الرد رسالة الحزب للتراجع شمال الليطاني
كلام نصرالله لم يدع مجالاً للشكّ أنّ الحزب يعترف بأنّ الرد غير كافٍ، فهو عملياً قام بإخلاء الجنوب من الصواريخ الدقيقة والبالستية. وهو الإعلان الأوّل من نوعه عن إخلاء مواقع ومنشآت في الوديان وأماكن الفلوات. ما يؤكّد توجه الحزب للالتزام بالقرار 1701، ويؤكّد ثانياً بداية انسحابه إلى شمال الليطاني
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
بعد نحو شهر على عملية اغتيال فواد شكر رد “حزب الله” على إسرائيل بوابل من مئات صواريخ الكاتيوشا ولكن الرد بدا أشبه بـ “رفع عتب” على اعتبار أنّ الهدف لم يكن دقيقاً ولم تعرف نتائجه إذ إنّ الحزب أعلن استهداف منشأة الوحدة 8200 التّابعة للاستخبارات العسكريّة في منطقة غليلوت شمال تل أبيب. غير أن إسرائيل لم تعترف بوقوع ضحايا، وكلام حسن نصرالله الأحد كان لافتاً: “إذا لم تكن النتيجة في نظرنا كافية فسنحتفظ لأنفسنا بِحق الردّ حتّى وقت آخر”. لماذا؟ وهل هو اعتراف بأنّ الرد لم يكن كافياً رغم التحضير له نحو شهر؟ وهل طهران طلبت من نصرالله أن يرد كيفما اتفق؟ وقد تابع قائلاً: “خلّي الناس يريّحوا أعصابهم، من يُريد أن يرجع إلى بيته فليعُد إلى بيته… بالمرحلة الحالية البلد يستطيع أن يأخذ نفساً ويستطيع أن يرتاح”. وهل الحرب ليست بحاجة ليأخذ نفساً ويرتاح أيضاً؟ تجاوز عدد الضحايا اللبنانيين الـ 600، وأكثر من نصفهم من “حزب الله” فيما إسرائيل تصطاد كل يوم كادراً من الحزب. كلام نصرالله لا يدع مجالاً للشكّ، إنّ الحزب يعترف بأنّ الرد غير كاف، وأنه عملياً قام بإخلاء الجنوب من الصواريخ الدقيقة والبالستية. وهو الإعلان الأوّل من نوعه عن إخلاء” مواقع و”منشآت” في “الوديان وأماكن الفلوات”، وهو تأكيد أيضاً على أنّ أمكنة تخزين هذه الصواريخ بعيدة عن أماكن السكن، بعكس ما كان يحصل في 2006 حين كان “حزب الله” يخبئ الصواريخ بين المنازل السكنية التي كانت تقصف من إسرائيل. وهذا يؤكّد توجه الحزب للالتزام بالقرار 1701, ويؤكد ثانياً بداية انسحابه إلى شمال الليطاني. ويوكد ثالثاً أن إيران قررت على ما يبدو اعتماد رد “حزب الله” بمثابة الرد الأساسي والوحيد على اغتيال شكر وإسماعيل هنية في الوقت عينه. على الأقل مرحلياً، ما من شأنه أن يومن إشارة من قبل طهران لفتح خط التفاوض حول احتمال وقف إطلاق النار في غزة والتمهيد بالتالي لينسحب ذلك على الجبهة مع لبنان. فهذا خامنئي يوكّد هذا التوجه بقوله: “لا تعقدوا الأمل على الأعداء ولا تنتظروا موافقتهم للمضي في برنامج البلاد… لكنّ ذلك لا يمنع التعامل مع هذا العدو نفسه في مكان ما”. وهنا بيت القصيد إذا كان المرشد الإيراني يوكّد أنه يفاوض الولايات المتحدة وربما تم تمرير معلومات عبرها إلى إسرائيل حول توقيت رد “حزب الله” إذ أكد نصرالله أن إسرائيل استبقت الرد بنصف ساعة وبدأت بالقصف على مواقع “حزب الله”، مؤكّداً أنّ لم تقع إصابات، فقط شهيدين من الحزب وشهيد لحركة أمل مبرراً ذلك بالقول أن إسرائيل “حست” بالتوقيت. ينتهي حديث نصر الله بهذه الكلمات الواضحة. لكنّ الغرابة هي في أن التوقيت تحول إلى معلومة راحت تنتشر على أكثر من لسان سياسي مثل مروان حمادة الذي توقع على شاشة mtv حرباً “ستقع خلال أيام أو ساعات”، وإعلامي مثل سامي كليب (على منصة X) قبل وقوعها فعلياً بساعات . كما أن الاستباق الإسرائيلي كان على ما يبدو “مدروساً” لأنه سقط في الوديان والأماكن الخالية من منصات الصواريخ مقابل تأكيد نصرالله أنّ إخلاءها قد تم بقرار من شكر قبل أشهر.
البعض وصف ما حصل بالتمثيلية بين الطرفين والهدف الوحيد منها هو تغطية قرار من “حزب الله” بإيعاز من إيران لبدء التحضير للانسحاب إلى شمال الليطاني وإفساح المجال لقوات الأمم المتحدة “اليونيفل” للانتشار بشكل جيد وضبط الأمن على الحدود مع إسرائيل. فهل يمكن أن يكون ذلك تمهيداً أيضاً لقرب انتخاب رئيس؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية | ورقة هوكشتاين في يد برّي أم في طهران | هوكشتاين يطأ بيروت وإسرائيل تكثّف النار |