فيلم “الحزب” وهوكشتاين “الحبّوب”


خاص 19 آب, 2024

في عالم السينما، يضع أصحاب أي إصدار جديد نصب أعينهم الأرباح التي سيجنونها من عرضه، فماذا عن أرباح لبنان المتوقعة من الإصدار الأول لـ “الحزب وود”، إذا ما افترضنا أنّ هناك أرباحاً متوقعة؟ من المؤكد أنّ خزينة الدولة لم يدخلها يوماً فلس من “الحزب” منذ انطلاقه في 1982، ولا داعي اليوم لطرح فرضية مماثلة

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

دخل “حزب الله” عملياً مساء الجمعة الماضي عالم السينما. ونشر شريط فيديو حمل عنوان “عماد 4”. وتضمن فيديو مشاهد منشأة عسكرية محصّنة يتحرّك فيها عناصر بلباس عسكري وآليات محمّلة بالصواريخ ضمن أنفاق ضخمة واسعة ومضاءة، على وقع تصريحات لأمينه العام حسن نصرالله يهددّ فيها إسرائيل.

ويقول علي أحمد في مقال نشره موقع قناة “المنار” التلفزيونية أنّ “اختيار توقيت عرض هذا الفيديو لم يكن صدفة، بل جاء في وقت حساس للغاية، حيث شهدت المنطقة زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، وذلك في ظل محادثات جارية في الدوحة بشأن قضايا إقليمية مهمة”. أما النائب إبراهيم الموسوي عضو كتلة “حزب الله” فكتب على حسابه على منصة “إكس”: “عماد 4… وما خفي أعظم …وأعظم…وأعظم. دعوا العدو الصهيوني يتألم!”

أطل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عشية بث فيديو “الحزب” في مؤتمر صحافي شاء أن يتحدث فيه ملياً عن المحادثات الأخيرة التي أجراها المبعوث الأميركي في لبنان. وأطلق جعجع في هذا المؤتمر جملة مواقف بينها موقف ساخر ورد في مقطع تكلم فيه جعجع بالعامية، قال :”هوكستين حامل معه مقترحات بسيطة … منين بياخد هوكستين الجواب على مقترحاته بشرفكم؟ من “حزب الله”. بواسطة مين؟ يا بواسطة الوسطاء أو بواسطة الرئيس بري. بس بالأخص من بعض الوسطاء… على الحكومة بأقصى سرعة تودي ورا هوكستين وتقول له يا حبوب هات تنشوف اقتراحك بالضبط. اقتراح هوكستين واضح. سينتهي كل الذي عم بصير بالجنوب بقرار تطبيق 1701 كاملاً بمراحل متعددة بدءاً بأول خطوة اللي هي انسحاب حزب الله 7 أو 8 أو 10 كيلومتر ما بعرف بالضبط عن الحدود الجنوبية واستلام الجيش اللبناني الحدود الجنوبية… ثم تأخذ الحكومة الموقف انطلاقاً من المصلحة اللبنانية العليا”.

أكد فيلم “الحزب” قول جعجع. وكان بمثابة الجواب على مقترحات هوكشتاين. وأتى الجواب هذه المرة مختلفاً كلياً عن مرات سابقة رافقت زيارة المبعوث الأميركي خلال حرب غزة. وأعلن “الحزب” أنّ بقاءه على سلاحه ليس كلاماً فحسب. بل أصبح فيلماً بكامل الأوصاف يطمح ليكون له مسار يحمل لقب “حزب الله وود” تيمناً بهوليوود الأميركية وبوليوود الهندية.

من سوء طالع صناعة السينما في “الحزب” حالياً، أنّ ردود الفعل على إصداره الأول أتت من أهل بيته فقط. أما حلفاؤه وعلى رأسهم “التيار الوطني الحر” فانشغلوا بفتح جبهة مشاغلة ضد جعجع . وصوّب “التيار” النار على رئيس “القوات” لأنه ذكّر اللبنانيين بـ”جهنم” التي بشرهم بها سابقاً الرئيس ميشال عون “ليأتي محور الممانعة ويغمّقلنا أكثر واكثر، ناهيك عن الخسارات بالمليارات التي يتكبّدها الاقتصاد اللبناني الجريح أصلاً منذ أكثر من 5 سنوات” كما قال جعجع. أما سائر الجبهة فضمت مروحة لا بأس بها من مستنكري اتهام جعجع لحكومة تصريف الأعمال بارتكاب “الخيانة العظمى” نتيجة تحولها إلى “صدى” لما يقوم به الحزب” في الجنوب.

ولم يقتصر سوء طالع “حزب الله وود” في انطلاقتها على غياب المشاهدين من صالة العرض الأول، بل أتت في ظل تطورات ميدانية لا تهدأ بينها الغارة الجوية الإسرائيلية التي أصابت السبت الماضي مصنعاً في بلدة تول في منطقة النبطية ما أسفر عن مقتل 10 مدنيين على الأقل، وجميعهم من التابعية السورية. كما أتى عرض الفيلم عشية إعلان مؤسسة كهرباء لبنان عن “توقف التغذية بالتيار الكهربائي كليًا على جميع الأراضي اللبنانية بما فيها المرافق الأساسية في لبنان (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، سجون، إلخ)”.

صدر النقد الوحيد للفيلم في إسرائيل. فنشرت صحيفة جيروزاليم بوست تحليلاً كتبه سيث جيه فرانتزمان جاء فيه : “كلما زاد “حزب الله” في “إظهار” قدراته، قل احتمال استخدامه لها. هي إذاً رسالة وطلقة في هذه الحرب الطويلة، لكنها قد لا تكون معركة بعد”.

في هذه المشاهد المرافقة للعرض الأول لفيلم الحزب، كتبت السفارة الإيرانية في بيروت على حسابها على منصة إكس: “في اللغة الفارسية، نطلق على المنشآت الصاروخية الموجودة تحت الأرض وداخل الصخور والجبال “مدن الصواريخ”. وقالت إنها “موجودة في جميع أنحاء إيران” و”يمكننا، إذا لزم الأمر، مهاجمة العدو من أي نقطة” في ايران.

بعيداً عن كل ما سبق لا بد من الاعتراف بأنّ شريط “العماد 4 ” يظهر إمكانات “حزب الله” والتي تدل على أنّ فترة طويلة خلت كانت فرصة لـ “الحزب” كي يحفر في باطن الأرض ليقيم منشأة عسكرية كالتي ظهرت في الشريط. وتطلب الأمر بذل إمكانات كبيرة على تنفيذ هذه الأعمال. لم يقل “حزب الله” كم بلغت كلفة منشأته الجديدة. وهو لو فعل لتبيّن على الفور أنّ عجز الكهرباء الذي يتولى حقيبتها حليفه “التيار” منذ أعوام طويلة قد لا يصل إلى كلفة أنفاق “الحزب” المعلنة الآن.

في عالم السينما، يضع أصحاب أي إصدار جديد نصب أعينهم الأرباح التي سيجنونها من عرضه. كما سيكون هناك الكثير من الرابحين وفي مقدمها الدول المنتجة للاعمال السينمائية بفعل الرسوم والضرائب المجباة.

ماذا عن أرباح لبنان المتوقعة من الإصدار الأول لـ “حزب الله وود”، إذا ما افترضنا أنّ هناك أرباحاً متوقعة؟

من المؤكد أنّ خزينة الدولة لم يدخلها يوماً فلس من “الحزب” منذ انطلاق الأخير بعد العام 1982. ولا داعي اليوم لطرح فرضية مماثلة. لكن ومن المؤكد أيضاً أنّ الفيلم في سياق كل مسار “الحزب” ينذر أنّ هناك أكلاف يجب أن يستعد لبنان لدفعها وقد تكون مهولة بكل ما في الكلمة من معنى في مسيرة حرب غزة. لقد رفعت الستارة للتو.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us