نتانياهو يناور… وإيران تحتار في الرد


خاص 20 آب, 2024

الأرجح أنّ القيادة في إيران تفكر بتوظيف الرد للحصول على مكسب سياسي من نوع: نمتنع عن الرد مقابل وقف إطلاق النار، من شأنه أن يحشر نتنياهو الذي يصرّ على الاستمرار في الحرب من خلال رفعه شعار تدمير “حماس”، إلّا أنّ الاستمرار في الحرب من قبل نتنياهو يشكل إحراجاً للأميركيين وهروباً إلى الأمام بالنسبة له

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

يبدو محور الممانعة في حيرة بين الرد وعدم الرد، وفي حال الإيجاب، أي رد ومن أي نوع؟ استهداف مواقع عسكرية أو مدنيين أو عمليات اغتيال؟ إيران تدرس الأمر بدقة والظاهر أنها تميل إلى تأجيل الرد قدر الإمكان أو حتى تفكر برد رمزي إرضاء لبعض الداخل (الحرس الثوري؟) الذين يعتبرون أنّ اغتيال إسماعيل هنية يشكل تحدياً وقحاً في قلب طهران، ولآخرين من الخارج وتحديدًا حركة “حماس”. والأرجح أنّ القيادة في إيران تفكر بتوظيف الرد للحصول على مكسب سياسي من نوع: نمتنع عن الرد مقابل وقف إطلاق النار، من شأنه أن يحشر نتنياهو الذي يصر على الاستمرار في الحرب من خلال رفعه شعار تدمير “حماس”، رغم أنه يعرف أنّه هدف لا يمكن تحقيقه، إذ تخطى عدد الضحايا الفلسطينيين الـ 40 ألفاً وما زالت “حماس” مستمرة في المواجهة، وها هي تختار زعيماً جديداً لها هو يحيى السنوار الذي خطط لهجوم 7 تشرين الأول الماضي وقائد معاركها في غزة، إلا أنّ الاستمرار في الحرب من قبل نتنياهو يشكل إحراجاً للأميركيين. وهروباً إلى الأمام بالنسبة له.

فقد عقد اجتماع في طهران ضم الفصائل الممانعة مع “الحرس الثوري” لدرس إمكانية الرد وأي نوع من الرد. وقد شارك في الاجتماع مندوبون عن “حزب إلله” وحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” والفصائل العراقية والسورية والحوثيين اليمنيين. ويفيد ما رشح من معلومات أنّ مندوبي الحرس الثوري أبلغوا الحلفاء أنّ عليهم أن يتريّثوا في الردّ، أقلّه حتى انتهاء المفاوضات التي ستستأنف في القاهرة، حول وقف إطلاق النار في غزة، التي دعا إليها ثلاثي الوساطة الذي يضمّ واشنطن والقاهرة والدوحة. وقد اعتبر مندوبو الحزب و”حماس” أنّ السبيل الوحيد للوصول إلى وقف النار في غزة والتهدئة في كلّ المنطقة هو فرض ذلك على إسرائيل بالقوّة، وأنّ من الضروري فتح كلّ الجبهات لإجبار تل أبيب على القبول، واقترح “حزب الله” استهداف حيفا وتل أبيب ترسيخاً لمعادلة بيروت والضاحية الجنوبية مقابل حيفا وتل أبيب. غير أنّ الجانب الإيراني كان واضحاً في أنّ المضيّ في هذا السيناريو مغامرة كبيرة ستصبّ بنهاية المطاف في مصلحة إسرائيل. وركز ما سُرّب على أنّ مندوبي الميليشيات الممانعة الفلسطينية واللبنانية اعتبروا أنّ اللحظة مؤاتية من أجل شنّ عمليات واسعة وطويلة الأمد، واستهداف بنى تحتية وأهداف أمنيّة لجعل الإسرائيليين يعيشون في الملاجئ مدّة طويلة، ويشعرون بما يشعر به أهالي غزة.

وانتهى الأمر بخروج مندوبي الحزب و”حماس” و”الحوثيين” من الاجتماع على أساس أنّهم جاؤوا إلى طهران بهدف التحضير لهجوم شامل وليس من أجل تنسيق التأجيل، وهناك تخوّف داخل قيادات “الحرس الثوري” من أنّ بعض هؤلاء يمكن أن يفتحوا بعض الجبهات من دون التنسيق مع طهران ووضعها أمام الأمر الواقع، كما فعلت “حماس” في 7 أكتوبر. فهل عملية التفجير التي حصلت الأحد في تل أبيب وأعلنت حماس مسؤوليتها عنها بالاشتراك مع “الجهاد” تدخل ضمن هذا التوجه؟

العنصر الآخر اللافت هو ما أدلى به نائب الأمين العام لـ”حزب الله”، نعيم قاسم، في حديث لقناة “المنار” وبدا وكأنه كان يعول على موقف أميركي يمكن البناء عليه حين قال إنه “لا توجد مقترحات أميركية محددة والمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين لا يحمل شيئا وزيارته استعراضية”.

إلا أنّ واشنطن ما زالت تضغط وبالأخص على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق النار. وقد بدا هذا في تصريح وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الذي كان حاسماً بعد اجتماع طويل مع نتنياهو إذ جاء كلامه بمثابة إنذار عندما أعلن أنها “الفرصة الأخيرة” ودفعت نتنياهو إلى القول أنّ الاجتماع كان إيجابياً والتزام إسرائيل بشان إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين قائم، فيما كانت تظاهرة حاشدة في تل أبيب تطالب بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. إنّ ما يهم نتنياهو هو المناورة لكسب الوقت والمماطلة حتى تشرين الثاني موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. فهل ينجح في جر المنطقة إلى مستنقع الحرب أشهراً أخرى؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us