كريم بقرادوني وهنري كيسينجر


خاص 11 تشرين الأول, 2024

“طرف لن يربح وطرف لن ينهزم” معادلة تتقاطع مع ما كتبه وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية السابق هنري كيسينجر عن حرب فيتنام: “تخسر الجيوش التقليدية إذا لم تنتصر، وتنتصر العصابات إذا لم تخسر”. أهو مجرّد توارد أفكار بين الرجلين بفارق زمني بعيد؟ أم أنّ هنري كيسينجر كان متأثراً بكريم بقرادوني؟


كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:

24 عميداً لبنانياً متقاعداً من الخبراء بالأمن القومي والاستراتيجي ملأوا شاشات القنوات المحلية والفضائية منذ بدء “طوفان السنوار” حتى إغراق لبنان. وبين عميد خبير وصحافي “نظّير” إستضافت إحدى محطات التلفزة السياسي المخضرم كريم بقرادوني في حوار تحليلي شيّق.
رغم بلوغه الثمانين لا يزال بقرادوني يتمتع بحيوية ذهنية مذهلة وهو القادر في كل مقابلة على استيلاد المعادلات والمقاربات بوتيرة قل نظيرها عند نظرائه. كل خمس دقائق يرتجل معادلة مرفقة بابتسامة تشير إلى إعجابه بما صدر عنه. والمشاهد الخبير بالـ “بقرادونيات” لا يسعه بدوره سوى مبادلته الإبتسام.
منذ عقود أربعة أتابع من قرب ومن بعد، بإعجاب ما بعده إعجاب، تألّق بقرادوني القادر على إقناع البعض أنّ العماد البحّار إميل لحود قائد تاريخي يرهب العدو بتغريدة من تحت الماء، وأن يسبغ على الجنرال ميشال عون صفات ديغولية ونضالية، ولو تسنّى له تدوين سيرة العماد ميشال سليمان لوضعه بمنزلة وسطى بين جنرال الرابية وجنرال الحمام العسكري. لكريم بقرادوني أسلوبه الخاص في القراءة والإستقراء، أسلوب “أكروباتي” يعتمد على الجناس والطباق وكل المحسّنات اللغوية.
“قدرة إسرائيل على مواصلة القتال أقل من قدرة “حزبُ الله” على الإحتمال”، قال قبل أيام من اغتيال سماحة السيّد. إحتمال “الحزب” بلا سقف وبلا قعر وبلا حدود بتقديرات بقرادوني. ودعم فكرته بالإنتقال إلى “سلوغان” آخر: “دُمّرت غزة وما قدرت توقف حماس”، ليخلص المشاهد إلى استنتاج بسيط: يمكن للعدو تدمير لبنان على رؤوس بنيه ومهجّريه ونازحيه ولن يوقف “الحزب” عند حدّ وحدود!
يعتقد بقرادوني، أنّ خيار الدولتين، في فلسطين هو الحل الوحيد. ونصف سكان الكرة الأرضية يشاطرونه الرأي. كما يعتقد أنّ الحصول على السلم يقتضي أن يكون لديك القوة على الحرب. إكتفى بعرض بنات أفكاره المثيرات. حلّل و”اعتقد”: كثيراً ولم يجزم سوى بأمر واحد في حرب “إسناد غزة” ألا وهو: “طرف لن يربح وطرف لن ينهزم”، أعاد جملته الساحرة مرّتين وكأنه يريد أن يرى وقعها على وجوه مدام عزيز ومشاهديه الأعزاء.
ما حصل في حرب تموز 2006 خير دليل على “لمعة” بقرادوني. لا العدو ربح ولا “الحزب” انهزم. ويكفي ألّا ينهزم “الحزب” ليعلن على الجمهور العريض انتصاره المبين.
“طرف لن يربح وطرف لن ينهزم” معادلة تتقاطع، بشكل ما، مع ما كتبه وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية السابق هنري كيسينجر العام 1969 عن حرب فيتنام: “خضنا حرباً عسكرية وخاض خصومنا معركة سياسية. سعينا إلى استنزافهم جسدياً فأنهكونا نفسياً. وفي خضم الحرب غفلنا عن إدراك أهم مبادئ حرب العصابات: تخسر الجيوش التقليدية إذا لم تنتصر، وتنتصر العصابات إذا لم تخسر”.
أهو مجرّد توارد أفكار بين الرجلين بفارق زمني بعيد؟ أو أنّ هنري كيسينجر كان متأثراً بكريم بقرادوني؟

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us