ونحن.. “أين جبهة إسنادنا؟”


خاص 12 تشرين الأول, 2024

اليوم لبنان أحقّ بالإسناد، ولكن من سيسنده؟ من سيعيد إعماره؟ من سيخرجنا من الحصار الناري الذي فرضته علينا إسرائيل؟ فإيران لا تفكر بأن تخوض حرباً لأجل ذراعها اللبناني، وكأنّها بكل وقاحة تقول للبنان: ساند دون أن تجد لكَ سنداً! حارب حتى تحرق شعبك وأرضك ولا تحلم أن نحرق رصاصة لأجلك!

كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:

حوالي 1500 شهيد، وقرابة الـ9 آلاف جريح، سقطوا منذ 16 أيلول في لبنان! أي في 25 يوماً! في حين هجّر أكثر من مليون لبناني، وتدمّرت قرى ومناطق عدة في الجنوب والبقاع، أما الضاحية الجنوبية لبيروت وأحياؤها فاستحالت ركاماً بكل ما للكلمة من المعنى!

أكثر الشهداء هم من النساء، والأطفال والمدنيين، وبيروت العاصمة لم تعد بمنأى عن الطيران الإسرائيلي وصواريخه، مثلها مثل جرود جبيل وكسروان. وهذا المناخ ليس بعيداً عن شمال لبنان الذي اخترقت أمنه مسيّرة إسرائيلية، منفذة عملية اغتيال في مخيم البداوي.

الخسائر اللبنانية، لا تعد ولا تحصى، إن على صعيد البشر أم الحجر. والمشهد ليس أفضل في الجسم القيادي لحزب الله، فعملية الاغتيالات استهدفت الصف الأوّل وصولاً للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ومن طرح خليفة له.

الحزب الذي دخل في 7 تشرين الأوّل 2023 لإسناد غزة، ولإلهاء الجيش الإسرائيلي ها هو اليوم بلا إسناد، بل هو من أصبح بحاجة لدعم غزة إذ أصبح مصيره مرتبطاً بتحرير الأسرى وفق الموقف الأخير لإسرائيل.

وسط كل هذا، إيران بمنأى عن أيّ عمل عسكري يدعم لبنان، مثلها مثل كل الساحات، وكأنّ مبدأ الوحدة كان مفروضاً على الحزب الذي كان عليه أن يندمج ويدمج معه البيئة اللبنانية، في كل حروب المنطقة! أما وقد أصبح لبنان بحزبه وشعبه ومناطقه في قلب الحرب، فها هو يقف وحيداً، والساحات تركت سلاحها واكتفت بخطابات داعمة لا توقف إراقة الدماء ولا تحجب الجنون الإسرائيلي.

ربما فات الأوان، لنقول أنّنا ندفع الثمن. وربما لا ينفع في هذا التوقيت بالذات الدخول في مزايدات لا أفق لها، ولا أن نلقي اللوم على أيّ طرف. فكل هذا مؤجل لنهاية الحرب إن انتهت قريباً، والمحاسبة لا بد أن تكون ولكن في توقيتها المناسب.

أما اليوم فالصوت هو للسلاح، وللغارات، وللمبادرات، على أمل أن تخترق إحداها الجمود الدولي تجاه المجازر اللبنانية، هذا الجمود الذي تأسس بما اقترفه حزب الله من خلال زجّ وطن بأكمله بجبهة لم ننل منها إلاّ الدمار!

اليوم لبنان أحقّ بالإسناد، ولكن من سيسنده؟ من سيعيد إعماره؟ من سيخرجنا من الحصار الناري الذي فرضته علينا إسرائيل!

إيران، التي اكتفت بمساعدات خجولة، لا تفكر حتى الآن بأن تخوض حرباً لأجل ذراعها اللبناني، فمصالحها فوق كل شيء. وما وصلنا منها لا يرتقي إلى المستوى المطلوب، وحدها الدول العربية تمدّ جسور المساعدات الإغاثية إلى لبنان كي يبقى صامداً، ولولاها لما كانت مستشفياتنا قادرة على الصمود ولما كانت الدولة المنهارة قادرة على تأمين الحد الأدنى للنازحين، الذين ما زال بعضهم في الشوارع!

إذاً، الموقف الإيراني لا يبشر بإسناد، مثله، مثل الموقف السوري والعراقي وحتى “الحوثي”، فالجميع يضع مصلحته أولاً، وحده لبنان الذي قدّم مصلحة الساحات على مصلحته الوطنية يدفع الثمن!

وهذا الثمن ليس حصراً بالحرب، بل ما بعدها يكاد يكون أكثر ظلامية، فهل من دعم إعادة الإعمار بعد تموز 2006 مستعد اليوم لإعمار قرى ومناطق تنافس قياديوها في توجيه الشتائم لدول الخليج وفي إعلاء راية إيران فوق راية العرب!

وهل ستعود الدول العربية إلى لبنان بعد الحرب؟ هل ستضخ به الأموال والمساعدات؟ وهل سترعى المؤتمرات بهدف إعادة البنيان!

حتى الآن الحضن العربي ما زال مفتوحاً ولكنه ليس ذاك الحضن الذي عهدناه. فالعرب الذين كانوا يسهرون على عدم إنجرار لبنان إلى حرب شعواء، ها هم اليوم يراقبون ويكتفون بمنحنا أدوات الصمود، أما إيران فهي ما زالت على تعنتها وتريد للبنان ألا يفك الجبهة وهذا ما خيّم على لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالرئيس نجيب ميقاتي، فاللقاء كان حقاً عاصفاً ولغة التهديد والوعيد وصلت إلى الأروقة، وكأنّ إيران بكل وقاحة تقول للبنان: ساند دون أن تلقى لك سنداً! حارب حتى تحرق شعبك وأرضك ولا تحلم أن نحرق رصاصة لأجلك!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us