حسابات طهران تتخطى اغتيال هنية
تأمل طهران فوز كامالا هاريس واستئناف المفاوضات لتجديد الاتفاق النووي، الذي سيكون تجديداً للعصر الذهبي في العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، ومن أجل هذا الهدف ابتلعت الرد، وستختزله إلى الحد الأدنى، فاسماعيل هنية على أهمية موقعه لن يكون اغتياله أكثر خطورة من اغتيال قاسم سليماني، وعليه سيكون الرد الإيراني الصوري المؤجل خاضعاً بحجمه وتوقيته لهذه الحسابات
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
اختلفت الزيارة الأخيرة لآموس هوكشتاين عن زياراته السابقة. لم يحمل الرجل أي تحذير أو تهديد، بل كل ما أتى به، طلب إلى لبنان، بأن يستعد للمرحلة المقبلة، التي ستلي الاتفاق على الهدنة، التي وفق المؤشرات الأميركية، باتت تمتلك حظوظاً عالية من النجاح.
تنطلق المهمة الاميركية، من استراتيجية منع حرب غزة من الامتداد إلى لبنان والمنطقة، وقد سجلت الدبلوماسية الأميركية الحركة الأكثر كثافة في المنطقة، منذ فترة طويلة، وربما فاقت ما صنعته الدبلوماسية الأميركية مع هنري كيسنجر في حرب يوم الغفران.
ففي خلال أيام، كان رئيس السي أي أي وليام بيرنز، والمبعوث الأميركي هوكستين، ووزير الخارجية الأميركي جميعاً في عواصم المنطقة، والهدف ترتيب الهدنة في غزة، باعتبارها المدخل إلى منع انتقال المواجهة الى حرب مفتوحة في المنطقة.
لم يكتف الأميركيون بذلك، بل أوعزوا لفرنسا بإرسال وزير خارجيتها إلى بيروت، كذلك طلبوا من مصر القيام بالشيئ نفسه، كل ذلك كي يساعدوا إيران على التقاط عذر مقبول، يكون مبرراً لتأجيل أو إلغاء الرد الذي اعتزمت القيام به بعد اغتيال اسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت.
لم تتردد طهران في ابتلاع الطعم بشكل إرادي، فهي كانت تحتاج إلى هذا العذر، للتخفف من عبئ الرد، حتى أن طهران التي اعتمدت سياسة الصبر الاستراتيجي، لاقت الولايات المتحدة إلى أكثر من منتصف الطريق، ولجمت أذرعتها ومنعت أي رد انتظاراً لنتائج المفاوضات، وللهدنة التي تشكل المخرج للجميع، وفي طليعتهم إيران.
لإيران حساباتها الخاصة في ملف التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية.تريد طهران وبأي ثمن تفادي وصول ترامب إلى البيت الأبيض، باعتباره عاملاً ناسفاً لكل ما بنته مع الأدارات الديموقراطية سابقاً، منذ تولي باراك أوباما الرئاسة الأميركية، وصولاً الى فترة رئاسة بايدن، التي كانت استكمالاً لما راكمته إدارة أوباما، في تعزيز العلاقات الإيرانية الأميركية.
تأمل طهران بفوز كامالا هاريس، واستئناف المفاوضات لتجديد الاتفاق النووي، الذي سيكون تجديداً للعصر الذهبي في العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، ومن أجل هذا الهدف ابتلعت الرد،وستختزله إلى الحد الأدنى، لتقديم اوراق تحتاجها الإدارة الأميركية، في معركتها الانتخابية المقبلة في الخريف.
وفق هذه المعادلة تبني طهران حساباتها الدقيقة، فاسماعيل هنية على أهمية موقعه، لن يكون اغتياله أكثر خطورة من اغتيال قاسم سليماني، وعليه سيكون الرد الإيراني الصوري المؤجل، خاضعاً بحجمه وتوقيته لهذه الحسابات، بحيث لا يستدرج دعسة ناقصة تريد عاصمة الملالي أن تتفادها كي تبني على الشيئ مقتضاه، بعد معرفة من سيكون الساكن الجديد للبيت الأبيض.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |