غزة بين نتنياهو وبايدن وخامنئي
ما يريده نتنياهو هو كسب الوقت حتى شهر تشرين الثاني موعد الانتخابات الأميركية، فهو يراهن على فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يعتبر أنه سيطلق يده في إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم، وإذا لم يفز فإنّ نتنياهو قادر على إعادة التفاوض مع الرئيسة الديموقراطية كامالا هاريس
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
تستمر المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من غزة وتبادل تحرير الرهائن بين إسرائيل وحركة “حماس” ولو أنها عملياً تراوح مكانها منذ أكثر من أسبوعين. إذ يحاول أكثر من طرف فرض شروطه على الآخر، والبعض الآخر يحاول التهرب من هذه المفاوضات ويستعملها غطاء ووسيلة لفرض شروط تعجيزية كما يفعل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يحاول الهروب إلى الأمام فاتحاً جبهة جديدة في الضفة الغربية عبر تحويل جنين إلى غزة اخرى، من دون أن ينسى جنوب لبنان.
ما يهم نتنياهو هو الاستمرار في الحرب ليس من أجل تدمير حركة “حماس” بل من أجل البقاء في السلطة على راس الحكومة الحالية لأن سقوطها كان يعني الذهاب إلى انتخابات مبكرة وخسارته للأكثرية وعدم عودته بالتالي على رأس الحكومة, واحتمال مثوله أمام المحكمة في تهم تتعلق بالفساد. لكن استمراره في السلطة وارتكاب الجرائم يبدو أنه بدأ يعطي ثماره إذ أنّ آخر استطلاعات الرأي تظهر أنه بدأ يستعيد شعبيته.
ما يريده نتنياهو هو كسب الوقت حتى شهر تشرين الثاني موعد الانتخابات الأميركية، فهو يراهن على فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يعتبر أنه سيطلق يده في إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم، وإذا لم يفز فإنّ نتنياهو قادر على إعادة التفاوض مع الرئيسة الديموقراطية كامالا هاريس. كما أنه يحاول الآن استغلال العثور على جثث الرهائن الإسرائيليين الستة، ومن ضمنهم أميركي الجنسية لرفض التفاوض مع “حماس” ولتقليب الموقف الأميركي. ويظهر رئيس الحكومة الإسرائيلية استخفافاً ربما بموقف الرئيس الحالي الذي سيغادر بكل الأحوال البيت الأبيض بعد شهرين بعد الخطاب الذي ألقاه في الكونغرس الشهر الماضي. غير أنّ هذا التصرف بطبيعة الحال لم يرق للرئيس الأميركي جو بايدن الذي اقترح منذ نهاية شهر أيار الماضي خطة لوقف إطلاق النار. وأمس عبر بايدن عن استيائه لأول مرة من نتنياهو قائلاً بكل وضوح: “نتنياهو لا يبذل ما يكفي لإتمام صفقة وقف إطلاق النار في غزة”, وأضاف أنه لا يتفاوض مع إسرائيل وإنما مع دول الوساطة مصر وقطر، وأنّ الاتفاق أصبح على وشك الحصول. صحيح أنّ بايدن أصبح مطلق اليدين إلى حد ما باعتبار أنه غير مرشح إلى تجديد ولايته، إلا أنّ عليه أن يساعد نائبة الرئيس في كسب أصوات اليهود الأميركيين ولتتمكن من الفوز. ولكن بالمقابل لا يناسبه أن يخسر معركة مهمة على صعيد الدولي عشية خروجه من البيت الأبيض، وهو الذي يفاوض مباشرة أو عبر وسطاء إيران، الطرف الثالت الذي يلعب أوراقه في هذه المواجهة المفتوحة في غزة عبر حماس التي أصبحت اليوم الذراع الفعلية لإيران في الساحة الفلسطينية بعد اختيارها يحيى السنوار زعيماً لها.
وقد قام خامنئي بتقديم ورقة مهمة لواشنطن، وهو الذي أكد أن “لا مانع من التعامل مع هذا العدو”، بالامتناع حتى الآن عن الانتقام من إسرائيل التي اغتالت إسماعيل هنية في نهاية تموز الماضي. يحاول أن يبادل هذه الورقة باتفاق لوقف إطلاق النار مستعيضاً عنها بالرد الذي قام به “حزب الله” الأسبوع الماضي والذي حمل في الوقت نفسه رسائل إلى واشنطن وتل أبيب معاً بإبداء استعداده للانسحاب إلى شمال الليطاني والالتزام بالقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن بعد حرب تموز 2006 التي ورط “حزب الله” لبنان فيها، والذي يطالب به الاثنان. تلك الحرب التي قال حسن نصرالله عنها بعد أسبوعين من وقوعها: “لو كنت اعلم… لما قمنا بخطف الجنود”. وأمس بعد عملية الرد لم يقدم نصرالله اعتذاراً كما فعل في آب 2006، ولكنه اعترف أنّ الرد غير كاف وأكد سحب كل صواريخه الدقيقة والبالستية، وتمت فكفكة منصاتها، وقد تم الإخلاء قبل فترة. فهل من خدمة اهم لإيران وإسرائيل برعاية واشنطن؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية |