حين عبق لبنان بالسيادة والكرامة وإسترجعت الجمهورية في 23 آب 1982
نأمل ألا يضيع الوطن وأن يتحقق التكاتف الوطني المسيحي- الإسلامي، لمواجهة الدويلة من خلال تضامننا كلبنانيين، كي لا تموت القضية التي سقط من أجلها آلاف الشهداء، فتاريخنا عريق وأمجادنا لا بدّ أن تستمرّ بفضل إيماننا بوطن جسّده بشير خلال أيام، وسنبقى نسعى لتحقيقه بوحدتنا كلبنانيين
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
23 آب 1982… تاريخ حفر في الذاكرة ولن ينسى على الرغم من مرور 42 عاماً عليه، ففي ذلك اليوم المفعم بالسيادة والكرامة شعر اللبنانيون أنهم في دولة، منذ لحظة إعلان الشيخ بشير الجميّل رئيساً للجمهورية. إنه يوم انتصار لبنان والتأسيس لوطن الحرية، مع وصول قائد المقاومة اللبنانية إلى سدّة الرئاسة، أي ولادة جديدة لمشروع الدولة القوية التي نحلم بها، دولة الحق والقانون والمساواة، برئاسة رجل دولة قلّ نظيره. قائد تحلى بالعزيمة والتصميم والإرادة الحقيقية، هو الرئيس الشجاع المتمرّد صاحب شعار” لبنان أولاً “، الثائر دائماً بهدف إحقاق الحق، الذي جمع من حوله خلال واحد وعشرين يوماً كل طوائف لبنان، التي رأت فيه خير رئيس موحد لجمهورية لطالما كانت مشتتة…
بشير نجح في أن يجعل من ذلك النصر قوة لجميع اللبنانيين، عبر وعوده المطمئنة لهم، فحكم قبل أن يُقسم اليمين الدستورية، بعد أن تأكد الجميع أنه آتٍ لبناء الوطن المهدّم، فحوّله إلى الجمهورية الحلم الذي وعد بها، وأبقى كلماته وصايا وكأنه يخطّها اليوم، فحين نسمع تلك الخطابات نعتقد للحظات أنّ بشير حيّ معنا، فنسترجع ذكرى ذلك الانتصار، علّه يعيد لنا بعض الأمل المفقود منذ غيابه. ولربما هو الرجل الوحيد الذي يدور الكلام عنه في مماته كما في حياته.
بشير القابع اليوم في ذلك العرش سيبقى حيّاً في أذهاننا رغم مماته، لأننا عشقنا معه ذلك الوطن الصغير فأصبح له معنى القدسية، معه تعلمنا النضال من أجلِ قيامِ دولة واحدة قوية، وسنبقى نسعى لتحقيق هذه الدولة التي جمع من حوله كل طوائفها خلال فترة وجيزة جداً، لأنّهم وثقوا به وآمنوا بوعوده بوطن لا يحوي الدويلات ولا السلاح الميليشياوي ولا الدخلاء ولا أصحاب الولاء الخارجي، ولا الغرباء ولا الوصايات، ولا أصحاب شعار” الأمر لي”، وإلى ما هنالك من شواذات لم يكن بشير ليسمح بها. ولكن هيهات من كل هذا، في ظل وجود كل ما ذكرناه من إستباحة للدولة بقوة السلاح. ما يجعلنا نستذكر بأنّ الثائر يهدف دائماً إلى إحقاق الحق، ويتمرّد على التسويات ولا يترك لبنان للمندسّين والمتاجرين به، بل يواصل النضال بمنطق الدولة التي لا تساوم. لكن للأسف سيبقى كل هذا مجرد أحلام وأمنيات في ظل غياب من صنع الجمهورية القوية خلال 21 يوماً، فيما غيره لم يحقق شيئاً خلال عقود…!
لنسترجع اليوم أقواله وخطاباته التي تحاكي أوجاع الوطن، من الإنهيارات وسقوط المؤسسات وسيطرة قوى الأمر الواقع، الذين حوّلوا لبنان إلى مساحات سوداء، تحوي الجثث والنعوش والدماء والخراب والدمار، والعتمة الحالكة في قلوب كل اللبنانيين التواقين إلى السلام والحالمين برئيس قوي يعيد أمجاد لبنان. وقد تحدث بشير الجميل عن مواصفات الرئيس: “نريد رئيساً يقيم علاقات متناسقة بين حواس الوطن المختلفة، ويكون صاحب رؤية وطنية تبلغ حدّ الحلم، لا صاحب شهوة سياسية لا تتعدّى حدود الحكم، نريد رئيساً يستعمل أفعال الغضب وأدوات التحذير وأحرف الرفض وأسماء الجزم، نريد رئيساً ينقل لبنان من حالة التعايش مع الأزمة ومشاريع الحلول، إلى حال الخروج من الأزمة وفرض الحلول”. كلمات لا تزال راسخة وكأنها تتحدث عن واقع لبنان الأليم اليوم.
في الختام نأمل ألا يضيع الوطن وأن يتحقق التكاتف الوطني المسيحي- الإسلامي، لمواجهة الدويلة من خلال تضامننا كلبنانيين، كي لا تموت القضية التي سقط من أجلها آلاف الشهداء، فتاريخنا عريق وأمجادنا لا بدّ أن تستمر بفضل إيماننا بوطن جسّده بشير خلال أيام، وسنبقى نسعى لتحقيقه بوحدتنا كلبنانيين.
سنبقى على”دعساتك” وسنهتف دوماً “بشير حي فينا”، وسيبقى في الأذهان والقلوب والضمائر، مهما حاول المتآمرون على الوطن، لأن النتيجة واحدة ولن تتغير، هو المترّبع على قلوب أكثرية اللبنانيين إلى الأبد.