التيار… تيارات
على رغم كثرة أعداد الخارجين أو الذي أخرجوا من التيار، فإنّ إحدى نقاط ضعفهم أنهم لم يشكلوا بعد “حالة اعتراضية منسجمة”، فهم يشكلون، حتى إشعار آخر، حالات اعتراضية فردية قد تتطور إلى “ورقة تفاهم” في ما بينهم، حتى يكون بإمكانهم تقديم أنفسهم سواء على المستوى السياسي أو النيابي
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
التيار الوطني الحر حالة فريدة في منظومة التيارات والأحزاب اللبنانية، ولأنه كذلك ، فإنّ مقاربة وضعه، منذ التأسيس إلى اليوم ، تختلف عن مقاربة سائر الأحزاب والتيارات.
كان دقيقًا زعيم المختارة وليد جنبلاط حين وصف عودة العماد ميشال عون من فرنسا، عام 2005 بالتسونامي، اجتاح معظم المقاعد النيابية المسيحية، مستفيدًا من عاملين: الأول، التعاطف الشعبي معه، والثاني خلو الساحة المسيحية له، مستفيدًا من أنه عاد إلى الساحة المسيحية قبل خروج الدكتور سمير جعجع من سجن وزارة الدفاع ، فهو كان حاضراً في خوض الانتخابات النيابية ، فيما جعجع كان لا يزال في السجن.
هذا “التسونامي” السياسي والحزبي، جعله الرقم الصعب سياسيًا ومسيحيًا، وتكوكب حوله سياسيون مرشحون للنيابة والاستيزار، لكن من اليوم الأول كانت الكلمة الفصل لجبران باسيل الذي كان في يده الحل والربط ، يوزِّر مَن يشاء ويرشح للنيابة مَن يشاء ، وهذه حقيقة يعرفها العونيون والتياريون، منهم مَن سكت عنها لأنها كانت تناسبه، ومنهم مَن سكت على مضض لأنّ الاصطدام بباسيل يعني الاصطدام بالجنرال، وهذا ما لم يكن أحد يجرؤ على الإقدام عليه.
بالإمكان الحديث، في المرحلة الأولى، عن “أجيال خروج” من التيار ، أكثر من الحديث عن “أجيال إخراج”، وهذه الخطوة شملت قياديين كبارًا لعل أبرزهم اللواء عصام أبو جمرا الذي كان نائبًا لرئيس الحكومة العسكرية، كان اصطدامه الأول مع باسيل، ووصل به الأمر أن “خيَّر” الجنرال بينه وبين باسيل فاختار الجنرال باسيل بالتأكيد، وخرج أبو جمرا من التيار. كرَّت السبحة لكن الرابية لم تكن تمتثل أو تستسلم أو تسترضي الممتعضين، فخرجوا تباعاً من التيار ، من نعيم عون إبن شقيق العماد عون إلى أنطوان نصرالله إلى بسام خضر آغا إلى زياد عبس إلى حكمت ديب (الذي خرج وعاد) إلى هشام حداد إلى ماريو عون إلى أنطوان الخوري حرب إلى بشارة خيرالله إلى رمزي كنج إلى كمال اليازجي، ولاحقًا كرت السبحة أكثر فأكثر، فخرج زياد أسود والعميد شامل روكز وكان الحدث الأكبر بخروج النائب الياس بو صعب ثم النائب آلان عون ثم النائب سيمون أبي رميا.
مَن التالي؟ رئيس التيار جبران باسيل بات محترفًا في توجيه الرسائل، يهيِّئ غسان خوري في المتن الشمالي كبديل من الياس بو صعب، ووديع عقل في جبيل كبديل من سيمون أبي رميا ، علمًا أن جبيل زاخرة بالمرشحين المفترضين ، من الدكتور ناجي حايك إلى أنطوان قسطنطين إلى جان جبران وصولًا إلى طارق صادق . ويهيئ فادي أبو رحال ، ابن الشياح ، كبديل من آلان عون ، وثمة مَن يذكر إسم نادين نعمة كمرشحة بديلة من آلان عون، إذا لم يوفَّق أبو رحال ، و” يهز العصا ” للنائب ابراهيم كنعان من خلال احتضان ابن بسكنتا وليد خوري الذي أقام له مأدبة عشاء هذا الأسبوع. ويقال إنّ النائب أسعد درغام موضوع على لائحة الذين سيخرجون ، علمًا أنه في الفترة الأخيرة ضاعف من منسوب ولائه لباسيل.
على رغم كثرة أعداد الخارجين أو الذين أخرجوا من التيار، فإنّ إحدى نقاط ضعفهم أنهم لم يشكلوا بعد “حالة اعتراضية منسجمة” ، فهم يشكلون، حتى إشعار آخر ، حالات اعتراضية فردية قد تتطور إلى “ورقة تفاهم” في ما بينهم، حتى يكون بإمكانهم تقديم أنفسهم سواء على المستوى السياسي أو النيابي.
صحيح أنّ العماد ميشال عون يشكِّل رافعة أساسية لرئيس التيار جبران باسيل، لكن هذه الرافعة قد تفقد شيئًا فشيئًا بعضاً من وهجها وبريقها خصوصًا إذا تصرف الخارجون على إرادة رئيس التيار من ضمن خطة فعل لا ردة فعل، فالمعركة مع باسيل ليست سهلة على الإطلاق إذا استمروا متفرقين، وهذا ما يراهن هو عليه خصوصًا أنه ما زال يملك بين يديه الكثير من أوراق القوة، صحيح أنّ المعترضين لا يمكن الاستهانة بقدراتهم لكن تحركهم مازال خجولًا جدًا بالمقارنة مع حيوية باسيل ، فهل يُقدِمون؟ وماذا ينتظرون للتحرك؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |