سجناء لبنان ينزحون أيضاً: قلقون على حياتهم وذويهم
حركة النزوح في لبنان لم تقتصر على الأحرار والأشخاص الموجودين في المناطق الخطرة فحسب، بل امتدّت إلى السجناء الذين باتوا يعيشون شعور القلق المزدوج، قلقٌ على مصيرهم المحبوس بين جدران أربعة وآخر على أرواح من يحبّون خارجها
كتبت سمر يموت لـ”هنا لبنان”:
فرضت الحرب الإسرائيلية على لبنان واقعاً مأساويّاً جديداً أرخى بثقله على كلّ اللبنانيين بمن فيهم السجناء، وأدى إلى تفريغ العديد من السجون بشكل كامل، خاصة بعد توسع رقعة الاعتداءات الإسرائيلية التي طالت غالبية مناطق جنوب لبنان البقاع والضاحية الجنوبية وغيرها، ولم يقتصر الإخلاء على السجون الرئيسية فقط، بل انسحب على مراكز التوقيف التابعة لفصائل ومخافر قوى الأمن في كلّ منطقة.
أبرز السجون التي أُجلي منها السجناء كانت تلك الواقعة جنوبي الليطاني وبنت جبيل ومرجعيون وتبنين وصور كما تلك التي تقع شمالي الليطاني أيضاً.
منذ اليوم الأول لتطوّر الأحداث في لبنان وتحسّباً لمزيد من التصعيد وحفاظاً على أرواح السجناء، أعدّت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي خطّة طوارئ مؤلّفة من ثلاث مراحل، المرحلة الأولى كانت قبل ارتفاع وتيرة الحرب حيث قامت بإجلاء الموقوفين في النظارات المتاخمة للحدود اللبنانية -الإسرائيلية إلى مناطق أكثر أمناً، المرحلة الثانية جاءت بعد التصعيد، حيث أخلت السجون في مناطق بنت جبيل ومرجعيون وتبنين وصور، لتبدأ بعدها بتنفيذ الخطة الثالثة وتحديداً منذ نحو أسبوع وهي إفراغ سجن النبطية خاصة بعد التهديدات الإسرائيلية إضافة الى سجن بعلبك.
هذه المعلومات أكّدها مصدر أمني لـ “هنا لبنان” مشيراً إلى أنّ عدد السجناء النازحين من أماكن توقيفهم (السجون والفصائل والنظارات) بلغ نحو 550 سجيناً حتى الآن تمّ توزيع غالبيتهم على السجون المركزية الثلاث “رومية” و”زحلة” و”القبّة” فيما نقلت أعداد قليلة منهم إلى بعض السجون الصغيرة، وهذا العدد يرجح أن يرتفع فيما لو زادت حدّة الاعتداءات الإسرائيلية ورقعتها.
لا يُخفي المصدر أنّ عمليات الإجلاء تلك خلقت حالة من الاكتظاظ الإضافي في السجون وفرضت واقعاً جديداً أزعج نزلاءها الذين يعانون أساساً من أعدادهم المرتفعة، ما رفع من وتيرة احتجاجاتهم المطالِبة بالنظر بوضعهم في ظلّ البطء في المحاكمات، وأتت الحرب “لتزيد الطين بلّة” و”تُفرمل” أعمال قصور العدل باستثناء القليل منها.
إزاء كلّ ذلك، يُسيطر شعور الغضب والقلق على السجناء نتيجة الحرب القائمة، وقد تمّت الاستجابة لعشرات الطلبات المقدّمة من سجناء لنقلهم من أماكن توقيفهم إلى سجون قريبة من أماكن نزح إليها ذووهم، بيد أن محاولات احتواء الأزمات المتكررة التي تعاني منها سجون لبنان، لم تًبدّد قلق هؤلاء المنكبّين على ترقّب آخر التطوّرات الأمنية والأخبار العاجلة عبر هواتفهم الخلوية أو شاشات التلفزة المزروعة في السجون، ولم تُخفّف من خوفهم نتيجة سماعهم لأصوات الغارات الإسرائيلية وما يتأتى عنها من فقدان أهلٍ أو أحبةٍ أو أصدقاء.
في هذا الإطار يصف مصدرٌ مطلع على أوضاع السجون في لبنان الأمر بـ”المتأزّم” تماماً كما هو حال كلّ اللبنانيين، إن لم يكن الأمر أكثر صعوبة من الخارج، ويؤكّد أن هذا الواقع يتطلّب وعياً لكيفية امتصاص غضب السجناء وقلقهم المتزايد، كما يتطلب انتباهاً من احتمال استغلال السجناء للأحداث المفاجئة والطارئة وقيامهم بأعمال شغب أو محاولات فرار كما حصل عند إعلان اغتيال أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله حيث علت أصوات “التكبير” والبكاء وجرت محاولة تكسير أبواب تلتها محاولة فرار جماعي من سجن “رومية المركزي” وتحديداً من مبني الأحداث والمحكومين حيث حاول الفارّون الوصول إلى الباب الرئيسي قبل أن يتم منعهم من ذلك وردّهم إلى زنزاناتهم، ما استتبع تعزيزات أمنية واستحضار قوة عسكرية كبرى باتت متمركزة على الباب الرئيسي وكلّ الشوارع المحيطة بـ “رومية”.
إذاً، حركة النزوح في لبنان لم تقتصر على الأحرار والأشخاص الموجودين في المناطق الخطرة فحسب، بل امتدّت إلى السجناء الذين باتوا يعيشون شعور القلق المزدوج، قلقٌ على مصيرهم المحبوس بين جدران أربعة وآخر على أرواح من يحبّون خارجها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
أطفال لبنان يعيشون كابوس الحرب ويُرعبهم صوت “أدرعي” | سجناء “رومية” يصعّدون تجاه الأوضاع اللاإنسانية | في اليوم العالمي لمنع الإنتحار: شهاداتٌ حيّة.. أرقامٌ مقلقة في لبنان وعجزٌ في الحلول |