ساكن البيت الأبيض يرسم مصير المنطقة


خاص 24 أيلول, 2024

مع كل انتخابات رئاسية، تتجدد التساؤلات حول التوجهات التي ستتبناها الإدارة الجديدة تجاه قضايا المنطقة، بدءاً من الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة، وصولاً إلى العلاقات الاقتصادية والشراكات الاستراتيجية

كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:

تعتبر الانتخابات الأميركية المقبلة حدثاً عالمياً ذا تأثير عميق على السياسات الدولية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي لطالما كانت محوراً استراتيجياً للولايات المتحدة. فمع كل انتخابات رئاسية، تتجدد التساؤلات حول التوجهات التي ستتبناها الإدارة الجديدة تجاه قضايا المنطقة، بدءاً من الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة، وصولاً إلى العلاقات الاقتصادية والشراكات الاستراتيجية. ففي الوقت الذي تشهد فيه المنطقة تغيرات وتحولات جيوسياسية متسارعة، يبقى الدور الأميركي عاملاً حاسماً في تشكيل مستقبلها. وتكتسب هذه الانتخابات أهمية خاصة نظراً للتوترات المتصاعدة مع إيران، والتحولات في ملف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إضافة إلى التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه العديد من دول المنطقة. فكيف ستؤثر نتائج الانتخابات على هذه الملفات؟ وما هي الاستراتيجيات التي قد تتبناها الإدارة المقبلة لإعادة رسم خريطة نفوذها في الشرق الأوسط؟ تبقى هذه الأسئلة مفتوحة، فيما يترقب العالم بأسره ما ستسفر عنه هذه الانتخابات من تغييرات قد تكون مفصلية لمستقبل المنطقة.
خوري: محور الممانعة لا يرغب في أي من المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة
وفي هذا السياق، قال أستاذ العلاقات الدولية رئيف خوري لـ”هنا لبنان”: “الانتخابات الأميركية ستجري في الأسبوع الأول من شهر تشرين الثاني المقبل، لكن لن يتسلم الرئيس الجديد سلطة الرئاسة ويتبوأها إلا في 20 كانون الثاني من العام 2025. وبالتالي، هذه الفترة هي فترة انتقالية تسمى فترة التسلم والتسليم، ويحق للرئيس المنتخب أن يطلع على جميع أسرار الدولة وأن يطلع على المراسلات والعلاقات الدبلوماسية وغيرها. لكننا تعودنا على أن سياسة واشنطن لا تتغير فقط كل أربع سنوات عندما يتغير رئيس الجمهورية، إنما تتغير أيضًا من إدارة إلى أخرى. والرئيس الحالي جو بايدن لم يرسم سياسته الخارجية الاستراتيجية إلا بعد 14 شهرًا من توليه السلطة، وقام بتغيير مجموعة كبيرة من النقاط. الحياة السياسية الأميركية المتعلقة بالسياسة الخارجية دائمًا في تغيير، من اعتبار الشرق الأوسط لا يعنيها إلى اعتبار أن الشرق الأوسط يعنيها ويجب العودة إليه. عندما قال مثلًا باراك أوباما إن الشرق الأوسط لا يعنيه ويجب التركيز على الصين، ثم تبين بعد مرور ولايتين من عهد باراك أوباما، وولاية واحدة لترامب، وثم العودة إلى بايدن، أن المنبع الأساسي للطاقة هو الشرق الأوسط. وبالتالي، لا يمكن للولايات المتحدة أن تتجاهل هذه المنطقة، وإلا تكون قد تخلت عن دورها الريادي والقيادي في الاستراتيجية الدولية.”
وعن سؤال أي مرشح يخشى محور الممانعة، قال: “محور الممانعة لا يرغب بأي من المرشحين، بالرغم من وجود قوة يسارية داخل الحزب الديمقراطي، ممثلة بإليزابيث وارن وبرني ساندرز، ووجوه أخرى عديدة غيرهما، تميل بالحزب الديمقراطي نحو سياسة مختلفة في الشرق الأوسط تحاكي محور الممانعة، على رأسها إيران. وبالتالي، إيران أيضًا لديها لوبي قوي داخل الحزب الديمقراطي، ودائمًا يدعم سياسة إيران في المنطقة وتعديها على جوارها ومحيطها. إيران، إضافة لهذا اللوبي الموجود ضمن الحزب الديمقراطي المسمى ‘حزب الخيمة’، يضم عدة اتجاهات سياسية. لقد قضيت في العام 2020، بالرئيس الحالي جو بايدن كمرشح لهذا الحزب، لكي يقوم