عون ومسيرة قضائية تعطيلية واستنسابية ونجمها يأفل بصورة دراماتيكية
إنّها المرة الأولى التي يشهد القضاء اللبناني في تاريخه أنّ هناك قاضياً تمرد على كل السلطات القضائية، على مجلس القضاء الأعلى وقراراته والنائب العام التمييزي وعلى التفتيش القضائي، كما على المجلس التأديبي الذي أصدر قراراً بعزل عون عن مهامها وفصلها عن القضاء، فنحن أمام ظاهرة ربما تكون فريدة من نوعها في تاريخ القضاء
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
منذ أن اتخذ المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار قرار كف يد القاضية غادة عون في الملفات القضائية التي بحوزتها، لا تنفك عون عن تجريح القضاء وتوزيع الاتهامات بحقه، مستخدمة جميع الوسائل المتاحة.. هذه هي الصورة التي يرسمها أغلبية المراقبين لأدائها، حتى أنها باتت تشغل الرأي العام بمدوناتها على منصة إكس وتويتر. ولم لا؟ فهذا أكثر ما يستهويها إظهار أحقية ما تقوله في حين أنها لم تلتزم في أي مرة بتوجيهات مرؤوسيها، وفي محطات عدة خرقت الأصول ورفضت أيّ توجيه وباشرت بفتح ملفات “غب الطلب” وبشكل استنسابي، وتصرفت كما يحلو لها. أما اليوم فترى نفسها المتضررة الأكبر وتحاول حشد المناصرين والمؤيدين لشن حملات الإساءة على القضاء، وفي كل مرة تخفق في تحقيق هدفها لا سيما بالنسبة إلى الطعن المقدم من قبلها حول تعميم القاضي الحجار بمنع الضابطة العدلية من مخابرتها، تجد نفسها في المواقع المتقدمة في استخدام أسلوب الأستهزاء بالأجراءات القضائية، ولا تجد مانعاً في الذهاب إلى النهاية في هذا الأسلوب، ويمكن أن يتطور وينتقل ليشمل من هم ليسوا في القضاء.
وهنا، تأسف مصادر قضائية عبر موقع هنا لبنان ” لأن القاضية غادة عون توجت مسيرتها القضائية بأسلوب لا يمت إلى الأسلوب القضائي والقانوني بصلة ، وإذا تم وضع كل القضايا العادية التي تعطي إشارات بشأنها جانباً، إذ انه في الملفات الحساسة التي ادعت انها تسلمتها، تعاطت باستنسابية فاقعة وبما في ذلك ملفات المصارف والأموال وشركة الراحل ميشال مكتف، وتعاطت بصيف وشتاء تحت سقف واحد، بمعنى أنها اظهرت من خلال أدائها القضائي أنها تتبع فريقا سياسيا وتجاهر أنها تنفذ سياسته وهذا ما كانت تقوله منذ زمن لجهة أن الرئيس ميشال عون يدعمها والتيار الوطني الحر يؤيدها ، وأكبر دليل على ذلك المداهمات لشركة مكتف على شكل عصابات ،كيف كان مناصرو التيار يتضامنون معها ويساعدونها في تكسير وخلع الشركة، وكانت تتحدث عن مفاجآت مدوية فيها ، وللأسف فإن صاحبها ميشال مكتف توفي وقد ظلم كثيراً، أما غادة عون فلم تذكر نتائج التحقيقات التي أجرتها والاقراص الممغنطة التي صادرتها وكذلك بالنسبة إلى الملفات التي صادرتها ، مع العلم أنّ الشركة كانت تعمل وفق القانون ، في حين أن هناك قضايا أخرى تسلمتها، كانت تطال الفريق السياسي التابعة له وحلفاءه، لكنها أخفتها حميعا بما في ذلك ملف القرض الحسن والذي ادعت أنها حولته إلى النائب العام التمييزي للبت به في الوقت الذي طلب منها النائب ملفات أخرى ولم تسلمه إياها.
وتضيف المصادر نفسها : إنها المرة الأولى التي يشهد القضاء اللبناني في تاريخه أنّ هناك قاضياً تمرد على كل السلطات القضائية، على مجلس القضاء الأعلى وقراراته والنائب العام التمييزي وعلى التفتيش القضائي، كما على المجلس التأديبي الذي أصدر قراراً بعزل عون عن مهامها وفصلها عن القضاء، فنحن أمام ظاهرة ربما تكون فريدة من نوعها في تاريخ القضاء.
وتستغرب المصادر كيف أنّ القاضية عون تحقق في ملفات وتصدر النتائج على وسائل التواصل الأجتماعي، وهذا الأمر يحصل للمرة الأولى، كما أنها المرة الأولى التي يسافر فيها قاض من دولة إلى أخرى من دون أخذ إذن للسفر، ورأينا كيف أن عون اصطدمت مع الوزير هنري خوري الذي يتبع الفريق السياسي نفسه حيث تنفذ الأجندة الخاصة به .
وتعرب عن اعتقادها أنه لم يعد “حرزانا ” أن يخوض القضاء معارك ضد عون ، إذ أنها آفلة إلى الزوال ، فبعد أربعة أو خمسة أشهر تحال إلى التقاعد وتنتهي مسيرتها القضائية، لكنها تنتهي بطريقة دراماتيكية، وليس هناك ملف من الملفات التي فتحتها وصل إلى نتيجة الا بكيدية سياسية معينة وباستنسابية، وهذا أمر لا يحقق العدالة ، إذ لا يمكن لقاض أن يطلب من الآخرين تطبيق القانون عليه في الوقت الذي لا يطبق فيه القانون على نفسه، يعني عندما أصدر القاضي العام التمييزي قرار سحب الملفات منها ، قدمت دعوى رد وذهبت لإبلاغه به، في الوقت الذي ترفض تسلم عشرات دعاوى الرد والمخاصمة، مكررة القول نحن أمام ظاهرة فريدة أساءت الى وجه القضاء اللبناني الذي لم يشهد نموذجا مثل هذا النماذج من القضاة الذين خالفوا كل التوقعات.
وتوضح أن هناك دعاوى كثيرة بحق شخصيات ومحازبين للتيار الوطني الحر بقيت في الأدراج لا تنظر فيها، لا من قريب ولا من بعيد، لا بل تحولت في خلال فترة وجودها على رأس النيابة العامة في جبل لبنان إلى مجرد منبر قضائي لتلقي الشكاوى والأخبارات من محازبين تابعين للتيار الوطني الحر أو لحلفائهم لتقديم دعاوى وإخبارات ضد أخصامهم السياسيين والمباشرة فورا في فتح تحقيقات فيها واستدعاءات ومذكرات بحث وتحر وإحضار ومنع من السفر ومصادرة املاك عائدة لهذه الأشخاص في الوقت الذي بقيت فيه الدعاوى التي تطال التيار الوطني الحر في الأدراج ولا يأخذ التحقيق مجراه، حتى أن الملفات التي كان يضع المحامون العامون الاستئنافيون في بعبدا يدهم عليها وتطال شخصيات أو مناصرين للتيار البرتقالي، كانت عون تسارع إلى سحبها منهم للنظر بها وحفظها بشكل سريع ومباشر.
وتختم المصادر قائلة: هذا ليس بالنموذج القضائي الذي كان يتوق إليه اللبنانيون، ولذلك فهمنا ماهية المعركة التي قام بها الرئيس ميشال عون من أجل تعطيل التشكيلات القضائية التي كانت ستطيح بغادة عون وهي للأسف من عطلت القضاء والسلطة القضائية بشكل كامل وانهت كل محاولات الإصلاح في الجسم القضائي.