لغز الخرق الإسرائيلي للحزب
مهما كان التطور التكنولوجي متقدِّمًا فهذا لا ينفي دور العنصر البشري الذي اسمه: المخبر أو الجاسوس أو العميل. والسؤال هنا: إذا كان عدد الذين سقطوا من “الحزب” قد لامس الخمسمئة، فهل هذا يعني أنّ هناك خمسمئة “عنصر بشري” بين مخبر وعميل وجاسوس استطاعوا “التبليغ” عن الذين استُهدِفوا؟
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
احتاج حزب الله لاجتياح “بيروت الغربية” في السابع من أيار 2008 للضغط على الحكومة اللبنانية في ما يتعلَّق بشبكة الإتصالات السلكية الخاصة به، وحجة الحزب في تنفيذ عمليته أنه يريد أن يحمي شبكة الاتصالات التي من دونها لا يستطيع أن يعمل أو أن يتحرك .
بقيت شبكة اتصالاته كما هي، وأكثر من ذلك يعتمد حزب الله على أكثر من وسيلة اتصال لتفادي الخرق، ومن هذه الوسائل: الهواتف غير الذكية التي ليس من السهل تعقبها. ويُلاحظ أنّ أمنيين يعتمدون هذه الوسيلة ، فيصاحب هاتفهم الذكي هاتفٌ بدائي من جيل ما قبل الهواتف الذكية.
ومن الوسائل أيضًا اقتناء بطاقات مسبقة الدفع لا تكون بأسماء مَن يستخدمها، وتكون مسجلة بأسماء آخرين ، كما أنّ هناك أجهزة الاتصالات ذات الدوائر المقفلة.
كل هذه الاحتياطات لم تحل دون تعرّض حزب الله لأكبر عملية خرق في تاريخه الممتد على مدى أكثر من اثنين وأربعين عامًا، أي منذ التأسيس عام 1982 حتى اليوم.
معظم الذين سقطوا من مقاتلي حزب الله وكوادره وقياداته، قُتِلوا اغتيالًا إما بمسيرات وإما بصواريخ موجهة وإما بعبوات مزروعة، كان الاعتقاد الأول والبديهي أنّ الخليوي هو “الأداة القاتلة”، فصدر ما يشبه “التكليف الشرعي” بمنع استخدام الهواتف الذكية ولا سيما في الخطوط الأمامية في الجنوب، هذا الإجراء لم يَحل دون استمرار سقوط كوادر وقيادات من حزب الله .
ثمة معلومات تتحدث عن التعطيل المتعمد لهوائيات الخليوي في مناطق جنوبية متاخمة للحدود، بهذه الطريقة يتم التعطيل القسري لاستخدام الهواتف الذكية في تلك المنطقة.
مع ذلك، لماذا تواصلت الاغتيالات، وبوتيرة أسرع؟
فإذا كانت “ذرائع الاتصالات” قد سقطت، فماذا يتبقَّى؟
ما هو مؤكد، ووفق تقديرات خبراء، أنّ إسرائيل تمتلك أجهزة تعقب متطورة جدًا ، وقد عملت عليها وطوَّرتها مباشرة بعد انتهاء حرب تموز عام 2006، أي منذ شهر آب من ذلك العام. ثمانية عشر عامًا من تطوير هذه التكنولوجيا أوصلت إلى هذه النتيجة .
لكن الخبراء لا يغفلون دور العنصر البشري، ويقولون في هذا المجال: مهما بلغ تقدم التطور التكنولوجي فهذا لا ينفي دور العنصر البشري الذي اسمه: المخبر أو الجاسوس أو العميل. السؤال هنا: إذا كان عدد الذين سقطوا من حزب الله قد لامس الخمسمئة، فهل هذا يعني أن هناك خمسمئة “عنصر بشري” بين مخبر وعميل وجاسوس استطاعوا “التبليغ” عن الذين استُهدِفوا؟
إذا كانت هذه المقاربة صحيحة، فهذا يعني أنّ حزب الله فشل فشلًا ذريعًا في حرب الاستخبارات بينه وبين إسرائيل، وربما عليه مراجعة أدائه في هذا المجال ، ليبقى السؤال: هل سيستطيع اللحاق بالتقدم الذي حققته إسرائيل في هذا المجال؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة | تدمير تحت الأرض.. دمارٌ فوق الأرض |