“مساندة” الحزب تعرّيه أمام غطرسة نتنياهو
يعاني “الحزب” اليوم من عزلة على الصعيد المسيحي بعد ابتعاد حليفه التيار العوني الذي يحاول أن يستعيد بعضاً مما خسره هو أيضاً على صعيد الشارع المسيحي نتيجة تحالف مار مخايل، ولم يبقَ للحزب سوى سليمان فرنجية الذي له نائب واحد في المجلس النيابي، والذي يصر “الثنائي الشيعي” على إيصاله إلى القصر الرئاسي معطلاً الانتخابات الرئاسية
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
تستمر “حرب غزة” رغم كل الجهود والوساطات المتعددة والمستمرة منذ نحو شهرين لإيقافها بسبب تعنت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يمارس عملية هروب إلى الأمام بإصراره على الاستمرار في حرب الإبادة وتوسيعها إلى حرب شاملة فلسطينياً نحو الضفة الغربية، ولبنانياً في الجنوب، واضعاً الحليف الاميركي في موقف حرج نتيجة غرقه في معركة الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد أقل من شهرين، مراهناً على فوز الجمهوري دونالد ترامب. كما أن تعنت نتنياهو يقدم المبرر لـ”حزب الله” الذي أقحم نفسه فيها كي يستمر في لعب ورقة إيران التي تستعمله في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة رغم القتلى والدمار الذي خلفه “إسناده” لحماس، التي اختارت على ما يبدو التحدي باختيار يحيى السنوار رئيساً لمكتبها السياسي محل إسماعيل هنية الذي اغتالته إسرائيل في قلب طهران قبل شهر ونصف الشهر.
وإذا كان هذا هدف نتنياهو فما هي مضاعفات هذه الحرب المدمرة لبنانيًا؟ لقد أضعفت بلا شك “حزب الله” عسكرياً وسياسياً إذ أنه خسر ما لا يقل عن 300 من مسؤوليه وكوادره فيما كان هو، ولا يزال، يكتفي بإطلاق الصورايخ. وهذا ساعد عملياً على انتهاء ما اصطلح على تسميته بـ “توازن الرعب” لصالح إسرائيل. وبعكس حرب تموز 2006 لم يعد بإمكان الدولة اللبنانية أن تستفيد من الدعم الدولي الذي مكن يومها حكومة فؤاد السنيورة من انتزاع النقاط السبع والقرار 1701 الذي أقر بالإجماع في مجلس الأمن، والذي تصر عليه اليوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فيما ميليشيا “حزب الله” تتواجد جنوب نهر الليطاني ولا يمكن بالتالي التوصل إلى وقف إطلاق النار إذا لم يتراجع إلى شمال الليطاني. وسياسياً، يعاني “حزب الله” اليوم من عزلة على الصعيد المسيحي بعد ابتعاد حليفه التيار العوني الذي يحاول أن يستعيد بعضاً مما خسره هو أيضاً على صعيد الشارع المسيحي نتيجة تحالفه الوثيق مع الحزب. ولم يبقَ للحزب سوى سليمان فرنجية الذي له نائب واحد في المجلس النيابي هو ابنه طوني فرنجية، والذي يصر “الثنائي الشيعي” على إيصاله إلى القصر الرئاسي معطلاً الانتخابات الرئاسية. أما سنياً فهناك كتلة من خمس نواب من أصل 27 نائب سني وهي أقرب إلى النظام السوري منها إلى الحزب. ويبدو أنّ هذا الواقع يدفع “حزب الله” إلى إعادة النظر في تعطيله والتعجيل بتسهيل انتخاب الرئيس خوفاً من أن يصل دونالد ترامب مجدداً إلى البيت الأبيض.
أما على الصعيد الفلسطيني فقد أدى تدمير معظم قطاع غزة وعودة الجيش الإسرائيلي إلى الضفة الغربية إلى ما يقارب عودة الاحتلال إلى الأراضي الفلسطينية، وإلى ما كانت عليه قبل اتفاق أوسلو الذي عقد في 1993 والذي مكن منظمة التحرير وياسر عرفات من العودة والدخول لأول مرة منذ 1948 إلى الجزء المحرر من فلسطين.
أما عربياً، تهدد خطط نتنياهو الذي يصر في خلال المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار على فرض سيطرته على معبر فيلادلفي الذي يجب أن يكون بحسب اتفاقية كامب ديفيد تحت سيادة مصر. كما أنّ العملية التي حصلت على الحدود الأردنية-الإسرائيلية تهدد بفرض سيادة إسرائيل على غور الأردن، أي مخالفة معاهدة السلام بين البلدين التي تم التوقيع عليها في العام 1994 بين الملك حسين ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين بحضور الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون.
مناخ اليوم يشبه ما بعد نكسة حزيران، وكأنّ حماس تريد بهذه المعركة إرجاع العرب إلى حرب 1967 أي إلى زمن النكسة في تلك الحرب التي قضت باحتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء المصرية واحتلال مرتفعات الجولان السورية. فيما “حزب الله” يريد أن يبقي لبنان ورقة تفاوض بيد إيران عشية عودة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية |