الأردن: ما قبل وما بعد الانتخابات


خاص 11 أيلول, 2024

المناعة الداخلية في الأردن تجلت في تظهير اتجاه غالب لدى أغلبية وازنة من الأردنيين، لتأييد خيار الاستقرار، ومنع الفوضى من أن تقتحم الساحة الأردنية. هنا يكمن سر مناعة الأردن وقدرته على مواجهة ما يحضر له، وهو ليس بالهين. فالمناعة الشعبية في الأردن تنتقد وترفض، لكنها في اللحظة الحاسمة تحمي الدولة والاستقرار

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

قبل يومين من موعد إجراء الانتخابات التشريعية في الأردن، كان معبر الملك حسين يشهد عملية فدائية نفذها مواطن أردني أدت إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، ما أدى إلى إغلاق المعبر ليومين. هذه العملية تشبه وضع الساكن بين المطرقة والسندان الذي يعيشه الأردن منذ اندلاع الحرب على غزة.

بلد آمن ومستقر يراد له بفعل المزايدة أن يدخل في مواجهة ستحيله إلى مصير لبنان والعراق واليمن وسوريا، تلك البلدان التي تاجرت بها إيران، فيما هي تفاوض على تحسين شروط تفاوضها مع الولايات المتحدة الأميركية دون أن تدفع نقطة دم واحدة.

أحسن وزير الإعلام السابق سميح المعايطة في مناظرة مع أحد ضباط الحرس الثوري الإيراني، الذي ألصقت به مهمة رئاسة أحد مراكز التفكير، التي تؤسسها الدعاية الإيرانية، لإلباس ضباطها لباس المفكرين. قال المعايطة للضابط الإيراني: حدودكم مفتوحة إلى الجولان وجنوب لبنان لماذا لا يأتي الجيش الإيراني ويفتح جبهة مع إسرائيل، ولماذا تطالبون الأردن بفتح هذه الجبهة؟

لا تبتعد الانتخابات التشريعية في الأردن عن هذا المناخ. صحيح أنّ معادلة الانتخابات لها تشعبات محلية وعشائرية، لكن جوهرها ينطلق من ثوابت عدة.

أولاً: سعت الدولة الأردنية إلى إجراء انتخابات تشريعية بالحد الأقصى من نزاهة إجراء العملية الانتخابية. لا تلاعب بالأرقام، لا تزوير للنتائج، لا تضخيم لنسب الاقتراع، غياب تام لنسبة 99،99 بالمئة التي تحكم الانتخابات العربية، وقد نجحت باعتماد الموضوعية، وأدت نتائج الاقتراع إلى الإعلان الشفاف عن انتخاب ما يعادل نسبة 32 بالمئة من الناخبين.

ثانياً: سعت الدولة الأردنية إلى إتاحة المجال للأحزاب السياسية الوليدة منها والتقليدية للمشاركة في الانتخابات، والأبرز منها جبهة العمل الإسلامي، وقوى حزبية مدعومة من الدولة، ومستقلون. هذا الهامش مكّن جماعة الإخوان المسلمين التي تسعى لتأليب الشارع الأردني، من المشاركة، بمعايير لا تمسّ السلم الأهلي ولا تعهدات الدولة الأردنية، وستكون النتائج تعبيراً عن تمثيل واقعي يؤسس عليه للمرحلة المقبلة.

ثالثاً: سعت الدولة الأردنية إلى حفظ تمثيل الأقليات عبر اعتماد نظام الكوتا، الذي اعتمد هو نفسه في تمثيل المرأة، وهذا ما سينتج مجلساً نيابياً يحفظ للأقلية المسيحية حضورها، كما يعبر عن رغبة في تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية.

في موازاة الإعصار الجاري في غزة، يتحضر الأردن لمرحلة صعبة. المناعة الداخلية تجلت في تظهير اتجاه غالب لدى أغلبية وازنة من الأردنيين، لتأييد خيار الاستقرار، ومنع الفوضى من أن تقتحم الساحة الأردنية.

هنا يكمن سر مناعة الأردن وقدرته على مواجهة ما يحضر له، وهو ليس بالهين. المناعة الشعبية في الأردن تنتقد وترفض، لكنها في اللحظة الحاسمة تحمي الدولة والاستقرار.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us