جنود المستشفيات جاهزون للحرب… بشرط


خاص 12 آب, 2024

من حرب 2006 إلى جائحة “كورونا” فانفجار مرفأ بيروت، لا يزال القطاع الاستشفائي يناضل للبقاء والاستمراريّة وتأمين الخدمات الأعلى جودةً. فهل سيتمكّن من الصّمود بحال توسّعت الحرب، أم أنّ مشاهد الرّعب الّتي نراها في غزة سيُكتب فصلٌ جديدٌ منها في لبنان؟

كتب إيلي صرّوف لـ”هنا لبنان”:

متكمّشين بفُتاتٍ من الأمل، يقف اللّبنانيّون على قارعة طريقٍ مظلمٍ ومدمِّرٍ يُسمّى “الحرب الشّاملة”، بانتظار أيّ حلٍّ أو اتفاقٍ قد يغيّر مسارهم، ويقودهم إلى برِّ أمانٍ يتوقُ كثرٌ إليه. فاليوم، وبعد عشرة أشهرٍ على بدء الحرب بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي على الجبهة اللّبنانيّة الجنوبيّة، ها هو مؤشّر خطر اندلاع حربٍ شاملةٍ يلامس الخطّ الأحمر، مع ارتفاع وتيرة التّهديدات الإسرائيليّة، قبيل ردّ الحزب المنتظَر على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر في الضاحيّة الجنوبيّة لبيروت.

ومواكبةً للتطوّرات الضّاغطة، وفي مواجهة الأيّام المقبلة المفتوحة على احتمالاتٍ مختلفةٍ، وَضعت وزاراتٌ وقطاعاتٌ عدّة خطط طوارئ للتّعامل مع أيّ حربٍ واسعةٍ محتمَلةٍ، بهدف حماية الأمن الغذائي، تجهيز مراكز إيواء، توفير الأدوية، الحفاظ على استمراريّة عمل مطار بيروت الدّولي والمرافئ؛ وإبقاء أجهزة الدّولة على تواصل بينها وبين العالم الخارجي.

القطاعان الصّحي والاستشفائي وضعا أيضًا خطّتهما، الّتي لا بدّ من أن تكون محكَمةً وشاملة، لا سيّما أنّ الطّواقم الطّبيّة والاستشفائيّة والتّمريضيّة تحجز مكانًا في صدارة المحاربين… لكن بالرّداء الأبيض.

ويؤكّد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصّة سليمان هارون، في حديثٍ لـ”هنا لبنان”، أنّ “المستشفيات الخاصّة جاهزةٌ مبدئيًا في حال وقوع حربٍ شاملةٍ على لبنان، ومنذ أشهرٍ عدّة أعددنا خطّة طوارئ مع وزارة الصّحة العامّة، وأجرينا تدريباتٍ عليها، وبالتّالي جاهزون لحربٍ على ألّا تكون شبيهةً بتلك الدّائرة في غزة؛ حيث يتمّ استهداف المستشفيات وتدميرها. لكن إذا بقينا ضمن إطار حربٍ “كلاسيكيّةٍ” مثل حرب تمّوز عام 2006 أو أقوى منها، فالمستشفيات قادرة على الاستيعاب والتّحمّل، لكنّ المهمّ ألّا يتمّ استهدافها”.

ويكشف أنّ “لدينا بعض نقاط الضّعف لكنّها ليست جوهريّة، أي يمكننا التّصرّف رغم وجودها ونعمل لمعالجتها، على سبيل المثال النّقص في أطبّاء الطّوارئ وجراحة الرّأس والشّرايين”، مشيرًا إلى أنّ “حاليًّا، هناك نحو 8 آلاف سرير في القطاع الخاص، وهي ستكون جاهزةً لاستقبال المرضى والمصابين إذا توسّعت رقعة الحرب”.

ويلفت هارون إلى أنّ “الأطبّاء والممرّضات والممرّضين والإداريّين والتّقنيّين جميعهم خضعوا لتدريباتٍ ومناوراتٍ في كلّ المستشفيات، تحت إشراف وزارة الصّحة، لتتأكّد من توافر الجهوزيّة اللّازمة. وستكون هناك غرفة عمليّاتٍ للوزارة، لتوجيه كلّ حالةٍ باتجاه المستشفى المناسب، وبالتّالي توزيع الإصابات على المستشفيات”.

يوم الإثنين الماضي، تسلّم وزير الصّحة العامّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، شحنة مساعداتٍ طارئةٍ بزِنة 32 طنًّا من المستلزمات الطّبيّة والأدوية المخصّصة لمعالجة إصابات الحرب، مقدّمة من “منظّمة الصّحة العالميّة”؛ في إطار رفع جهوزيّة القطاع الصّحي.

وعمّا إذا خُصّص جزءٌ من هذه المساعدات لصالح المستشفيات الخاصّة، يوضح النّقيب أنّ “هذه الأدوية والمستلزمات مقدَّمة للمستشفيات الحكوميّة وتلك الموجودة في مناطق المواجهة والخطر سواء في الجنوب أو البقاع، وليس لكلّ المستشفيات”، مبيّنًا أنّ “مخزون الأدوية لدينا يكفي لأكثر من ثلاثة أشهر”.

وينوّه إلى أنّ “مصانع الأدوية اللّبنانيّة تصنّع أنواعًا متعددّة منها وبكميّاتٍ كبيرةٍ، وتغطّي جزءًا من السّوق، وهذا يساعد على تأمين حاجتنا”. أمّا بالنّسبة إلى مخزون المستلزمات الطّبيّة، فيشدّد على أنّه “إذا لم يُفرض حصارٌ يَمنع دخول البضائع إلى البلد، وإذ بقيت المرافق الحيويّة مفتوحة من المطار إلى المرافئ، فبالتّالي سيبقى المستوردون قادرين على الاستيراد إذا طال أمد الحرب، ولن تكون هناك مشكلةٌ بهذا الخصوص”.

من حرب 2006 إلى جائحة “كورونا” فانفجار مرفأ بيروت، لا يزال القطاع الاستشفائي يناضل للبقاء والاستمراريّة وتأمين الخدمات الأعلى جودةً، الّتي جعلت من لبنان مستشفى الشّرق لسنواتٍ طويلة. ومع صعوبة التنبّؤ بمسار الحرب الدّائرة، يتحضّر هذا القطاع مجدّدًا لمواجهة المخاطر. فهل سيتمكّن من الصّمود بحال توسّعت الحرب، أم أنّ مشاهد الرّعب الّتي نراها في غزة سيُكتب فصلٌ جديدٌ منها في لبنان؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us