أربعون عاماً على رحيل مارد الكتائب.. والقضية لم تمت
الحوار والوطن وقدسية الكرامة مبادئ في حياة بيار الجد، فبعد أربعين عاماً على رحيل أحد أبرز رجالات الاستقلال، ومسيرة الحزب الذي أسسه بقيت على وفائها. وقد حفل تاريخ القائد الراحل بأمثولات في الوطنية، وبرز اسمه في محطات مفصلية في البلد ودائماً تحت شعار الوطن الذي عمل له ولأجله
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
يليق لقب مارد الكتائب وصخرة لبنان بالشيخ بيار الجميل، الشيخ المقاوم والثابت على مبادئ الدفاع عن لبنان، رجل الحوار والعابر للطوائف.
أربعون سنة مرت على رحيل أحد أبرز رجالات الاستقلال، ومسيرة الحزب الذي أسسه بقيت على وفائها. حفل تاريخ القائد الراحل بأمثولات في الوطنية، وبرز اسمه في محطات مفصلية في البلد ودائماً تحت شعار الوطن الذي عمل له ولأجله، ربما مكتوب على كل من ناضل لأجل بلده أن يكون هدفاً للعدو أو للمتربص بالشر. فقد نجا المارد من محاولات اغتيال عديدة وقاوم الاحتلال، ففي العام ١٩٣٤ تعرض للضرب على رأسه من القوات السنغالية خلال تظاهرات الاستقلال، كما تعرض لمحاولة اغتيال بعبوة ناسفة زرعت في جدار أوتوستراد الذوق أثناء مرور سيارته وأصيب وقتها بجروح، وفي الستينات تعرض لإطلاق نار في بيروت وأصيب في فمه ونجا من الموت أيضاً. أرادوا حينها قتل الفكر القومي الذي حلم بلبنان المستقل والصامد في وجه الصعاب.
في التاسع والعشرين من آب العام ١٩٨٤ توفي الجد بيار الجميل في فراشه في مستشفى مار يوسف في البوشرية، وكان قد خسر قبل عامين نجله الرئيس بشير الجميل الذي تمكنت منه يد الغدر.
تقلب مؤسس الحزب في مناصب وزارية عدة، وكان نائباً لدورات متتالية، وتميز أداؤه بالعطاء المستمر، وكان مشاركاً في أبرز القرارات. عشق الوطن، وعُرف بانحيازه اللامتناهي له، لكنه ركز على مفهوم كرامة الإنسان وقدسية ذلك.
ويقول نائب كتلة حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ لموقع “هنا لبنان” أنّ بيار الجد لم يبنِ زعامة شخصية ولم يأتِ لينطلق سياسياً من بكفيا وهو ينتمي إلى إحدى أرقى العائلات في منطقة المتن، إنما انطلق من ملعب الرياضة، من الملعب الوطني في فرن الشباك مع شباب يتمتعون بروح وطنية، فأسس حركة رياضية تغلب عليها هذه الروح. لم يبنِ حركة مسيحية، وكان إنساناً نظيفاً حاملاً للقضية الوطنية، عمل على مأسسة هذه الحركة الوطنية التي تحولت في ما بعد إلى حزب. وهنا تكمن أهمية الراحل الذي لم ينطلق من القرية ليصل إلى الحقل الوطني إنما انطلق من الحقل الوطني إلى كل قرية، وتميّز بوضوح فكره، وارتقى بحزبه إلى أعلى الدرجات، وكان مناضلاً إلى أبعد الحدود. لم يبحث عن السلطة، وكان تركيزه على روح الجمهورية، الروح الوطنية ولم تبحث الكتائب عن السلطة السياسية وهذا أمر تمايزت به عن الكتلة الوطنية والكتلة الدستورية.
ويضيف الصايغ: كان الراحل أهل ثقة وشكّل دوره ومواقفه البوصلة الوطنية وعامل توازن، امتلك فكراً وسطياً وحوارياً وتفاهم مع الشريك في الوطن. لم يترك هذا الشريك في أصعب الظروف، متوقفاً عند تأكيده على سيادة المؤسسات في ظل وجود أبو عمار الذي كان حاكماً فعلياً. آمن بقدسية القضية الفلسطينية.
ويؤكد أنّ القصة الحقيقية عن الراحل لم تكتب بعد لا سيما عن شخصيته، إذ عاش حياة بسيطة ملؤها الصلاة والتقوى. عرف بقلة الكلام، وكان القائد الوحيد الذي لم يكثر من الكلام، ولم يكن بحاجة إلى أي خطاب للإقناع، إنما كان يكفي أن يشير بيده ليتبدل المزاج أي أنّ حركة إيماء منه كانت كفيلة لتبدّل اتجاه الريح، مشيراً إلى أنه شدد على أهمية الوطن لجميع أبنائه، إذ قال أنه لا يريد لبنان كنيسة أو جامعاً إنما وطناً للجميع يعيش فيه المسيحي والمسلم بكامل عقيدتهما. وتمسك بمبدأ سمو الإنسان على الدولة حيث كرامة الإنسان هي الأساس.
بيار الجد رحل وظل مفهوم الدولة راسخاً في عقول أحفاده والكتائبيين الذين يرفعون الصوت من أجل السيادة والدولة والكرامة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
فرنسا على الخط الرئاسي مجدداً.. حظوظ نجاح مهمة لودريان مرتفعة | بيار الجميل.. عريس “ثورة الأرز” الذي استشهد رافعاً اسم السيادة | الدفاع المدني جهاز بمساحة الوطن واستهدافه في الحرب يصعب مهماته |