“فائض المعنويات” لدى “الحزب”


خاص 12 تشرين الأول, 2024

المعنويات لا يحتاج إليها إلا المحبَطون لا المنتصرون، وتاريخ الحروب حافلٌ بأسماء لامعة في تقديم المعنويات للجيوش والشعوب. ولكن ما كان ينجح في السابق يستحيل أن ينجح اليوم، ويستحيل رفع المعنويات إذا لم تكن مقرونة بشيء من الإنجازات لأنها سرعان ما ستظهر مجوَّفة وخالية من أي مضمون

كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:

يحتاج حزب الله اليوم، أكثر من أي يومٍ مضى، إلى المعنويات، وهي عنصر أساسي في المواجهة القائمة بينه وبين إسرائيل، وقد نجح مسؤول الإعلام في الحزب ، محمد عفيف ، في ضخ جرعة لا يستهان بها من هذه المعنويات، من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي خلفية الصورة مشاهد الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية.

في إحدى جرعات المعنويات ، يقول عفيف : “… إلى العدو أقول: لم ترَ بعد إلا القليل من ضرباتنا. المقاومة بخير، وتدير حقل ‏رمايتها وتوقيت صلياتها بما يتناسب مع قراءتها للميدان وظروفه الموضوعية، مخزونها ‏الاستراتيجي بخير”.

كلام عفيف جاء غداة الغارة الإسرائيلية في قلب بيروت والتي قال الجيش الاسرائيلي إنها كانت تستهدف رئيس وحدة الاتصال والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، الذي هو على صلة قرابة مع عفيف، الذي لم يتطرق في مؤتمره الصحافي إلى الغارة وإلى استهداف صفا . فهل تغييب الحديث عن الغارة وعن صفا جزء من استحضار المعنويات على حساب تلقي الضربات؟

عفيف ، وفي معرض رفع المعنويات ، يتوجه إلى المقاتلين ويخاطبهم قائلًا : “إذا سمعتم أو شاهدتم بعض جنود العدو في هذه القرية أو تلك ، أو صورا قديمة ‏أو جديدة عن هذا النفق أو ذاك فلا تقلقوا ولا تضعف معنوياتكم”.

السؤال الذي يطرحه المراقبون هو: “ما حاجة حزب الله إلى رفع المعنويات، وصولًا إلى الفائض منها، إذا كان منتصرًا منذ الثامن من تشرين الأول من العام الفائت ، ونحن اليوم في الاسبوع الأول من السنة الثانية على هذه الحرب؟

إذا انتهجنا الواقعية في استحضار الأجوبة ، فإن المعنويات لا يحتاج إليها إلا المحبَطون لا المنتصرون، وتاريخ الحروب حافلٌ بأسماء لامعة في تقديم المعنويات للجيوش والشعوب ، من ألمع الأسماء في هذا المجال جوزيف غوبلز وزير الدعاية لدى أدولف هتلر ، وفي التاريخ الأقرب سعيد الصحاف وزير الإعلام في آخر الحكومات العراقية أيام الرئيس صدام حسين.

غوبلز والصحَّاف كانا مضرب مثل في “إعلام المبالَغة” ، وبين غوبلز والصحَّاف، مر في تاريخ “إعلام المعنويات” المذيع المصري أحمد سعيد .

الجامع المشترك بين الثلاثة، غوبلز وسعيد والصحاف، أنهم كانوا يقومون بجهود جبارة لستر الهزيمة ومحاولة تصويرها على أنها انتصار.

ما كان ينجح في السابق، على الأقل أيام غوبلز وسعيد، يستحيل أن ينجح اليوم، لا مكان لغوبلز وسعيد في عصر تتسابق فيه وسائل التواصل الإجتماعي على كشف ما تحاول إخفاءه وزارات الإعلام ، وما يصدر متأخرًا في الإعلام التقليدي.

وفي المحصِّلة يستحيل رفع المعنويات إذا لم تكن مقرونة بشيء من الإنجازات، لأنها سرعان ما ستظهر مجوَّفة وخالية من أي مضمون.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us