نصرالله يكابر ويقرّ أنّ لبنان ورقة تفاوض


خاص 20 أيلول, 2024

نصب نصرالله نفسه خبيراً عسكرياً واصفاً قادة الجيش الإسرائيلي بالأغبياء، كلام قد يلقى حماس وتأييد جمهوره وليس كل اللبنانيين الذين حاول في خطابه المكتوب أن يجرّهم إلى موقف داعم خالطاً بين التضامن الإنساني الذي أبدوه والدعم السياسي له، إذ أنّ ما حصل عمق الشرخ بين اللبنانيين الذين يرفضون بمعظمهم توريط لبنان بهذه الحرب العبثية المدمرة، والتي لم تجلب على لبنان غير القتل والخراب والدمار والعزلة الدولية

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

سبعة وثلاثون قتيلاً وأكثر من ثلاثة آلاف جريح ومشوه حصيلة الهجوم الإلكتروني الذي شنّته إسرائيل على مرحلتين خلال يومين، والذي استهدف عناصر من “حزب الله” بتفجير أجهزة التواصل والاتصال اللاسلكي التي كانت بحوزتهم. وهي جريمة هزت لبنان بأكمله ودفعته إلى التضامن الإنساني مع أهالي الضحايا والمصابين، وتجندت كافة المستشفيات اللبنانية بدون استثناء للمعالجة والإسعاف وتقديم المساعدات الطبية اللازمة.

وبأعصاب باردة قام حسن نصرالله أمين عام “حزب الله” في كلمته التي ألقاها أمس بشكر كلّ من تضامن وساهم في إسعاف المصابين، دولة وأحزاباً ومؤسسات بعكس ما كان يحصل عندما تم تفجير مرفأ بيروت أو عندما يتم اغتيال إحدى الشخصيات التي تختلف مع “حزب الله”، إذ كان يتم تقديم الحلوى احتفاء. استرسل نصرالله في شرح الجريمة التي تعرض لها حزبه متوعداً إسرائيل التي كانت خلال إلقاء كلمته تقصف الجنوب اللبناني بغارات طالت عدداً من القرى والبلدات، كما قامت باختراق جدار الصوت عدة مرات.

إنّ هذه التفجيرات التي خلفت ضحايا كانت بمثابة حرب حقيقية لم يسبق أن سقط فيها هذا العدد، شكلت رسالة إسرائيلية في اتجاهات متعددة. فعدا عن أنها تعتبر الضربة الأكثر إيلاماً على الإطلاق التي تصيب “حزب الله” الذي فتح “جبهة إشغال” إسرائيل في الثامن من تشرين الأول من العام الماضي من أجل “إسناد” غزة . كما أنها أصابت بالمباشر الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة منذ أشهر والمترنحة أصلاً للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، كمقدمة لا مناص منها لتهدئة بقية الجبهات كما طالب ويطالب نصرالله.

غير أنّ الاعتداء الإسرائيلي جاء ليشكل ضربة قاصمة لجهود الرئيس جو بايدن الذي أرسل مبعوثه الشخصي آموس هوكشتاين الذي وصل مجدداً إلى تل أبيب الإثنين الماضي محاولاً إقناع نتنياهو بعدم شن الحرب على لبنان. فهل ما قامت به إسرائيل هو مقدمة لعملية برية ضد لبنان تجبر “حزب الله” على التراجع عشرة كيلومترات شمال الليطاني؟ أم أنّ الاحتمال الآخر هو أنها تنتظر ردًّا ما على هذا التفجير المفخخ من “حزب الله” يشكل لها ذريعة للتدخل البري.

غير أنّ نصرالله لم يدخل في تفاصيل هذه الاحتمالات ونصب نفسه خبيراً عسكرياً وراح يهاجم رئيس الأركان وقيادة الجيش الإسرائيلي ويكيل التهم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزراء واصفاً إياهم بالأغبياء، كلام ممكن أن يلقى حماس وتأييد جمهوره الذي يحتاج إلى هذا النوع من الكلام  ليطبطب على جراحه ويرفع ربما من معنوياته، ولكن ليس كل اللبنانيين الذين حاول في خطابه المكتوب أن يجرهم إلى موقف داعم خالطاً بين التضامن الإنساني الذي أبدوه والدعم السياسي له، إذ أنّ ما حصل عمق برأي كثيرين الشرخ بين اللبنانيين الذين يرفضون بمعظمهم توريط لبنان بهذه الحرب العبثية المدمرة، والتي لم تجلب على لبنان غير القتل والخراب والدمار والعزلة الدولية.

لم يأت نصرالله بجديد مكرراً المعنويات وحاول أن يصنع من العجز قوة على الطريقة العربية قائلاً أنّ إسرائيل هي التي انهزمت وأنّ حزبه ما زال على قوته وعديده، وأنّ الحزب سيحقق في الاختراق الذي حصل في صفقة الأجهزة التي فجرت. ولم ينسَ أنه يقيم دولته ضمن الدولة أو أنه يحل محلها إذ لن يقبل كالعادة أن تحقق أجهزة الدولة بذلك. ولكن هل سيحقق فعلاً أم سينتظر ما تقرره إيران كما فعل عندما كان يريد الرد على اغتيال قائده العسكري فواد شكر الذي انتقم له بعد شهر بإطلاق صواريخ على إسرائيل؟ أما ايران فلم ترد لغاية اليوم على اغتيال إسماعيل هنية، بل حولته إلى ورقة تفاوض مع الولايات المتحدة وإسرائيل. كما أقرّ نصرالله، وإن بشكل سريع، أنّ لبنان هو ورقة تفاوض في النهاية في هذه الحرب التي أُقحِم فيها. ورقة في يد طهران بطبيعة الحال !

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us