وئام وهاب ستايل
أمضى وئام وهاب ثلاثين سنة من عمره في كبريات المكتبات العالمية ليخرج بخلاصة مفادها أنّ الفينيقيين كانوا “يأجّروا نسوانن للبحّارة. كلنا عرب. شو هني الفينيقيين؟” قالها من دون تردد وصارت العبارة “ترند” على وسائل نشر الوعي الإجتماعي
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
بعدما قرأ موسوعة “شعوب الشرق الأدنى وحضاراته” بأجزائه الخمسة لجواد بولس، إنتقل إلى “مؤرّخ الحضارات” أرنولد توينبي” الذي كان ضيف “الندوة اللبنانية” في العام 1957، متبحراً في أعماله ومحاضراته ليتفرّغ بعدها لأعظم مؤرخي الحضارات في القرن العشرين الفرنسي فرناند بروديل، ومتى فرغ منه “ركّ” على أرنولد بن هيرمان لودفيغ هيرين منقباً بين مجلدات التاريخ، وهكذا أمضى وئام وهاب ثلاثين سنة من عمره في كبريات المكتبات العالمية ليخرج بخلاصة مفادها أنّ الفينيقيين كانوا “يأجّروا نسوانن للبحّارة. كلنا عرب . شو هني الفينيقيين؟” قالها من دون تردّد وصارت العبارة “ترند” على وسائل نشر الوعي الإجتماعي.
صحيح نحن عرب قبل الفتح العربي في القرن السابع، عرب بمفعول رجعي!
تصعب محاججة الأستاذ وئام، كرجل متضلّع في تاريخ الحضارات، ومتعمّق بالثوابت التاريخية والحضارية ومدجج بالفكر الشامل، فلو جاءه رائد النزعة الفينيقية شارل داوود قرم بشخصه لأفحمه وخرج من مجلس رئيس تيار التوحيد العربي عربياً باب أول منشداً قصيدة أبي القاسم الشابي: “عربيّ أنا إخشيني/ الويل إذا أحببتني …”
دائماً كانت العروبة الفيصل بين لبناني وطني ولبناني إنعزالي. ففي مؤتمري لوزان وجنيف أقرّ القادة المسيحيون، بنتيجة توازن القوى بعروبة لبنان. وفي اتفاق الوفاق الوطني حُسم الجدل” لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم بمواثيقها” انتصر الخيار العربي في وجه الخيار الفينيقي. في ذاك التاريخ كان على روميو لحود تقديم “فينيقيا 1980” بصيغة جديدة تحاكي روح الطائف ولم يُقدِم ولا سعيد عقل أعاد النظر بعشتاره وبموخوس الصيدوني.
قارب الأستاذ المؤرّخ وئام وهاب الحضارة الفينيقية الممتدة على 2400 سنة تقريباً على طريقته المحببة والسهلة الوصول إلى المشاهد الجاهل: رجال تجّار. نساء عاهرات. يسلم هالتم. أحكام مطلقة شديدة الوضوح. تاريخياً لبنان “بلد دعارة”. من6000 سنة وحتى اليوم.
ينجح وهّاب في مقارباته، من يذكر وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ” بائع البطيخ “. والحقيقة قالها الرئيس التركي بنفسه في مقابلة تلفزيونية: «لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط (خبز دائري يعلوه السمسم) في مرحلتي الابتدائية والإعدادية؛ كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد كان والدي فقيراً”، اختصر وهاب سيرة الرئيس أردوغان بمرحلة عالسكّين يا بطيخ. أحمر حلو يا بطيّخ. واختصر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بصرمايته. لا أحلى ولا أفضل من الإيجاز والتكثيف. “ما عندو كبير إلا الجمل”، لا وزير خارجية أميركي، لا مساعد وزير خارجية لا سفير. الجميع في مرمى سهامه. أحياناً يتسرّع فيصف نائباً بـ “الكلب” أو “الفارغ” وأحياناً يتروّى في اختيار ألفاظه فيطلق، بعد جلسة عصف فكري بينه وبين نفسه، على رئيس حكومة سابق لقب: “الساعور الكبير” ولا يتردد بالهجوم على أحد القضاة ونعته بالـ “جاهل” و”المستكبر”. كلمات تغني عن سيَر ذاتية.
لكل سياسي أسلوبه في الهجاء وفي التحليل السياسي والقراءات التاريخية وهذا هو “وئام وهّاب ستايل”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |