“كهرباء لبنان” ووزير الطاقة تحت مقصلة القضاء
ثمة رهان على دور القاضي جمال الحجار لكشف أسباب وقوع لبنان في أزمات الكهرباء التي لا تنتهي، والتي كانت وستبقى من صنع فريق سياسي رفض كلّ محاولات الدول الشقيقة والصديقة لوضع حلّ نهائي لهذه الأزمة، وآثر إبقاء لبنان في الظلام
كتب يوسف دياب لـ “هنا لبنان”:
خرجت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في لبنان، من دائرة التجاذبات السياسية، وانتقلت إلى أروقة قصر العدل في بيروت، الغارق كما باقي قصور العدل والمحاكم اللبنانية والدوائر القضائية في الظلام الشامل، إذ أخذ النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار على عاتقه، مهمّة التحقيق في هذا الملفّ، وتحديد المسؤولين عن هذه الأزمة واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية بحقّهم.
ينطلق التحقيق القضائي من معطيات مهمّة للغاية، وضعها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في عهدة القضاء، تبيّن أنّ الأزمة التي أدخلت البلاد في العتمة الشاملة وتسببت بتوقّف قطاعات مهمة وأساسية عن العمل مثل مطار بيروت الدولي وقصور العدل والمستشفيات الحكومية، ليست نتيجة مشكلة في تمويل شراء الفيول والغاز أويل من دولة العراق، ولا في نوعية المواد المستوردة ومطابقتها للموصفات، بل نتيجة المسؤولية المشتركة لوزير الطاقة وليد فياض ورئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك وأعضاء مجلس الإدارة، التي تعكس طبيعة الخلافات التي تعصف داخل صفوف الفريق السياسي الذي يحمي فياض والحايك ومن “لفّ لفّهما”، والتي يدفع ثمنها اللبنانيون عذابات يوميّة لا تنتهي.
وتفيد المعلومات التي حصل عليها “هنا لبنان” أنّ القاضي جمال الحجار تسلّم كتاباً من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بهذا الخصوص، وبدأ دراسته على أن يحدد مواعيد لبدء التحقيق في القضية. وأكدت مصادر مواكبة عن قرب لهذا الملفّ داخل قصر العدل، أنّ الحجار “يعكف على وضع لائحة بأسماء الأشخاص الذين سيستدعيهم إلى جلسات استجواب في الساعات المقبلة، تشمل رئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان المهندس كمال الحايك وأعضاء مجلس الإدارة وموظفين، مع احتمال مثول وزير الطاقة والمياه وليد فياض أمام القاضي الحجار كشريك في المسؤولية عن هذه الأزمة”، مشيرة إلى أنّ التحقيقات “ستحدد المسؤولين عمّن أغرق البلد في الظلام الشامل وتسبب بتوقف قطاعات حيوية عن العمل لساعات طويلة ومنها المطار والمستشفيات الحكومية والمرافئ البحرية والمحاكم والسجون وغيرها من المؤسسات”.
كتاب رئيس الحكومة الذي أودعه النائب العام التمييزي، تضمّن ما يكفي من أدلة ومعطيات، تشكّل مادة أساسية للتحقيق، إذ حمّل وزير الطاقة ومجلس إدارة كهرباء لبنان مسؤولية أزمة انقطاع الكهرباء وتوقف معامل إنتاج الطاقة بشكل كامل منذ ثلاثة أسابيع، فأشار ميقاتي في كتابه، إلى أنه “رغم تجاوب مجلس الوزراء مع طلب وزير الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، باتخاذ قرار داخل مجلس الوزراء يمنح وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان الغطاء السياسي والقانوني، لشراء كميات كافية من الفيول والغاز العراقي لضمان استمرار معامل الإنتاج في توفير التيار الكهربائي، بعد إيداع جزء من ثمن هذه المواد في حساب المؤسسة في مصرف لبنان المركزي، وذلك بسبب سفر رئيس مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء كمال الحايك إلى الخارج (لقضاء إجازة صيفية)، وقطع الأخير تواصله نهائياً مع الجميع، وعدم تفويض أيٍّ من الأعضاء بالصلاحيات لا سيما المالية منها”. وشدد الكتاب على أنه “كان يفترض بمجلس إدارة الكهرباء أن ينفذ التدابير التي تم الاتفاق عليها بصورة طارئة تفادياً للوقوع في الظلمة الشاملة، مع ما ينتج عن ذلك من ضرر مباشر للمواطنين والمرافئ العامة من خلال مقررات خلال أداء مجلس إدارة الكهرباء صاحب الصلاحية في اتخاذ القرارات الإدارية”. وخلص ميقاتي في كتابه إلى طلب من القضاء “إجراء التحقيق بالسرعة القصوى مع كل الأشخاص المعنيين بهذه المسألة من دون استثناء، وذلك في سبيل ترتيب المسؤوليات بناء على نتائج التحقيقات”.
ورغم ما يترتب على هذا التحقيق من نتائج قضائية، قد تصل إلى حدّ التوقيفات على حدّ تعبير المصادر المواكبة لهذا الملفّ، اعتبرت الأخيرة أنّ رئيس وأعضاء مجلس إدارة الكهرباء “باتوا في موضع لا يحسدون عليه، خصوصاً إذا لم يقدموا الأجوبة التي تبرر أسباب امتناع مجلس الإدارة عن الانعقاد، واتخاذ المقتضى بتنفيذ قرار مجلس الوزراء لجهة شراء مادة الفيول لتلافي الوقوع في العتمة، خصوصاً وأنّ الأزمة هذه المرّة ليست أزمة تمويل، ولا أزمة إمداد من العراق، خصوصاً وأنّ الرئيس ميقاتي حلّ هذه الإشكالية مع دولة العراق خلال زيارته إلى بغداد ولقائه نظيره محمد شياع السوداني في 21 تموز الماضي”.
وطالما أنّ الملفّ انتقل إلى عهدة القضاء، ثمة رهان على دور القاضي جمال الحجار لكشف أسباب وقوع لبنان في أزمات الكهرباء التي لا تنتهي، والتي كانت وستبقى من صنع فريق سياسي رفض كلّ محاولات الدول الشقيقة والصديقة لوضع حلّ نهائي لهذه الأزمة، وآثر إبقاء لبنان في الظلام.
مواضيع مماثلة للكاتب:
سجناء أنصفتهم الحرب! | توقيف “عميل” زوّد “الموساد” بمعلومات عن “الحزب” | وكلاء سلامة مرتاحون لمسار التحقيق.. رُبّ ضارّة نافعة |