدفع “الحزب” إلى استعجال قطف ثمار الحرب في الجنوب وتحقيق الانتصار السياسي الذي يريده في الداخل. وليس مستغرباً أن ينضج الملف الرئاسي، في لحظة معينة، فيما الحرب مستمرة على الحدود. وفي هذا الشأن يقول أحد المطلعين: في بعض الأحيان، تنضج ثمار قبل أخرى على شجرة واحدة، ويجدر قطفها لئلا تسقط وتذهب سدى.

في الترجمة السياسية، يعني هذا الأمر أن لدى “الثنائي” فرصة أكبر لإيصال مرشحه سليمان فرنجية. وأبرز المعطيات التي تسمح بذلك، هي الآتية:

1- استيعاب “الثنائي” لباسيل مجدداً، وإلى حد معين وليد جنبلاط، وتراجع قدرات الجبهة المعارضة. وثمة اعتقاد بأنّ “الثنائي” يخطط لاستغلال المبادرة الأخيرة التي أطلقتها القوى المعارضة، لينزلق بها عن أهدافها الأساسية، ويمرر انتخاب فرنجية.

2- يعتقد “حزب الله” أنّ إدارة الرئيس جو بايدن ستستعجل تحقيق إنجازات في الشرق الأوسط، في الأشهر القليلة الأخيرة من الولاية. وهي ستحرص على تدعيم استقرار لبنان بانتخاب أي رئيس للجمهورية يمكن أن يحظى بالغالبية في المجلس النيابي.

3- انتهت حرب غزة بمعنى العمليات العسكرية الواسعة، ودخلت مرحلة استنزاف ستنتهي بتفاهمات أمنية وسياسية، عاجلاً أم آجلاً. وهذا الأمر سينعكس تفاهمات مماثلة على الحدود بين لبنان وإسرائيل. ويفضل “حزب الله” خلال هذه الفترة أن يكون في موقع السلطة الأولى رئيس حليف له. ففي الدستور، رئيس الجمهورية هو المولج إبرام المعاهدات، كما فعل عون في ملف ترسيم الحدود البحرية عشية مغادرته موقعه الرئاسي.

إذاً، من خارج سياق الحرب في الجنوب، يقفز إلى الواجهة ملف رئاسة الجمهورية بمقدار من الجدية هذه المرة. وثمة انطباع بأنّ “الحزب” سيحاول استغلال الفرصة، وسيلاقيه بري بدعم لوجستي يترجم بمناورات في المجلس النيابي. وسيحاول، كالمعتاد، إخراج الأرنب من القبعة، كما يفعل الساحر ويذهل الجمهور، لأنّ التركيز يكون مسلطاً على مكان آخر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us