تفجيرات “البايجر” إنكشاف أمني كبير للحزب.. والرد قريب جداً
بدأ “الحزب” بلملمة جراحه وسط مفاجأة وصدمة عمت مسؤوليه وعناصره ومناصريه نظراً لحجم هذه الضربة التي تعتبر انكشافاً أمنياً خطيراً يتحمل مسؤوليته، وقد شكلت مجزرة وسط حرب مفتوحة على كافة الإحتمالات، وهناك إحتمال أن تقوم إسرائيل بضربة واسعة قد تجر “الحزب” إلى الرد وذلك لنقل المعركة إلى مرحلة جديدة مع عدم التصعيد إلى حرب شاملة
كتبت شهير إدريس لـ “هنا لبنان”:
كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف تقريباً عندما بدأ صراخ المواطنين وأصوات الإنفجارات تعم الشوارع والأحياء والمحلات التجارية والسوبر ماركت في بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع وصولاً إلى سوريا، وبدأت الدماء تسيل من وجوه وأرجل بعض الأشخاص الذين يسيرون في الطرقات أو يستقلون دراجات نارية أو يتابعون التلفاز في منازلهم ليتبين بعد ذلك أن معظمهم عناصر في حزب الله.
في بادئ الأمر لم يعلم الناس ما حصل فجأة ومن دون أي إنذار وحصل هرج ومرج وحالة من الهلع ظناً أنّ البعض أصيب بطلقات نارية أو مسيرات تطلق النار على الناس ليتبين بعد دقائق أنّ تفجيرات حصلت في أجهزة لاسلكية للإتصال تدعى “بايجر” كانت بحوزة معظم من أصيبوا وأدت إلى إصابة من بجانبهم أيضاً، فهرعت سيارات الإسعاف إلى الطرقات لإجلاء المصابين وغصت المستشفيات بالجرحى والمصابين الذين تجاوز عددهم بحسب وزارة الصحة 2500 بين طفيفة وخطرة وأكثر من 300 حالتهم حرجة، فيما استشهد 9 بينهم طفلة في سرعين تبلغ من العمر 10 سنوات وكذلك نجل النائب في حزب الله علي عمار ويدعى مهدي، إضافة إلى عدد من المسؤولين وأبنائهم في الحزب لم يتم الكشف عنهم والعديد من العاملين في وحدات ومؤسسات حزب الله المختلفة، كما أصيب السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني بجروح طفيفة نتيجة تعرض إثنين من حرسه الشخصي فيما أصيب بحسب الإعلام السوري 18 قيادياً لحزب الله وبنفس طريقة التفجير.
وبحسب مصادر طبية مطلعة لموقع “هنا لبنان” فإن معظم الإصابات حصلت في الجزء السفلي من أجساد المصابين وبعض الحالات خطرة جداً حيث معظمهم كان يضع الجهاز في جيبه أو في حقيبة يحملها عند خصره ومنهم من أصيب في يديه ووجهه لا سيما في منطقة العينين نتيجة سحب الجهاز عندما وصلتهم رسالة أو أحس بحماوته. وذلك ما يفسر الإسم الذي تم تداوله لهذه العملية الأمنية بأنه “ضربة تحت الحزام”.
هذا الخرق الأمني الكبير وغير المسبوق ومشاهده الدموية ذكرت بإنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب عام 2020 وقد شكل صدمة على مستوى لبنان الشعبي والرسمي والذي استنفر أجهزته الأمنية والعسكرية والطبية لمعالجة تداعياته، فيما الصدمة الكبرى فكانت وبالأخص لدى حزب الله والذي أصدر بيانات متتالية تعهد خلالها بالقصاص وأكد خلالها إصابة العديد من عناصره مشيراً إلى أنّ الأجهزة المختصة في الحزب تقوم بإجراء تحقيق واسع النطاق أمنياً وعلمياً لمعرفة الأسباب التي أدت إلى الإنفجارات المتزامنة، وحمل العدو الإسرائيلي مسؤولية هذا العدوان الذي وصفه بالإجرامي والذي طال المدنيين، مؤكداً بأنه سينال القصاص العادل على هذا العدوان الآثم من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب. وبالرغم من توجيه الإتهامات للعدو الإسرائيلي لم يصدر أي تعليق من إسرائيل أو إعلان لمسؤوليتها عن هذه العملية فيما رجحت بعض المصادر بأنّ الموساد من قام بها.
وقد خرجت جملة نظريات تكنولوجية تتعلق بكيفية تفجير هذه الأجهزة وكيفية اختراقها سيبرانياً، وبحسب خبراء أميركيين فإنّ شرائح وضعت داخل الأجهزة بشكل مسبق وتم تفجيرها بشكل متتالٍ أو تعرضها لبرنامج خبيث تسبب في ارتفاع درجة حرارة البطاريات. كما ظهرت تساؤلات حول صفقة “البايجر” وكيفية إستيرادها ودخولها الى لبنان ومن سلمها لحزب الله وكيف إشتراها ومتى وزعها على عناصره ومسألة الترددات التي تعمل عليها وإذا ما كانت مرخصة أم لا وهل تعلم بها وزارة الإتصالات أم هي مخفية كما شبكة اتصالات الحزب؟
بدأ حزب الله بلملمة جراحه وسط مفاجأة وصدمة عمت مسؤوليه وعناصره ومناصريه نظراً لحجم هذه الضربة التي تعتبر إنكشافاً أمنياً خطيراً يتحمل مسؤوليته. وقد وصفتها مصادر مقربة من الحزب لموقع “هنا لبنان” بأنها ضربة كبيرة وموجعة وخطيرة وقد شكلت مجزرة وسط حرب مفتوحة على كافة الإحتمالات مشيرة إلى أنّ الحرب الحالية تتعدى النطاق العسكري إلى الأمني والسيبراني وحتى السياسي، وهناك إحتمال أن يقوم العدو الإسرائيلي بضربة واسعة قد تجر حزب الله إلى الرد وتضعه في موقف الدفاع وذلك لنقل معركتها ضد حزب الله إلى مرحلة جديدة مع عدم التصعيد إلى حرب شاملة. إلا أن المصادر إعتبرت أنّ مسار الحرب سيكون طويلاً وقد لا يقل عن سنتين مستبعدة حرباً موسعة وستبقى حرباً وفق معادلة النقاط لكنه يثبت في نفس الوقت مستوى الردع، فيما الرد على عملية تفجير أجهزة البايجر قد يكون قريباً جداً وعبر ضربات محدودة لكن بحزم كبير.
وشكلت الضربة الأمنية تضامناً وطنياً لبنانياً واسعاً من جهة وعربياً ودولياً من جهة أخرى حيث خرجت سلسلة مواقف سياسية منددة بهذا الإعتداء غير النمطي على لبنان وباشرت وزارة الخارجية اللبنانية بتحضير شكوى إلى مجلس الأمن بشأن هذا الهجوم الذي طال المدنيين وبينهم أطفال وخلف آلاف الجرحى.