إيران وحزب الله: شراكة على المحك؟
هل بدأت إيران في التخلي عن “الحزب” كجزء من استراتيجية أوسع لتحسين شروطها في المفاوضات النووية، وتفادي مواجهة مباشرة مع إسرائيل والغرب؟ وهل مصالح إيران الإقليمية قد تؤدي إلى تقليص دعمها العسكري والسياسي للحزب في المستقبل القريب؟
كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:
في السنوات الأخيرة، طُرحت تساؤلات عديدة حول طبيعة العلاقة بين إيران وحلفائها في المنطقة، خاصة في ظل التطورات الإقليمية والدولية التي تطرأ على الساحة. فإيران، التي لطالما اعتُبرت الداعم الرئيسي لحزب الله منذ تأسيسه في الثمانينات، تُواجه اليوم تحديات معقدة على عدة جبهات، من بينها مفاوضات الملف النووي مع القوى الكبرى والضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات الغربية. في هذا السياق، يظهر تساؤل مهم: هل بدأت إيران بالتخلي عن حزب الله كجزء من استراتيجية أوسع لتحسين شروطها في المفاوضات النووية، وتفادي مواجهة مباشرة مع إسرائيل والغرب؟ وهل مصالح إيران الإقليمية قد تؤدي إلى تقليص دعمها العسكري والسياسي لحزب الله في المستقبل القريب؟
أبي نجم: إيران تستخدم حزب الله من أجل تحسين شروطها في المفاوضات النووية
وفي هذا السياق، قال رئيس تحرير موقع”IMLEBANON” طوني أبي نجم: “من يتابع مجريات الحرب يلاحظ أنه بشكل من الأشكال هناك ابتعاد واضح بين إيران وحزب الله. منذ حادثة تفجير أجهزة “البايجرز” إلى اليوم، يعجز حزب الله عن استخدام صواريخ دقيقة وباليستية. الجميع يعلم، وباعترافات قيادات ميدانية في حزب الله، أن الأمرة على كل سلاح ثقيل لدى حزب الله هي أمر إيراني، مما يمنع إطلاق أي صاروخ من دون إذن الإيراني. ومن الواضح أن إيران لا تسمح لحزب الله بالرد بهذا الشكل، مما يسبب عجزاً وإحراجاً كبيراً للحزب. وهذا نتيجة نوع من أنواع التخلي، أو أن إيران تنفذ مصالحها لتجنب الدخول في حرب أكبر تدفع ثمنها مباشرة. إيران تعلم أن استعمال هذا النوع من السلاح سيعرضها لرد إسرائيلي داخل إيران، وبالتالي هي تضحي بحزب الله وتمنعه من القيام بأي عمل من هذا النوع لحماية نفسها.”
وأضاف: “صدرت عن إيران تصريحات متناقضة، من جهة من قبل الحرس الثوري الإيراني، ومن جهة أخرى من مسؤولين إيرانيين مؤكدين الرد الحتمي على اغتيال القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية، ثم يصرح الرئيس الإيراني بأن الإيرانيين والأميركيين إخوة وهم دعاة سلام. الإيراني يقاتل بحزب الله وبالميليشيات الشيعية العربية لأنه يريد أن يحمي نظامه ومصالحه. ولا يهمه نظام لبنان ولا المصالح العربية، ولا يهتم حتى لما يمكن أن يصيب هذه الميليشيات، لأنها ميليشيات يدعمها بالمال والسلاح لتقاتل عنه، وبالتالي هي التي ستدفع الأثمان.”
وقال أبي نجم: “إيران تستخدم حزب الله وعملياته للحصول على مكاسب من دول أخرى، أي لتحسين شروطها في المفاوضات النووية. والدليل أنه منذ اندلاع الحرب في لبنان والهجمات الإسرائيلية، صرح الرئيس الإيراني بأن بلاده مستعدة للذهاب إلى طاولة المفاوضات النووية مع الدول الكبرى في نيويورك إذا أرادوا ذلك. هذا يؤكد كيفية عملية المساومة على حساب لبنان وأمنه واستقراره، كما حدث مع حماس في السابق، باعتراف خامنئي، قامت حماس بعملية ضد إسرائيل لوقف التطبيع العربي-الإسرائيلي. إذن، دائماً ما يدفع الإيرانيون الأثمان على حساب الدول العربية لتحسين مواقعهم.”
