جثمان الكاردينال أغاجانيان إلى لبنان… حدث يتجاوز الوطن لصاحب السلام والرأي العادل
كان الكاردينال الراحل من أوائل حاملي الجواز الديبلوماسي اللبناني عام ١٩٤٣، وحاز على وسام الأرز من الرئيس الراحل شارل حلو عربوناً لعطاءاته للبنان، واليوم يعود جثمان” البابا الأحمر” إلى البلد الذي أحبه وقدم له الكثير، هي عودة ينتظرها جميع اللبنانيين التواقين إلى الخلاص بعدما غرقوا في أزمات لا حل لها
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
للحوار والسلام والأنسانية مرادف واحد: الكاردينال البطريرك كريكور بيدروس الخامس عشر أغاجانيان الذي يستقبل لبنان جثمانه القادم من روما وذلك في احتفال وطني يقام اليوم في ساحة الشهداء، دعا إليه كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان.
يعود جثمان” البابا الأحمر”، كما لُقّب، إلى لبنان، البلد الذي أحبّه وقدم له الكثير، هي عودة ينتظرها جميع اللبنانيين التواقين إلى الخلاص، بعدما غرقوا في أزمات لا حل لها. كان الكاردينال أغاجانيان رسول محبة ومصالحة. عاش حياة التقوى إلى أبعد حدود ، لم يقبل الظلم ولا حتى النزاعات المدمرة ، فبادر إلى الوساطة بحكمة تميز بها طوال مسيرته الكهنوتية. عرف بتواضعه وآرائه العادلة وسعى إلى إنشاء مؤسسات اجتماعية وتربوية حتى لقب برجل المؤسسات، لا بل كان من أوائل الذين أقاموا هذه المؤسسات.
كان الكاردينال الراحل من أوائل حاملي الجواز الديبلوماسي اللبناني في العام ١٩٤٣، حاز على وسام الأرز من الرئيس الراحل شارل حلو عربوناً لعطاءاته تجاه لبنان. خدم طائفة الأرمن الكاثوليك بصفته بطريركاً من العام ١٩٣٧ حتى العام ١٩٦٢، ثم انتقل إلى روما كرئيس مجمع عقيدة الإيمان، وكان مرشحاً لأن يكون الحبر الأعظم، بنى علاقات جيدة مع الكرادلة وهو القادم من جورجيا. حمل لبنان في قلبه وعقله خصوصاً بعد رسالة السلام والتقوى التي عمل لأجلها في هذا البلد لسنوات.
وحده المرض دفعه إلى الاستقالة من واجباته الرسولية وقد ترك وصية، ومما جاء فيها: أريد أن أموت مثلما حاولت دائما أن أعيش كإبن مطيع في اتحاد كامل مع والدتي الكنيسة الكاثوليكية المقدسة ومع القديسة العذراء مريم والدة الرحمة… أتمنى لكنيسة الأرمن ورجال الدين والمؤمنين وكذلك جميع أبناء أمتي الأرمنية الغالية من خلال شفاعة الآلاف من شهدائنا، كل خير روحي ودنيوي، ولا سيما الحفاظ على المسيحيين وتقويتهم في الإيمان بالاتّحاد بكنيسة المسيح الواحدة، أنا أعمى، لا أستطيع رؤية أي شيء بعد الآن، لم أعد أساوي شيئاً، لكن عندما أغلق عيني إلى الأبد، عندها يمكنني مساعدتكم”.
أحبه الجميع من الطوائف والمذاهب المسيحية، وشكّل خبر وفاته فاجعة للمحبين وعم الحزن أنحاء الدول التي زارها.
جثمان الكاردينال أغاجانيان بقي كما هو بعد ٥٣ عاماً على وفاته، وسيتم وضعه في كاتدرائية مار إلياس ومار غريغوريوس المنور في ساحة دباس في بيروت بعد التطواف بجثمانه.
ويقول الوزير السابق ريشار قيومجيان لموقع “هنا لبنان” إنّ الكاردينال الراحل كان من أوائل الذين عملوا من أجل الطائفة الأرمنية كما من أجل جميع الطوائف، وكان رجل مؤسسات وأهمية مسيرته تكمن في البعدين الاجتماعي والروحي، إذ وقف إلى جانب دور الرعايا المحتاجة، معرباً عن افتخار الطائفة وجميع الطوائف به وبدوره الريادي وبإنجازاته على الصعيد الاجتماعي.
ويوضح أنّ الحدث اليوم يؤكد أنّ لبنان هو بلد القداسة وإنّ هناك حاجة للتشبث بالأرض وبالبلد الذي نعيش فيه على الرغم مما نمر به.
البابا الأحمر يجمع لبنان اليوم كما جمعه منذ سنوات، ويرغب المعنيون أن يكون استقبال جثمانه حدثاً يتجاوز حدود الوطن، ودائماً وفق شعار “بطريرك الأمس قديس الغد”.