لبنان يعيش “أصعب أوقاته”.. والملف الرئاسي في الثلاجة بشكل كامل!
بعد الأحداث الأخيرة من مجزرة مجدل شمس حتى استهداف الضاحية إلى اغتيال اسماعيل هنية في إيران، بات الحديث في الملف الرئاسي خارج السياق تمامًا، لأنه قبل التصعيد الحاصل حاليًا كان قد دخل في سبات عميق كون “الحزب” كان يعطّل هذا الاستحقاق إلى حين انصياع الجميع لاختيار مرشحه للرئاسة
كتبت بشرى الوجه لـ”هنا لبنان”:
آخر ظهور للملف الرئاسي على الساحة اللبنانية كان الأسبوع الماضي، وكان حينها في دائرة الانتظار محلياً ودولياً، رغم إطلاق حركة مبادرات نشطة ولو أنها كانت “بلا بركة”، خصوصًا مع رفض الثنائي الشيعي لقاء وفد المعارضة. ولكن هذا الملف المخطوف منذ أكثر من سنة قد غاب مؤخراً بفعل تطورات خطيرة يشهدها لبنان والمنطقة، بدأت باستهداف منطقة مجدل شمس في الجولان، ثمّ باستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت وخسارة حزب الله القيادي الكبير فؤاد شكر، تلاه سريعًا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران.
وفي الأثناء، لا يشغل اللبنانيون سوى كيفية ردّ حزب الله وإيران على الردّ الإسرائيلي، وسط تخوّف من انزلاق نحو الحرب الشاملة، حيث يبلغ التصعيد أعلى درجاته.
غير أنّ هذه الأحداث لم تنسف أي آمال بقرب انتخاب رئيس للجمهورية، إذ إن لبنان لم يكن يشهد أي تطور إيجابي في الملف الرئاسي، بل كان دومًا مرتبطًا بالحرب المستمرة في غزة والمناوشات المتصاعدة في الجنوب، هذا عدا عن الحسابات الحزبية والإقليمية التي تحرّك أي ملف هام ومفصلي في البلاد.
وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي والصحافي أسعد بشارة أنّ الملف الرئاسي في ظل الأحداث التي تعيشها المنطقة ولبنان دخل بشكل كامل في الثلاجة هذه المرة، والحديث فيه أصبح خارجاً عن السياق تمامًا لأنه قبل التصعيد الحاصل حاليًا كان هذا الملف قد دخل في سبات عميق لكون “حزب الله” كان يعطّل هذا الاستحقاق إلى حين انصياع الجميع إلى اختيار مرشحه للرئاسة.
ولفت بشارة في حديث لـ”هنا لبنان” إلى أنّ ن “اللجنة الخماسية وبعد سلسلة من المحاولات لترتيب حوار وتشاور والتي فشلت جميعها، سلّمت بأنّ هذا الملف بات مجمّدًا، لأن ما يجري من قِبل بعض الأطراف هو عبارة عن مناورات مستمرة وتعبئة للوقت الضائع الناتج عن تجميد الملف الرئاسي”.
ويعتبر بشارة أنّ “ما قامت به قوى المعارضة في مبادرتها الرئاسية كان قد كشف الأوراق غير المخفية والتي تعبّر عن حقيقة واضحة وهي أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يقفل المجلس النيابي أمام الانتخابات الرئاسية ويتذرّع بالدعوة إلى حوار، وحينما طلبت المعارضة اللقاء كان الجواب الرفض، ما يدلّ على الموقف المتصلّب وخدعة طاولة الحوار التي تهدف إلى استهلاك الوقت وتطويع المواقف الرافضة”.
وأضاف: “ما حصل في موضوع طلب اللقاء بالثنائي الشيعي هو أن رئيس المجلس النيابي أوحى للأميركي ولبعض الوسطاء أن انعقاد طاولة الحوار سيساعده على التراجع عن التمسك بترشّح سليمان فرنجية، ولكن لاحقاً تبيّن أن ذلك كان مجرّد مناورة وتضليل، وبالتالي عادت الأمور إلى حيث كانت في الأساس”.
وفي ظل تصاعد التوتر الإقليمي وإحتمالات استدراج حرب أو جولات قتال عنيفة، أكد بشارة أنّ لبنان يعيش أصعب أيامه وأوقاته، ومن غير الواضح كيف سيخرج من هذا النفق، إذ إنّ تمسّك “حزب الله” بربط ملف لبنان بملف غزة هو من باب استعمال لبنان كساحة لنفوذ إيران التي تسعى لتجميع أدوات التفاوض عندما يحين وقت التفاوض، ومن هذه الأدوات الورقة اللبنانية التي يجيّرها “حزب الله” بالكامل لإيران”، خاتماً حديثه بالقول: “نحن نعيش على وقع أزمة إقليمية كبيرة وعلى وقع انسداد داخلي مهما يترتب على هذا الانسداد من نتائج إنسانية وسياسية وإقتصادية”.
لبنان بلا رئيس إلى أجل غير مسمى
بدوره، قال رئيس تحرير موقع “جنوبية” الصحافي علي الامين لـ”هنا لبنان”: “يبدو أن لا صوت يعلو فوق صوت الحرب الآن، وصوت انتخاب رئيس الجمهورية صوت خفيض لا صدى له، وواضح أن هذا الملف مطوي في هذه الظروف بانتظار ما سينقشع عنه مشهد الحرب الجارية، سواء في ما استجد خلال الأيام الأخيرة أو في ما يتّصل بأساس الحرب على صعيد غزة ولبنان”.
وأضاف: “مع الوقت يترسّخ أكثر أن مسار الأمور يتّجه إلى مزيد من تأجيل في الملف الرئاسي، في ظل خلافات ما زالت على حالها أيضاً في الداخل اللبناني، ولا يبدو أن هناك جهدًا حقيقيًا يُبذل من أجل هذا الاستحقاق، رغم المحاولات التي قامت بها بعض قوى المعارضة، إلا أن الرئيس نبيه بري أغلق الباب في وجه هذه المحاولات”.
وأوضح الأمين أنّ “حركة المعارضة بدت وكأنها نوع من رفع عتب أكثر من أنها تأتي في سياق دينامي من أجل فرض هذا الاستحقاق على رأس جدول أعمال القوى السياسية”.
ويرى أنّ “الجميع سواء المؤيدين لمسألة انتخاب الرئيس أو غير المستعجلين، كلاهما في حالة ترقّب وانتظار وكلاهما ربما يراهن على ما ستؤول إليه هذه الحرب ليبني على الشيء مقتضاه، فالبعض يعتبر أن “حزب الله” سيتراجع، وبالتالي انتخاب الرئيس سيكون أفضل من الآن، والبعض الآخر يعتبر أن “حزب الله” سيكون أقوى وسيعقد صفقة وهو سيكون الرابح ويختار الرئيس الذي يُريد”.
وختم الأمين: “في ظل هذه الحال، فإن مسألة انتخاب الرئيس مؤجلة إلى أجل غير مسمّى أو على الأقل مرتبطة بأجل الحرب”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
استهداف الجيش وقائده في غير محلّه.. “اتهامات سطحية لدواعٍ سياسية” | إسرائيل “تنهي الحياة” في القرى الحدودية.. ما الهدف من هذا التدمير الممنهج؟ | الحرب تعيد أزمة جوازات السفر.. انتظار طويل وتزاحم و”كوتا”! |