لبنان لا يريد الحرب: الآن أكثر من أي وقت مضى


خاص 25 أيلول, 2024

لم يعد المطروح للخروج من الأزمة، التوصل إلى هدنة داخلية كاذبة، هي المرادف لحرب باردة، سوف تنتج كل عشر سنوات حروباً ساخنة، والمزيد من تكرار تجارب عاشها الأجداد والآباء، وسيعيشها حتماً الأبناء، وربما أبناؤهم…

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

لم يسبق أن عاينت أغلبية وازنة من اللبنانيين من كل الفئات، خطر هيمنة مشروع يأتمر بأمر دولة تطمح لترسيخ نفوذها الإقليمي،على قراره، كما تختبره في مثل هذه الأيام الصعبة.

عندما بادرت مجموعة من النشطاء، إلى إطلاق حملة لبنان لا يريد الحرب، لم يكن من المتصور أن تشمل الحملة عشرات آلاف اللبنانيين المقيمين، ومثلهم في دول الاغتراب. هذا التفاعل كان تعبيراً عن وجود أكثرية من اللبنانيين، تؤمن باسترداد الدولة التي خطفت على يد هذا المشروع، الذي حطمها وحولها إلى أشلاء، وها هي تصبح ملحقاً بالدويلة، تنتظر أن يصدر القرار لتنفذه، أو تلعب على سبيل التشاوف، دور ساعي البريد. إنها الاستقالة المخزية من المسؤولية، أو هو الخوف على خسارة السلطة وأي سلطة.

على وقع الحرب المدمرة، يصرخ لبنانيون: لبنان لا يريد الحرب. على وقع نزوح عشرات الآلاف، من بيوتهم وأرضهم، يسأل لبنانيون: من أجل ماذا تدمر بيوتنا، ولأجل من يرهن مستقبلنا، ويقتل أطفالنا، وكيف تحولنا الى أكياس رمل، في لعبة إقليمية ودولية، لا ترى فينا إلا ساحة تسيل فيها دماؤنا على الأرض، دون أسف ولا خجل؟

أمام هذه التجربة المرة، بات على اللبنانيين أن يكونوا مستعدين، أكثر من أي يوم مضى، كي يقولوا لا بصوت عال، بات عليهم أن يترجموا صوتهم برفض الحرب إلى وقائع سياسية، بأيديهم كما فعلوا في 17 تشرين، حين أجهضت ثورتهم على يد من يعيش على استثمار الحرب، وعلى من ارتهن نفسه، فبات ورقة تتلاعب فيها المصالح الإقليمية والدولية.

لم يعد المطروح للخروج من الأزمة، مجرد حلول ترقيعية، أو تلاوة بيت من قصيدة العيش المشترك، فإحدى نتائج هذه الحرب، يجب أن تكون التأسيس لاستعادة دولة حقيقية، لا رديف لها، تمنع تكرار مشاهد الدمار كل عشر سنوات، لا بل تؤسس للسلام الدائم، المرادف للبناء والاستقرار.

لم يعد المطروح للخروج من الأزمة، التوصل إلى هدنة داخلية كاذبة، هي المرادف لحرب باردة، سوف تنتج كل عشر سنوات حروباً ساخنة، والمزيد من تكرار تجارب عاشها الأجداد والآباء، وسيعيشها حتماً الأبناء، وربما أبناؤهم.

بات المطلوب طاولة يجلس حولها الجميع ليحددوا خياراتهم، فإما اتفاق على أي وطن يريدون أو تفاهم حبي، على ترسيم حدود العلاقة داخل وطن واحد، بين من يريد الاستمرار بمسار انتظار الحرب، ومن يرفض أن يكون مستقبله نعشه.

إنها ساعة اختبار لن تتكرر.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us