أبو فاضل: المعارضة خائفة وضعيفة
من جهة أخرى، قال ناشر موقع “الكلمة أونلاين” سيمون أبو فاضل: “من غير الممكن أن تتراجع علاقة حزب الله بإيران في مثل هذا الوضع، فإيران هي التي تدير العلاقة وتوجهها. وعلى ما يبدو أن إيران تحجم حركة حزب الله، وتعرض الحزب لكثير من الضربات. إلا أن إيران لا تسمح لحزب الله أن يعتبر نفسه في وضع سليم ويقوم بعمليات عسكرية قد ترتد عليه سلباً وتدمره، في وقت تحتاج إيران للحزب في المستقبل. في هذا الظرف، تقوم طهران بتحجيم الحزب لكنها لا تبيعه، بعد أن تعرض لعدة عمليات أمنية واغتيالات أدت إلى تفكك بنيته الهيكلية (أي الأمنية العسكرية). الأكيد أن إيران وضعت سقفاً لرد الحزب، وهذا نتيجة ثمن وليس مجاناً”.
وعن استخدام حزب الله كورقة ضغط في المفاوضات النووية، أضاف: “ليس فقط حزب الله، بل المنطقة بأسرها حين سمحت إدارة أوباما للتمدد الإيراني. كان البعض يعتبر نزع سلاح حزب الله مسألة وقت، لكن في كل مرة كانت هناك مفاوضات على المستوى الإقليمي مع إيران، وكان هناك أمل في السلام. إلا أن هذه المرة، أصبحت هناك قناعة لدى إسرائيل، وبدعم أوروبي، بأنه يجب إنهاء هذا السلاح، باعتبار أن إسرائيل في خطر وجودي وتريد إبعاده ضمن شروط تتحدث عنها. وهذه الدول تعتبر أن هذا السلاح لا يعطي نتيجة، بل هو سلاح للفوضى والدمار في المنطقة.”
وقال أبو فاضل: “لا تستطيع إيران تقليص دور حزب الله، بل هناك تحجيم للدور لأن هناك تسوية وهناك قطع لإمدادات السلاح. والسؤال هنا: كيف تأثر الحزب بعد اغتيال قادته؟ من هذا المنطلق، الخوف هو أنه في لحظة التسوية قد يكون هناك شيء في الداخل بالمقابل لا سيما أن الفريق المعارض بدا خائفاً وضعيفاً تحت شعار أنه حريص على الداخل، بينما يجب الفصل بين الواقع الإنساني والاجتماعي ويجب تسجيل موقف مبدئي لا علاقة له بالفتنة بل بتحديد مصير البلد، لأنه في ظل هذا التفكك، يراهن حزب الله على أن ما خسره عسكرياً يعوضه سياسياً.”
وأشار إلى أن: “الانتخابات الأمريكية تؤثر على مصير الملف النووي. فإذا فازت كامالا هاريس، قد يصب الأمر في صالح إيران، وتصبح العلاقة معها جيدة. أما إذا فاز ترامب، فقد يكون هناك تفاهم بقيود جديدة، لأن ملف النووي يتأثر. الإيرانيون يحاولون أن يكونوا إيجابيين باعتبار أن هاريس متقدمة، فيجب أن تكون العلاقة جيدة معها.”
مواضيع مماثلة للكاتب:
إرث لبنان المهدد بين نيران الصراع وصمت العالم | سياحة على وقع الحرب ضربات متتالية على الرأس | لبنانيو أميركا: لوبي مؤثر تنتظره مهمة انقاذ |