مناورة بري تتحول إلى مأزق


خاص 9 تشرين الأول, 2024

الرئيس نبيه بري كان يشترط إجراء حوار لأيام يسبق انتخاب الرئيس، وهو اليوم يتخلى عنه. فما الذي حصل وجعل بري يتراجع عن موقفه ويؤكد أنّ موقفه المستجد يحظى بموافقة “الحزب”، بعد تهربه من عقد جلسة لانتخاب رئيس منذ نحو سنة وأربعة أشهر أي في 14 حزيران 2023؟

كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:

بعد اغتيال أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله بثماني وأربعين ساعة، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عين التينة وصرح على إثر الزيارة بأنّ لبنان يلتزم بتطبيق القرار 1701 ويرسل الجيش إلى جنوب نهر الليطاني، ثم كشف ميقاتي أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري أكد له أنه فور وقف إطلاق النار “سيدعو إلى جلسة لانتخاب رئيس جمهورية توافقي، رئيس لا يشكل تحدياً لأحد”. وهنا يكمن التراجع أو التحول في الموقف الذي دأب عليه “الثنائي الشيعي” المؤلف من بري وحليفه “حزب الله” في التمسك بترشيح سليمان فرنجيه منذ آذار 2023 والذي ينتمي سياسياً إلى هذا المحور ويشكل تحدياً للقوى السياسية الأخرى. كما أنّ بري، وهو الذي يتحكم بإدارة المجلس، كان يشترط إجراء حوار لأيام يسبق انتخاب الرئيس، وهو أمر غير دستوري، وهو اليوم يتخلى عنه، ناهيك عن الموافقة على إرسال الجيش إلى جنوب الليطاني أي المكان الذي يتواجد فيه عناصر “حزب الله” والذي تصر إسرائيل على تراجعه من هناك إلى شمال الليطاني. فما الذي حصل وجعل بري يتراجع عن موقفه ويؤكد أنّ موقفه المستجد يحظى بموافقة “حزب الله”، بعد تهربه من عقد جلسة لانتخاب رئيس منذ نحو سنة وأربعة أشهر أي في 14 حزيران 2023؟ لا شك أنّ الحدث الأهم هو قيام إسرائيل باغتيال نصرالله الذي غيّر من دون أدنى شك المعادلة التي كانت قائمة لبنانياً وإقليمياً، وأضعف من قدرة “حزب الله” على المناورة والتشبث في موقفه، خاصة بعد أن أصبح بلا رأس. وأدى إلى خسارة الثنائي الشيعي بعضًا من وزنه اللبناني الذي ساهم فيه نصرالله منذ أكثر من ثلاثين سنة، فسارع بري كعادته إلى “ملء الفراغ” طارحاً موقفاً مفاجئاً وبهذه السرعة. فهل هذا موقف جديد نابع عن قناعة أم أنّه مناورة من مناورات بري المعهودة؟ أمام هذا الطرح سارع فرنجيه إلى زيارة عين التينة ليطمئنّ إذا كان بري لا يزال يدعم ترشيحه، ومقابل تأكيده على دعم بري له يرد على سؤال قائلاً أنّ قائد الجيش جوزف عون هو مرشح شرعي وأفضل المرشحين.

كتب الزميل أحمد عياش طارحاً احتمال فكرة أن يصبح بري أميناً عاماً لـ”حزب الله”، والقصد من هذه الفكرة أن بري سيتمكن عملياً من القيام بدور الزعيم الشيعي الأوحد حتى إشعار آخر. ولكن هذا يعني أيضاً بطبيعة الحال أنّ “حزب الله” وزعيمه نصرالله كانا هما من يقفان معارضين لانتخاب رئيس توافقي، وأنّ “الحزب” هو الذي كان يربط الرئاسة اللبنانية في حرب غزة، وهو الشرط الذي كان “الثنائي الشيعي” ينكره. وبطبيعة الحال كان نصرالله يقف ضد تراجع حزبه إلى شمال الليطاني من دون مفاوضات أو تسوية معينة. وقد تأمل كثيرون أن يكون موقف بري حقيقياً وناتجاً عن قرائته الواقعية للتطورات وليس مجرد مناورة تضعه في موقع غير مقبول شيعياً.

في هذه الأثناء وصل إلى بيروت وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وقد اعتبر أكثر من طرف أنه جاء معزياً وداعماً للبنان في محنته. واذ به في مؤتمر صحافي عقده في عين التينة بالذات يعلن أنه ضد وقف إطلاق النار ومع استمرار ربط لبنان بحرب غزة، وأفهم بري أن لا مجال لقيادة لبنانية للشيعة، ولا تعزيز للوحدة الداخلية، وأنّ القرار الشيعي لن يكون لبنانياً إذ تكشف أنه كان وراء دفع المجلس الشيعي إلى عدم المشاركة في المؤتمر الروحي الذي كان يحضر له البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي بعد اغتيال نصرالله، بعد أن كان بري قد شجع الشيخ علي الخطيب على المشاركة… وإذ برئيس المجلس يعود إلى الكلام عن ربط انتخاب رئيس الجمهورية بوقف إطلاق النار. فمتى يحصل هذا الأمر ومن يقرره؟ أي أنّ الانتخاب أصبح في خبر كان!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us