بالتسوية بين أجنحته، بين اليسار المتطرف واليمين المتطرف والوسط المعتدل. بالتالي، هذه مشكلة من المشاكل في الحزب الديمقراطي، لأن مرشحه دائمًا يشكل قاسمًا مشتركًا بين أجنحته. بينما كاملا هاريس تميل أكثر نحو اليسار، ونحو التيار المحيط بإيران، بالرغم من دعمها العلني لإسرائيل ولمحور الغرب عامةً وأوروبا خصوصًا. إنما بالنسبة لإيران، فهناك مشروع تسوية معها على غرار ما فعله باراك أوباما في العام 2015، عندما أقر الاتفاق النووي وطلب من مستشاريه ومن إدارته عدم ذكر سوريا والمشاكل الموجودة فيها واستخدام السلاح الكيماوي، لأنه لا يريد أن يؤذي إيران التي هددت مرارًا بالانسحاب من الاتفاق النووي.”
وأضاف: “بعد عملية ‘طوفان الأقصى’، تبين لدى أميركا أنها لا يمكن أن تتخلى عن حلفائها في الشرق الأوسط، لا سيما الدول العربية، لأنها ركائز أساسية في ازدهار أميركا اقتصاديًا، ولإجراء مصالحة بين الدول العربية وإسرائيل، والتي تبين أن لها دورًا حاسمًا في مواجهة روسيا وحلفائها.”
حرب: هاريس ستكون أخطر من بايدن
في المقابل، أشار مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي، توم حرب، إلى أن “الانتخابات الأميركية تتأثر بنسبة عالية بعلاقات الولايات المتحدة مع الدول غير الحليفة، بما فيها إيران في الوقت الحاضر. وتبين سابقًا في عهد أوباما أنه ارتبط بالنظام الإيراني، وهذا الارتباط حصل بعدما سبب أزمة داخلية وخارجية في الولايات المتحدة وفي الشرق الأوسط. داخليًا، لا مجلس النواب ولا مجلس الشيوخ أيدا إدارة أوباما في إبرام الاتفاق النووي، لأنهم لم ينجحوا في إنجاز معاهدة، ولإنجاز هذه المعاهدة ليُلتزم بها يجب أن تمر في الكونغرس ليصوتوا عليها، ولم يحصل ذلك لأنهم كانوا ضد الاتفاق. لذلك، كان توقيع أوباما توقيعًا رئاسيًا فقط، فعندما جاء الرئيس ترامب، استطاع إلغاء هذا الاتفاق ‘بشحطة قلم’، ولم يكن بحاجة للعودة إلى الكونغرس.”
وأضاف: “إذا نظرنا للعلاقة مع الشرق الأوسط، فلقد وطد الرئيس دونالد ترامب علاقته مع السعودية ودول الخليج، واستطاع إقناع أربع دول بإبرام اتفاق أبراهام مع الإسرائيليين. بينما في عهد أوباما، لم يكن أحد يرغب في إبرام اتفاقات أبراهام إلا في حال إقامة دولة فلسطينية. وكان مقتنعًا بأنه لإبرام اتفاق أبراهام مع الدول العربية وإسرائيل يجب حل الدولتين. ولذلك، اتخذوا خيارًا بضمانة أميركية في عهد الرئيس ترامب وطبّعوا مع إسرائيل. فهنا يظهر الفرق بين إدارة وأخرى فيما يخص الشرق الأوسط.”
وأكمل: “عندما تولى بايدن الرئاسة، لم تستطع إدارته أن تفعل شيئًا، لأنه قام بمعركة مع السعودية قبل وصوله إلى الرئاسة، وكان يلمح للعودة إلى الاتفاق النووي. إضافة إلى أن ترامب كان قد أدرج الحوثيين على لائحة الإرهاب، وهو قام برفعهم عن اللائحة.”
وقال حرب: “إدارة هاريس هي تكملة لإدارة بايدن، وليس لديها أي خطط استراتيجية للشرق الأوسط. لا بل ستكون أخطر من الرئيس بايدن، لأنها مقربة من الإسلام السياسي في الولايات المتحدة. ورغم ذلك، في حال وصولها إلى سدة الرئاسة ستعلن دعمها لإسرائيل، لكنها ستعطي ‘أوكسجيناً’ جديدًا للإسلام السياسي في الشرق الأوسط. ومن خلال هذه السياسة سيتمكن من استخدام نفوذه بشكل أكبر وأوسع، وربما سيستغل هاريس ليقوم بانقلابات في بعض الدول العربية. الاعتدال الإسلامي المتميز اليوم في دول الخليج والدول العربية سيذهب باتجاه تسوية مع روسيا ودول أخرى، ليحافظوا على وجودهم وخطورة الإسلام السياسي بوجود هاريس.”
وأضاف: “إنّ محور الممانعة يخشى المرشح دونالد ترامب، لأنه سيعود ويقوم باتفاقات دفاعية مع السعودية ودول أخرى في الشرق الأوسط، للذهاب للتطبيع مع إسرائيل. ولذلك، سيصل عدد الدول المطبعة مع إسرائيل إلى 40 دولة، من إندونيسيا ودول أخرى”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us